كيف أتعامل مع ابني المراهق؟

الرئيسية » استشارات تربوية » كيف أتعامل مع ابني المراهق؟
d79d3ee788b924034c1f19c6d15431819bf2a1d0

-قالت لي تطلب النصح: ابن صديقتي عمره أربعة عشر عاماً.

-قلت في نفسي: مؤكد ستقول لي: إنه أصبح انفعالياً سريع الغضب، حساساً، يقضي يومه برفقة الجوال، خاملاً يقضي يومه في النوم.

وفعلاً هذا ما حدث -إذ أكملت- أن صديقتها تعاني مع هذا الرجل الصغير، الذي تغيَّر فجأة، ولم تعد تعرف كيف ستعامله، إذ تثور ثائرته بمجرد أن تنذره أو تعاقبه، مهملاً لدروسه، مع أن تقديره جيد بالمجمل، ولذا تشعر أنها ستخسره!

وبما أن هذه المرحلة سيمر بها جميع أطفالنا، ولخصوصية وأهمية هذه المرحلة أحببت أن أشارككم جوابي لها.

كما هو واضح، فإن الابن يمر بمرحلة #المراهقة، وحالته طبيعية جداً لا تنذر بالخطر... هذه المرحلة صعبة جداً على الابن والأهل، إذ يُعاني الابن من عدم استقرار نفسي و جسدي، فلا هو ينتمي لعالم الصغار، ولا هو ينتمي لعالم الكبار!

المراهق يُعاني من عدم استقرار نفسي و جسدي، فلا هو ينتمي لعالم الصغار، ولا هو ينتمي لعالم الكبار

يود أن يحسن لوالديه، لكن عدم اتزانه الانفعالي، وطبيعته الحساسة في هذه المرحلة، لا يسمح له بذلك، وأيضًا تصرفات الأبوين معه تزيد الطين بلة، فهم لم يعتادوا على رؤيته يناقش ويثور ويعترض، لذا فإنهم سرعان ما يعاقبونه ويلومونه على نقاشه واعتراضه، كما كانوا يفعلون عندما كان طفلًا.

وبالمقابل يرونه أمامهم جسدياً وكأنه رجل، فيبدؤون محاسبته كالكبار الناضجين الواعين، مع أنه في الحقيقة بالكاد خرج من مرحلة الطفولة.

السمة الغالبة للمراهقين أنهم يبتعدون عن أهليهم، سواء بالانعزال داخل المنزل في غرفتهم الخاصة، أو بالخروج مع أصدقائهم ، ويتأثرون بآراء أصدقائهم، وشخصيات النجوم المزعومة مثل: نجوم الفن والغناء، ونجوم وسائل التواصل الاجتماعي، أكثر من تأثرهم بأهلهم، لكن الجيد في الموضوع أنهم في الغالب يرجعون بعد انقضاء فترة المراهقة إلى عُهدة الوالدين، ليعودا قدوتهم كما كانا قدوتهم في طفولتهم، طبعاً هذا في حال لم يسِئ الأهل للمراهق بكثرة النقد، وتضييق الخناق عليه لدرجة قد تنفره منهم للأبد.

الحل حالياً يكمن في نقطتين:

1- عدم طلب الكمال منه، فإن اكتفى بالقدر الأدنى من النجاح فلا بأس، دعونا نعتبرها فترة راحة أو استراحة محارب، وعندما يتجاوزها سينطلق بسرعة ويعوض ما فاته إن شاء الله.

فترة المراهقة تشبه فترة أول سنتين من حياة الطفل؛ إذ ينمو فيها الجسم بسرعة داخلياً وخارجياً، وهذا السبب الرئيس لميل المراهقين إلى الخمول والكسل، حيث يحتاج الجسم الطاقة؛ ليصرفها في نموه، وليس على النشاطات الحركية، وأيضاً الثبات الجسدي للمراهق يتأثر، فنراه يكسر كثيراً من الأشياء التي يحملها دون قصد.

