ونحن على مَشارفِ نهاية هذا العام، وكَما هي العادةُ عند أصحاب الأعمال والشركات، حيثُ إنّهم يَقومون بِجرْدٍ لجميعِ حِساباتهم خِلال العَامِ المُنصرِم كَيّ يُحددوا وَضعهم مِن حيث الرّبحِ والخَسارة.
وكذلك أنت...نعم، أنت أيضاً بِحاجةٍ - مع نهاية كل عام - أن تَقومَ بِجردٍ لإنجازاتك وأعمَالِكَ التي قُمت بها، سَواء النّاجحةِ والمُتميّزة مِنها أو حَتّى الفاشلة.
إن المُرور على المَحطاتِ السّابقة في حياتك أمرُ رائع، فذلك يُتيحُ لَك إجراء دِراسةٍ مُتأنّية لِمواقِعِ القُوة لَديك ولمَواطِن الضُعف والخلل عندك، وبالتالي يُصبحُ لَديكَ إدراكٌ ووَعْيٌ بالأمور الوَاجِبِ المُحافَظَةُ عليها، وتَحسينُ وتطويرُ نُقاطِ الضُّعْف عِندك. إن عَمل مِثلِ هذه المُراجعة الدّوريّة، إنّما هو بِمثابةِ عادةٍ عنْد النّاجحين والأَعلامِ في كل العُصور ،فالنّجاحُ والتّفوق لا يُبنى فجأة ومرة واحدة، بل أساسه التدرّج والتَّصاعُد.
انتهى عام 2017 وهناك كثيرٌ من الإنجازات التي حققها كلٌّ مِنّا، سواء خطّط لها أو لم يُخطِّط، ولكنّ الإنجاز باعتقادي كثير، وهو عند البعض أكثر مما كان يتوقع...
دَعني أقترح عليكَ أمراً عمليّاً: خُذ ورقةً وقلماً، وازْوِ بِنَفسِكَ ساعاتٍ قليلة... واكتب كلّ شيء، ولا تغفل عن أيّ شيء... منذ بداية العام وحتى هذه اللحظة... أكتُب ماذا أنجزت في العام المُنصرم... كم كتاباً قرأت؟ كم رحلةً خَرجت؟ مَا الأعمالُ التّطوعيةٌ التي فعلت؟ كَم دَورةً حَضرت؟ ماذا اشتريت؟ من زُرت؟ كم شخصاً أهديته هَديّة؟
أهلك وعَائلتُك! هل من أعمال جَديدةٍ منك مَعهم؟ عَمُلك! أين كنت؟ وإلى أين وصلت؟ دَخْلُك المّاليُّ! هَل تَطوّر؟ دُيونُكَ! هل زادت أم نَقصت؟
دِينُك وعِباداتُك هلّ تَحسنّت؟ في صلاة الفجر،وفي قراءة القران، وفي الأذكار والتفكر ومُراقَبِة الّله وغيرها؟.
عندما تنتهي من تَدوينِك، تَوقْف لِبُرهة وانظر ماذا كَتبت...سَتُذهل، وتتعجب ثم ستقول: هل قُمْتُ أنا بِهذا كلّه خِلال هذا العام؟ إنه لأمرٌ رائع.
قد يرى أحدنا إنجازاته قليلة وقد يراها آخر كثيرة. ولكن هذا ليس بالمُهم، المُهمُ أنّكَ صَاحبُ إنجازات، بَل في بعضها إنجازاتٌ رَائعة.
عِندما يُنجز الإنسان ويتقدم ويَتطوّر فإنّهُ يَشعُر بالسّعادَة، وبالطّاقَة وبالايجابية، وهذِه هِي إحدى مُتَعِ الحَياة. إن طعم الحياة يَكمُنُ فِي الإنجاز.
والآن ...ماذا عن العام المُقبل؟ عام 2018... ألا يَستحقُ أن نُعدّ لَهُ إعداداً جيداً ولو بِأْبسطِ الأشكال. ألا تَدفَعُك تِلك المُتعةُ والنّشوة بالإنجازِ والتي لَمستَها مَع نِهايةِ العامِ المُنصرم بأنْ تَقضيَ بَعضَ الوقتِ كيّ تُسجّل الآمال والأحلام التي تَرغبُ بِتَحقيقها خلال العامَ القادم.
لِكلٍ مِنا طُموحُه ورَغباتِه وأُمنياتِه فِي الحَياة، َكُل عاقلٍ يَرغبُ أن يَكونَ ذا مَكانةٍ وشأنٍ رفيعٍ في الحياة ، ولكلٍ عِنَده أحلامه بأن يَكونَ شخصاً مَرموقاً يُشارُ إليه بالبنان...إنّ هذا كُلّه لا يأتي فجاة، بل بالبناء المُتواصِلِ والمُتراكمِ حيث يَستطيعُ الإنْسانُ أن يُحقق ما يعجز عنه كثير من البشر، والتاريخُ مَليئٌ بِسيَر العُظماء والعُلماءِ الذين بدؤوا من حال متواضعة ومن ثم وصلوا إلى ما وصلوا إليه بفضل الإرادة والهمة العالية التي حملوها.
إن التخطيطَ الشّخصي هُو البداية وهو حَجرُ الأساسِ في ذلك. فمن خِلال التّخطيطِ تَستطيعُ أن تَرسُمَ لِنفسِك مَساراً وطريقاً للنّجاح المَضمون.
استعن بالله دوماً لِيكونَ مُعينُك على النّجاح...قُم الآن وارسُم لَوحة إنجازاتِك المطلوبة لِلعام القادم وعَنْونها بِشعارٍ صريح:
"عام 2018 ...ليكن عام الانجازات".