إلى وجه من وجهت الطفلة الفلسطينية الحرة عهد التميمي صفعتها التي أصابت بها كرامة جيش الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة؟
وعلى وجه من نحتاج لمئات من الصفعات من فتيات في عمر الزهور علها تقلق منام تلك الأمة المليارية، عسى أن تفيق من غفوتها التي طالت، فصارت لعبة في يد الصغار، وصار المليار ونصف المليار نهبة في يد كل من يريد، وكأننا لم نعرف الحضارة يوماً، وكأن آباءنا لم يبذلوا حياتهم في سبيل تمكين دين ارتضاه الله رحمة للعالمين، فصاروا هم أداة تلك الرحمة، حرروا بها الأرض من ربقة العبودية للإنسان ووقفوا بالمرصاد لكل طاغ معتد، وأنصفوا بها المظلومين في كل مكان وطأته أقدامهم؟
عهد التميمي زهرة فلسطين التي لم تخنع ولم تضعف ولم تخف سلاحاً مصوباً تجاهها في يد محتل قتل الأطفال والنساء والمقعدين، لم توجه للمحتل وحده تلك الصفعة، إنما وجهتها للعالم كي ينتبه أن في تلك الأمة جيلاً لا يهاب سلاح المحتل، ولن يخيفه إرهابه، وأن الأرض عنده أغلى من الروح.
لم توجه عهد التميمي للمحتل وحده تلك الصفعة، إنما وجهتها للعالم كي ينتبه أن في تلك الأمة جيلاً لا يهاب سلاح المحتل، ولن يخيفه إرهابه، وأن الأرض عنده أغلى من الروح
فهل يمكن أن تفعلها الأمة وتصفع ذاتها ندماً على ما جرته على نفسها من ويلات احتلال وذل وتبعية، ثم الاستسلام لحكام أشد بأساً من المحتلين، حكام يصدّرون لشعوبهم الجهل والتخلف والمرض والفقر والتبعية بالإرهاب والتخويف والتخوين والقمع.
كم صفعة يجب أن توجهها الأمة مجتمعة على وجه بعض علماء الدين كي يفيقوا، هؤلاء الذين استخدموا علمهم في تخدير شعوبهم فنجدهم يحببون الناس في الزهد و الفقر والرضى بالقليل والصبر على الواقع، ويتوعدون الطامحين بعذاب النار وغضب الله، بينما أرضهم وخيراتهم منهوبة على يد عصابة حكامهم، وكانت النتيجة هذا الهوان الذي تحياه الأمة، الفقر المدقع يحياه ويعاني تبعاته الملايين من العرب مرضاً وجهلاً، ليتضاعف الفرق بين الطبقات في بلاد المسلمين حداً لا يوصف، وفي الوقت الذي يقومون فيه بتزييف وعي الشعوب لا يستطيع أحدهم إلا من رحم ربي أن يوجه كلمة نقد للحاكم على جرائم قتل وسرقة في حق شعبه ظاهرة للعيان!
كم صفعة يجب أن توجهها الأمة مجتمعة على وجه بعض علماء الدين كي يفيقوا، هؤلاء الذين استخدموا علمهم في تخدير شعوبهم
كم صفعة تكفي هؤلاء كي ينتبهوا ويلزموا جانب الحق، ويظهروا للناس أن الدين عزة وكرامة وقبول الدنية ليس ديناً، وأن من مات في سبيل ماله أو عرضه أو أرضه فهو شهيد .