فترة المراهقة تشبه فترة أول سنتين من حياة الطفل؛ إذ ينمو فيها الجسم بسرعة داخلياً وخارجياً، وهذا السبب الرئيس لميل المراهقين إلى الخمول والكسل، حيث يحتاج الجسم الطاقة؛ ليصرفها في نموه

2- تحسين العلاقة مع المراهق، وذلك من خلال عدة خطوات:

أ- تكتب الأم لابنها رسالة تخبره فيها بكل ما تحب، لكن تخبره ذلك بنبرة حب وليس بنبرة عتب، وتعبر فيها عن فرحها بأن ابنها أصبح شاباً، وبإمكانها الثقة به والاعتماد عليه، هذه النقطة غاية في الأهمية؛ إذ أنها السبب الرئيس في عدم اتزان المراهق انفعالياً. ثم تطلب منه أن يكتب لها رسالة يعبر بها عما يريد، حتى لو كانت هذه الرسالة رؤوس أقلام فقط؛ لأنه قد يرفض كتابة رسالة طويلة، إما لسبب الملل أو عدم إيمانه بجدوى كتابتها.

ب- علاقتها معه من حيث الانتقاد والعتاب يجب أن تكون كعلاقتها مع ابن صديقتها المقربة. ماذا أعني بذلك؟

ابن صديقتها غالباً ستخجل من انتقاده بشكل متكرر، وستكتفي بتوجيهه عندما يخطئ بشكل كبير، وهكذا يجب أن تعامل ابنها، بحيث تغض الطرف عمّا لا يضر حتى وإن لم يكن على هواها، وتكتفي بالتوجيه الواضح والمحدد بالضبط عند الضرر؛ لأن الهدف الرئيس للأهل في هذه المرحلة هو الحفاظ على علاقة ودية مع المراهق أكثر من تهذيبه.

وأهم نقطة: ابتعادها عن أسلوب المحاضرات، لتجعل انتقادها محدداً ومبسطاً، ولا تعيد وتزيد؛ لأن ذلك سيشعره بالسأم ولن يجعله يفهم أكثر كما تظن.
ج- يجب أن تعطيه بعض الخصوصية؛ لأن ذلك يدعم ثقته بنفسه، ويخلصه من تراكم المشاعر السلبية، ومعنى ذلك ألا تفتش في أغراضه الخاصة، ولا تكثر أسئلته، ولكن تراقبه عن بُعد؛كي تلحظ أي تغير يُنبئ بالخطورة.

يجب على الأم أن تعطي ابنها بعض الخصوصية؛ لأن ذلك يدعم ثقته بنفسه، ويخلصه من تراكم المشاعر السلبية

د- إذا أرادت كسب ابنها في هذه المرحلة، فلتكرم أصدقاءه، وتبتعد عن انتقادهم المباشر، حتى ولو لم يعجبوها، ولتدعوهم إلى المنزل؛ لأن علاقة المراهق بأصدقائه أهم عنده من العلاقة مع أهله .

هـ- علاقته مع الجوال هي مشكلة العامة والخاصة، ربما يجد في الجوال مناسبة للابتعاد عن أهله -قلنا إن هذه سمة عامة بالمراهقين- وأيضاً من خلاله يستطيع الاطلاع والتواصل مع النجوم المزعومين، إضافة إلى قدرته على التواصل مع أصدقائه باستمرار. الحل ليس بحرمانه منه، وإنما بترشيد استهلاكه له، وتنبيهه عن طريق سرد القصص القصيرة جداً، عن المشاكل التي يمكن أن تصيبه نتيجة استخدام الجوال، مثل الدردشة مع أشخاص مجهولين، وإعطائهم معلومات خاصة، أو عن طريق إرسال صور مخلِّة بالآداب له.

ويمكن أن تطلب منه أن يعلِّمها استخدام بعض تطبيقات الجوال، حتى وإن كانت تعرفها؛ لأن ذلك يفتح مجالاً للتواصل بينهما، وهذا أمر ضروري.

لمحت في كلام الأم مشاعر الإحباط والقلق، الإحباط من تسلل الإحساس بأن تربيتها ضاعت هباء، والقلق من أن ابنها سيضيع طوال عمره إن بقي هكذا، ولذا يجب أن تلحقه، وأُبشِّرها بأن هذا الوضع طبيعي جدًا، وأن الابن سيعود للطريق المستقيم من تلقاء نفسه بإذن الله، وبدعواتها.

ولا تستعجل النتيجة بل الصبر هو المفتاح!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صيدلانية، ومستشارة أسرية، صدر لها عام 2016 كتابين للأطفال، وكتاب للكبار بعنوان "تنفس". كتبت الكثير من المقالات التربوية والفكرية والاجتماعية على بعض المواقع والمجلات، و قدمت العديد من الدورات التطويرية والتربوية.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …