هل وقعتَ فريسةً للأخطاء الشائعة أثناء تخطيطك للعام الجديد؟ وكيف يمكن أن تجتازها؟

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » هل وقعتَ فريسةً للأخطاء الشائعة أثناء تخطيطك للعام الجديد؟ وكيف يمكن أن تجتازها؟
planner12

ما إن قارب العام على الانتهاء حتى انتفضت "ربا" من فراشها، واستعدت لوضع خطة لعامها الجديد بكل ثقة وتفاؤل، على أمل أن يكون عامها الجديد أفضل من سابقه الذي لم تُنجز فيه شيئاً من أمنياتها وأهدافها وتطلعاتها!

أمسكت "ربا" ورقة وقلماً وكتبت: أريد أن أنزل وزني هذا العام، وأن أتعلم خمس لغات جديدة، وأن أقرأ خمسين كتاباً، مع العلم أنها لم تقرأ كتاباً واحداً طيلة العام الماضي!!

لكن للأسف كل الأهداف التي وضعتها "ربا" كانت أهدافاً فضفاضة، وغير قابلة لا للقياس ولا للإنجاز، ومثلها لن يتحقق؛ لأنها لم تحدد الخطة التي ستساعدها للوصول لهدفها، فعلى سبيل المثال: عندما قررت أن تنزل وزنها، لم تحدد الوزن الذي تريد الوصول إليه، وكم كيلو يجب عليها أن تخسر كل شهر؟ ولم تحدد الوقت الذي تريد البدء فيه ووقت الانتهاء، كما أنها لم تحدد نظاماً غذائياً صحياً، ولم تحدد عاداتها الصحية السيئة التي تريد تغييرها حتى تصل للهدف، كما أنها غفلت مبدأ مشاركة الخطة مع عائلتها أو أصدقائها، وهذه نقطة مهمة؛ لأن عامل المساءلة من الآخرين في مراحل خطتك سيجعلك أكثر التزاماً بالخطة، ونسيت دور ممارسة الرياضة وأثره على هدفها، فما هي أبرز الأخطاء الشائعة التي نقع بها أثناء التخطيط لعامنا الجديد؟ وكيف يمكن اجتيازها؟

لماذا تفشل خطتنا السنوية؟

د. هاني فارس: غياب التجربة والثقة بقدراتنا يجعلنا نشُك في قدرتنا على التطبيق، وذلك لأن معظم الخطط تُكتب في لحظة عاطفية نرغب فيها التغيير ولا تكون عن فكر ورغبة عقلية

من جهته، يقول الدكتور هاني فارس -مدرب التنمية البشرية والإدارية- لـ"بصائر": "إن من أبرز الأخطاء الشائعة التي يقع بها شبابنا أثناء كتابة الخطة السنوية، مما يجعلها تبوء بالفشل هو: غياب الإرادة الذاتية والدافعية التي تأخذ بيدنا نحو تطبيق هذه الخطة"، مشيراً إلى: "أنه من الممكن أن يكون غياب الإرادة لتطبيق الخطة آتياً من غياب الغاية التي نرغب بالوصول إليها ".

وأضاف: "أن المثبطين والمحبطين من حولنا ممكن أن يؤثروا سلباً على تطبيقنا للخطة".

وتابع: "كما أنه من الممكن أن يكون غياب التجربة والثقة بقدراتنا يجعلنا نشُك في قدرتنا على التطبيق، وذلك لأن معظم الخطط تُكتب في لحظة عاطفية نرغب فيها التغيير ولا تكون عن فكر ورغبة عقلية".

وأكّد فارس: "أن أحد أهم الأسباب أيضاً هو ما يندرج تحت بند الطوارئ، التي من الممكن أن تجبر صاحب الخطة على عدم العمل بها وفق رؤية المخطط مثل: التصعيد الحاصل من الاحتلال مثلاً".

وأوضح: "أن معظم الخطط لا تندرج تحت أسلوب علمي للتخطيط وفق قدراتنا، بمعنى أننا عندما نريد أن نخطط يجب أن نعلم ما هي إمكانياتنا إيجاباً وسلباً؛ لتتناسب الخطة مع المخطط".

وحذّر فارس من يستعينون بخطط أشخاص آخرين ليطبقوا الخطة على أنفسهم، قائلاً: "إن تطبيق خطة شخص آخر حتى لو نجحت معه، ليس بالضرورة أن تفيدك وتنجح معك؛ لأن الشخص الذي دوّنها كانت وفق إمكاناته وقدراته، فعلاج الصداع الذي يشفيني ربما لا يشفي غيري".

فارس: تطبيق خطة شخص آخر حتى لو نجحت معه، ليس بالضرورة أن تفيدك وتنجح معك لأن الشخص الذي دوّنها كانت وفق إمكاناته وقدراته، فعلاج الصداع الذي يشفيني ربما لا يشفي غيري

كيف نجتاز الأخطاء أثناء التخطيط؟

وعن كيفية اجتياز الأخطاء التي نقع بها أثناء التخطيط للعام الجديد، ذكر فارس أن: " أبرز ما يمكننا فعله هو أن نبدأ التخطيط بمعرفتنا لقدراتنا ونبني خطتنا عليها، ومن ثم نبدأ بعمل جدول زمني لكل هدف في هذه الخطة ؛ ليقودنا لاحقاً للوصول للغاية المرجوة".
وتابع: "كما يجب أن نبدأ بكتابة وتدوين الخطة، ولا نعتمد فقط على الحفظ أو على ذاكرتنا، وأن تكون واضحة، منوّهاً إلى أنه من الجيد أن يكون هنالك أدوات تشجيع يُكافئ بها الشخص نفسه على الإنجاز الذي حققه في كل خطوة".

وأشار فارس إلى: "ضرورة وجود خطة بديلة جاهزة في حال حدوث أي طارئ أو خطأ".

وقال: "أنصح صاحب الخطة أن يستشير مختصاً لديه خبرة؛ ليُقيّم له الخطة ويساعده على كشف الأخطاء منذ البداية، كما وأتمنى من المُخطِّط أن يجعل ساعة أو اثنتين على هامش الخطة؛ لكيلا يكون هناك ضغط يدفعه لحذف بعض نقاط الخطة الأساسية".

وأوضح: "أنه يجب تقييم وترتيب الأهداف بين الجاد والترفيهي والاجتماعي والروحي والعملي، من الأهم وصولاً لأقلها أهمية"، على حد تعبيره.
كيف أشجع نفسي؟

ولفت فارس إلى: "أنه من الجيد أن يكون هناك تشجيع ذاتي مثل: "أن يكون في كل أسبوع التزام بالخطة يُقابله يوم للترفيه، أو أن أكافئ نفسي مادياً بهدايا بسيطة –وأضاف- أن هناك أيضاً تشجيعاً خارجياً، ويفضّل أن يكون من أناس من العائلة أو الأصدقاء، ويُحبذ أن أطلب منهم مساعدتي على تطبيق الخطة ليشجعوني، ويشيروا عليّ".

ونوَّه فارس إلى: "أنه شخصياً -لكثرة ارتباطاته- يُجبر نفسه متحدياً الكسل والتسويف على تطبيق الخطة –قائلاً- طلبت من أحد أصدقائي المقربين أن يساعدني ويشجعني، وكنت أكافئ نفسي بيوم ترفيهي نهاية كل أسبوع، وطلبت من صديقي عندما يلاحظ أنني تراجعت أو قصرت في تطبيق الخطة أن ينصحني ولا يتركني لذاتي وقد حصل، والآن بفضل الله أصبحت ورقة الخطة مُلازمة لجيبي".

