ظهرت إسراء الجعابيص يوم الخميس الماضي خلال جلسة استئناف عقدت بمحكمة الاحتلال العليا للنظر في طلب تقدمت به محامية الجعابيص للإفراج عنها وذلك لتردي حالتها الصحية، في مشهد موجع، وجه محترق، وأصابع مبتورة، سألها الصحفيون الذين حضروا الجلسة عن حالتها الصحية فأجابت:
"وجعي مرئي" في إشارة إلى الحروق التي أتت على جسمها، ورفعت يديها لتقول إنه لا أصابع لها بعد أن احترقت، ولا تتلقى أي علاج في سجون الاحتلال بعد مضي أكثر من عامين على اعتقالها.
الأسيرة المحررة سلام أبو شرار تحدثت عن يوميات إسراء الموجعة داخل السجن؛ والتي تحمل رغم الألم روحاً تحب الحياة، وجسداً مكنوناً بالامتنان لأهلها وذويها، تقول أبو شرار: "فتحت السجانة باب الغرفة رقم 17 في القسم، و إذا بي وجهاً لوجه أمام 6 أسيرات، بعد شهر لم أرَ فيه سوى وجوه المحققين، بدأت بالتسليم عليهن واحدة في إثر الأخرى حتى وصلت إلى إسراء، مددت يدي مُصافحةً، قالت لي شاويش الغرفة "أم موسى": "هذي إسراء جعابيص".
كانت تجلس على سريرها، أمامها طاولة صغيرة تتناثر عليها حبات الخزر الملون، و مجموعة أشغال يدوية.
و لأول وهلة لم يخطر لي أن هذه المشغولات هي ما أنتجته إسراء بيديها مبتورة الأصابع!
ليس فقط أنه لم يخطر لي، بل استبعدت ذلك إلى حد الاستحالة!
فاليدان اللتان ضجت بصورهما وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، كانتا جزءاً حاضراً يومياً في حياتي طيلة شهر كامل!
وأضافت أبو شرار خلال منشور لها على فيسبوك: سريري كان فوق سرير إسراء، أمضي نهاري و أنا أدفن رأسي في الكتب هرباً من التفكير المستنزف فيما ينتظرني، و نهار إسراء يمضي و هي تعد الهدايا لأسرتها.
عرفت أسماء العائلة و الأصدقاء و الأحبة من المشغولات التي أعدتها لهم، مكتوب على كل منها اسم صاحبه تطريزا، و من يعرف و لو قليلاً عن التطريز يدرك مدى اعتماده الدقيق على حركة الأصابع.
كنتُ استرق النظر لها بين الحين و الآخر و أفكر: كيف تستطيع التحكم بالإبرة؟ و يدهمني خيال زرعته في رأسي كتب علم التشريح أنها قد تخدش جلدها الرقيق للغاية بسبب الحروق فينزف..
أنظر لها لأطمئن أن هذا القلق مجرد وسواس..
أجدها منغمسة للغاية فيما تعمل بكل هدوء و حب، فأعود أقرأ..
تناديني بين الحين و الآخر "أبوشرار، دخلي الخيط في الإبرة"
أتناوله منها بحركة طفولية و أنا أطل عليها من سريري الذي فوق سريرها و أنزلها بذات الحركة و أنا لا أنتصر على الخيال الشرير الذي كان يوهمني أنها قد تخدش جلدها بالإبرة!
لكن ذلك لم يحصل طيلة شهر كامل، و لا لمرة واحدة!
كنت أراقبها و هي تقوم بشك الخزر في الخيوط و خياطته إطاراً لأسماء أفراد عائلتها و أنا في غاية الدهشة من دقتها رغم أن أصابعها مبتورة، مرة فتحت لي صندوقها الذي تخبئ فيه كل ما تجهزه، ذُهلت!
أيُّ قوَّةٍ يا الله،أيُّ قوة!
يذكر أن إسراء الجعابيص من قرية جبل المكبر جنوب القدس المحتلة، وحكم عليها بالسجن لمدة 11 عاما بتهمة محاولة قتل شرطي، وذلك بعد أن انفجرت أسطوانة غاز قرب حاجز الزعَيّم الصهيوني نتيجة إطلاق قوات الاحتلال النار على سيارتها بينما كانت عائدة من مدينة أريحا إلى مدينة القدس في الحادي عشر من اكتوبر 2015.
الانفجار تسبب بحروق التهمت 50% من جسد إسراء التي بترت أصابعها وهي بحاجة لثماني عمليات جراحة في كافة أنحاء جسدها المنهك بسبب مماطلة الاحتلال.