كم صفعة تكفي هؤلاء كي يعلموا أن ما عند الله خيرٌ مما في يد الحاكم، وأن كلمة حق يقولها عالم قد تحيي أمة بعد موات! كلمة حق تحيل أمة رعاة إلى أمة توقف حاكمها الذي تدين له العرب والعجم تسأله عن ثوبه كيف هو أكثر طولا من أثوابهم فتستحق أن يكون حاكمها عمر. فهل يفعلها علماء الأمة بعد صفعة عهد التميمي؟
كم صفعة تحتاجها شعوبنا لتفيق من غفوة كلمة "لا نستطيع"، حينما يقفون مذعورين أمام آلة العسكر متحججين بالخوف من الاعتقال أو القتل؟
كم صفعة تحتاجها شعوبنا لتفيق من غفوة كلمة "لا نستطيع"، حينما يقفون مذعورين أمام آلة العسكر متحججين بالخوف من الاعتقال أو القتل
لست أملك إنكار أن الحكم في بلادنا هو حكم قمعي في المقام الأول، ولن يسمح بسهولة أن يسلم ذلك البنك المفتوح له بغير رقيب أو محاسب، فالبلاد ما زالت خاضعة لبضع من الأشخاص يتصرفون فيها وكأنهم يملكون الوطن، يتوارثونه ويورثونه كيف شاؤوا، لكن أن يستسلم الشعب بمطالبته بحقوقه خوفاً من أنهم يقدرون بكل ما أوتوا من قوة وشرعية مزيفة أن يسجنوا شعبا أو يقتلوه بأكمله!! فهذا غير مقبول البتة!
المستبد -أياً كان- في حقيقته يخاف غضبة ذلك الشعب أن تطاله أو تخلعه من جذوره ، ولو يدري الشعب مدى رعب المستبد من تلك الغضبة لعجل بها منذ اليوم الأول لانحراف الحاكم أو انقلابه، ولذلك تجده أجبن من أن يواجه الجماهير التي يدعي ويوهم العالم أنها تؤيده تأييداً مطلقاً، فهو لا يستطيع مواجهتها إلا من وراء حصون وآلاف من الجنود والحراس، فهو كاذب في ادعائه، وهو في حقيقته يعيش في حالة من الرعب من شعبه، من تلك اللحظة التي يمكن أن يعي فيها حقيقة أمره الهش، ومن لحظة الانتفاضة الكبرى التي تخلع جذور الظلم وتبيدها، فهل تفعلها الشعوب وتفيق وتوقن أنها قادرة على إعادة حقوقها وكبح جماح الظالمين، كم من صفعة تكفيها لتدري؟كم صفعة تحتاجها الأمة العربية للخروج من بوتقة الانشغال بقضايا جانبية تشغلها عن قضيتها الأساسية، وهي قضية التحرر من قبضة الاستبداد؟
كم صفعة تحتاجها الأمة العربية للخروج من بوتقة الانشغال بقضايا جانبية تشغلها عن قضيتها الأساسية، وهي قضية التحرر من قبضة الاستبداد؟
هل تفيق الشعوب العربية وتنفض عنها حالة الغياب وتعلم حقوقها بعد أن فرض عليها المستبد واجباتها لعشرات السنوات العجاف؟ فضاعت المقدسات والحكام يشغلونا بالقومية، أهدرت الدماء والحكام يشغلونا بالحروب الداخلية، ضاعات الحريات والحكام يشغلونا بالفقر، جاع الناس والحكام يشغلونا بالإرهاب!
كل هذا والشعوب تتلقى ما يمليه عليها حكامها الذين هم في حقيقة الأمر مجرد عاملين لديها إن فقهت الشعوب، لها حق محاسبته ومساءلته ومحاكمته، فهل تفيق الشعوب من صفعة عهد أم أنها تحتاج لمئات من الصفعات؟
هل تعي الشعوب أن الحل في يدها وأن السماء لا تمطر حرية إلا لمن يبذل ثمنها ؟ هل تدرك الشعوب العربية أن أي طريق يجب أن تعبره يستلزم خطوة أولى، وأن الخطوة تلك لن يخطوها غيرها بدلا منها؟ وأن الحراك لن يأتي هدية من الشرق أو الغرب وإنما من داخلها هي وبقرار منها وبإرادة تزلزل آلة الطغاة ليفرض الشعب كلمته وإرادته وينتزع حقوقه؟
لله درك يا عهد التميمي، وكل عهد تحتاجها أمتنا.