تحديات وعقبات

وفيما يخص التحديات والعقبات التي يمكن أن نواجهها أثناء كتابة الخطة السنوية، قال فارس: "إن التحديات والعقبات كثيرة، أولاً- الذات نفسها؛ لأن النفس البشرية لا تميل غالباً إلى الجهد والالتزام، وتميل أكثر للراحة، ثانياً- عدم كتابة الخطة، ثالثاً- التسويف، فهو آفة خطيرة قد تقتل الخطة في مهدها، رابعاً- وهو أخطرها، عدم تحديد برنامج زمني واضح لتلك الخطة، الأمر الذي يجعلها مفتوحة وتشجع على التسويف، خامساً- عدم وجود هدف نسعى لتحقيقه في العام الجديد يجعل الخطة فارغة المضمون، فالتخطيط بلا هدف هو تخطيط يضيع الوقت".

وأردف قائلاً: "من العقبات الصعبة أيضاً وجود المحبطين والمستهزئين بالبطانة الخاصة للمخطط، حيث تجعله يشعر بأن فعله غريب؛ لأن الغالبية المحيطة به لا تفعل ذلك، وأخيراً وقت الفراغ والبطالة".

فارس: من الأخطاء عدم كتابة الخطة والتسويف بالإضافة لعدم تحديد برنامج زمني واضح لتلك الخطة، ووجود المحبطين والمستهزئين بالبطانة الخاصة للمخطط، وعدم وجود هدف نسعى لتحقيقه في العام الجديد يجعل الخطة فارغة المضمون

أثر التخطيط على حياتنا

أما الأثر الذي يتركه التخطيط للأعوام الجديدة على حياة الشباب، فقد ذكر فارس: "أنه يُشعر الشخص بالدافعية للإنجاز، خصوصاً أننا على أعتاب عامٍ جديد، وتمتلكنا قوة إيجابية وطاقة داخلية كبيرة تحتاج منّا العمل بجد".

وبيّن: "أن المخطِّط حال التزامه يشعر براحة كبيرة؛ لأنه يعرف إلى أين هو ذاهب، كما يشعر بالتدريج بزيادة ثقته بنفسه وصولاً لتحقيق أهدافه الصُغرى التي تؤدي في النهاية لأن يتبوأ المكانة التي يريدها، مُشيراً إلى أن الشخص الذي يُخطط يشعر دائماً بإيجابية أيامه، وعدم خلوها وفراغها؛ لأنه لديه ما يشغله وما يتمناه، ويشعر بقيمة الوقت".

ولفت إلى: "أن الخطة لا تعني أن تكون كلها أهداف رسمية وعمل وتعب؛ لأني ذكرت سابقاً أن الترفيه هو جزء من الأهداف الهامة التي يجب أن يعمل عليها المخطِط ".

رسالة لمن يعيشون بعشوائية

ووجّه فارس رسالة إلى الشباب غير المهتمين بالتخطيط، ويعيشون حياتهم بعشوائية دون أهداف أو إنجازات، قائلاً: "إن الوقت من ذهب، والأيام الذاهبة لا تعود، ثقوا بأنفسكم وبعقولكم وأنكم تستطيعون فعل أي شيء، ولا تركنوا لأنفسكم، ولا للمحبطين من حولكم، وتذكروا أن الناجحين في كل الدنيا يومهم يساوي يومنا (24ساعة)، لكن الفارق فقط في التخطيط، هم يخططون ويعرفون ما يريدون فيكون النجاح حليفهم ".

وختم حديثه بالقول: "المميزون يهتمون بالتفاصيل الصغيرة، والتفاصيل أبرز أمثلتها يكمن في إعدادكم الجيد لخططكم، ثقوا بعقولكم وبقدرتكم على العمل الجيد، وفق خطة تساعدكم، بأن تكونوا فخراً لأنفسكم وأهليكم ومجتمعاتكم، وتذكروا أن الخطط أنواع متدرجة: بعضها البسيط، والبعض الآخر معقد، ابدأوا بالشكل البسيط منها؛ لتعودوا أنفسكم تدريجياً على الالتزام بما تُخططون، وأتمنى أن تنظروا لأنفسكم، وتُقيموا أوضاعكم، هل العشوائية مُرضية لكم!".

كيف يمكن اجتياز الأخطاء؟

محمد دهمان: يمكن اجتياز الأخطاء أثناء التخطيط عبر التأكد من صحة المعلومات المبنية عليها الخطة، ووضوح الأهداف المتعلقة بالعمل، والعناية بالجانب التحفيزي، واستشارة الخبراء، واختيار طرق قياس وتقويم الخطة بشكل دقيق

ومن ناحيته، قال المدرب محمد دهمان -مدرب معتمد في مجالي خرائط العقل وريادة الأعمال-: "إن من الأخطاء الشائعة التي يقع بها شبابنا أثناء كتابة الخطة السنوية هو: عدم الواقعية في تحديد الأهداف، والتخطيط بسرعة دون تأنٍ، وعدم تقسيم المهام بشكل دقيق، والانشغال بالأعمال اليومية، ونسيان الهدف الرئيس، والنظر إلى الهدف من زاوية واحدة دون التمعن في الزوايا الأخرى، وعدم التنوع في الأهداف".

وتابع: "بالإضافة إلى العشوائية في كتابة الأهداف وعدم تحديد أولويات العمل".

وذكر دهمان: "أنه يمكن اجتياز الأخطاء أثناء التخطيط للعام الجديد مما يشجعنا على تنفيذ الخطة، عبر التأكد من صحة المعلومات المبنية عليها الخطة، ووضوح الأهداف المتعلقة بالعمل، والعناية بالجانب التحفيزي والتعزيزي، وعدم التكرار والازدواجية في العمل، واستشارة الخبراء عند إعداد الخطة، إلى جانب المرونة في تطبيق الأهداف، واختيار طرق قياس وتقويم الخطة بشكل دقيق".

احذروا التركيز على جانب واحد

وحول الأثر الذي يتركه التخطيط للأعوام الجديدة على حياة الشباب، أوضح دهمان: "أن التخطيط يبعث التفاؤل والنشاط في نفوسهم، ومعرفة الأعمال التي سيقومون بها خلال العام ، مضيفاً أن التخطيط يجعل أداء أعمالهم بطريقة صحيحة بالوقت والجودة المطلوبة".

وحذر دهمان من: "خطورة التركيز على جانب واحد طوال العام عند وضع الخطة، مؤكداً على ضرورة أخذ هدف من كل قسم من الأقسام الخمسة الرئيسة وهي: (القسم الصحي، القسم التطويري، القسم الدراسي أو الوظيفي، القسم الإنتاجي، القسم المالي أو الاستثماري)".

دهمان: احذر من التركيز على جانب واحد طوال العام عند وضع الخطة، ويجب أخذ هدف من كل قسم من الأقسام الخمسة الرئيسة وهي:(القسم الصحي، التطويري، الدراسي/الوظيفي، الإنتاجي، المالي/الاستثماري)

وختم دهمان حديثه بالقول: "عن تجربتي الشخصية، كنت أعيش حياتي بشكلٍ عشوائي، وبطريقة غير منظمة، وكنت أواجه العديد من المشاكل والأزمات المالية، ومن حُسن حظي صادفني مساق أثناء دراستي الجامعية عن التخطيط، فقلب حياتي كلها، حيث أصبحت أفضل بشكل كبير في تنظيم وقتي وأعمالي، وأصبحت أجد أوقات فراغ وأوقات لأسرتي، ولا أجد ضغطاً أثناء يومي".

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفية فلسطينية مقيمة في قطاع غزة، حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والاعلام من الجامعة الاسلامية بغزة عام 2011م، وكاتبة في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "الشباب" الصادرة شهرياً عن الكتلة الاسلامية في قطاع غزة. وعملت في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية أبرزها صحيفة فلسطين، وصحيفة نور الاقتصادية، وصحيفة العربي الجديد.

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …