الله – جلّ جلاله

الرئيسية » كتاب ومؤلف » الله – جلّ جلاله
17237907

توطئة:

وجود الله، هذه المسلّمة التي تمثّل أساس العقيدة، والتي يحاول خدشها المغرضون كلّما عجزوا عن تغطية شمس الحقيقة، هي الموضوع الرئيس الذي يدور هذا الكتاب حوله ويناقشه كحقيقة لا تقبل الجدل، وإن كان لا يعرفها أو يؤمن بها غير المسلمين، إلا أن العلم والعقل يثبتانها أكثر فأكثر!
والكتاب واحد من سلسلة تتناول الأصول الثلاثة الرئيسة بالبحث والدراسة: (الله جل جلاله – الرسول صلى الله عليه وسلم – الإسلام) وهدفها الأسمى هو أن تصل بالمسلم إلى الرضى بالله ربًا، وبغير المسلم إلى بوابة يفتحها أمامه ليدخل إلى أول درب الإيمان بوجود الله أولاً، كما يستشهد بالرسول صلى الله عليه وسلم كأعظم مظهر للإنسان من كلّ الجوانب، وبالإسلام كدين لا يسع أحداً أن يتركه ليعتنق غيره.

نبذة عن المؤلف:

ولد الشيخ/ سعيد حوى في حماة 1935م، ولما توفيت والدته وهو لا يزال في ربيعه الثاني تربّى بين جدته المربية الصارمة ووالده الذي تربى المجاهدون على يديه، درس الشريعة كتخصص جامعي، وقد حفظ القرآن في 4 شهور خلال الدراسة الجامعية، كما عاصر في شبابه أفكار الاشتراكيين والقوميين والبعثيين والإخوان، وتتلمذ على يد كبار شيوخ عصره.

انضم إلى تنظيم الإخوان في مقتبل شبابه، وتدرج فيه من منتسب إلى عضو مكتب الإرشاد العالمي، ثم قاد التنظيم لفترة بعد خروجه من السجن الذي استمر لمدة خمس سنوات والتي أنتج فيها أضخم مؤلفاته (الأساس في التفسير (11 مجلداً) بالإضافة إلى كتب أخرى).

أصيب بشلل جزئي، في آخر سنتين من حياته، إضافة إلى أمراضه الأخرى الكثيرة: السكري، الضغط، تصلب الشرايين، الكلى، ومرض العيون، وتوفي في 9 مارس 1989م، بعد غيبوبة دامت 3 أشهر.

وقد ترك الشيخ ميراثاً فكرياً وثقافياً في نحو 50 من المؤلفات القيمة، ومن أكثر كتبهتميزاً وتأثيراً، الكتب التالية: الرسول صلى الله عليه وسلم، جند الله: ثقافة وأخلاقاً، تربيتنا الروحية، المستخلص في تزكية الأنفس.

مع الكتاب:

ربما تجد الكتاب لم يأت بالجديد في موضوعه إلا أنه مختلف جداً، فلعله الأكثر بساطة وعفويةً بين الكتب التي تناولت موضوع العقيدة الإسلاميّة القويمة السليمة من الخرافات والأباطيل الخبيثة التي لا تليق بخالق الكون، وفيه عمق يشدك وفرادة تمنحك رحلة ماتعة جداً مع موضوع معقّد يقدّمه حوّى بأسلوبه السلس الواضح، المتين جداً، والسهل الممتنع الذي تحمل جمله وكلماته معاني عميقة تستكشفها مع القراءة مرة بعد أخرى، وربما تراودك أسئلة كثيرة بينما تقرأ عن كونك مسلمًا حقًا من قبل أم ...؟!

يعتمد الكتاب (الله جل جلاله - لسعيد حوّى) عموماً على خطاب العقل والروح معاً في مناقشة وتحليل وبرهنة الحقائق، وعرض المسائل المختلفة والإقناع بوجوهها المتعددة، ويبني البراهين على معرفة الله كمرتكز للإسلام كله، والتي بدونها يكون كل العمل غير ذي قيمة حقيقية، فيناقش وجود الله عز وجل من خلال تسع ظواهر كونية كبرى تدل على وجود الخالق العظيم، ثم يناقش أشهر مزاعم الإلحاد عن الكون والوجود الإنساني ومعجزة الخلق والتكوين فيشرّحها واحدة فأخرى؛ ليثبت زيف أساساتها ووهن مبانيها.

يقول حوّى : "إنّ الحواس لولا العقل لأعطتنا أخطاء بدلا من حقائق, ولولا العقل لما كانت لنا أيّة معرفة" ثم يترك القارئ مع الحقائق الواضحة بشأنها، فلا يجد بداً من التسليم وتحرير النفس من الظلم، الكذب، الإفساد، الغفلة، الإجرام، القطيعة ونقض العهد، وأخيراً من التردد في قبول الحق الصريح، وكل ذلك من أجل رؤية حقيقة الله متجلية في آياته!

وتلك الظواهر التسع الكونية هي:

1. ظاهرة حدوث الكون
ويناقش آراء المشككين في هذا الفصل ثم يجمع من قوانين الكون ما ينفي كل المزاعم المتعلقة به وببدء الكون بخالق لم يخلقه أحد، فيستشهد بقوانين الحرارة، الحركة الإلكترونية، والطاقة الشمسية.

2. ظاهرة الإرادة
ويثبت قدرة الله وحكمة من باب أن كل شيء في الوجود يمكن أن يكون على صفة، زمان، جهة، مقدار، مكان، أو غيرهم تمامًا، إلا أن إرادة الله هي فقط ما تجعل كل شيء مستقيمًا، متزناً صحيحًا.

3. ظاهرة الحياة
ويستعرض فيه المعجزات التي تتكرر في الجسم الحيّ في كل لحظة، من أربعة أبواب: نشوء الحياة وانبعاثها وتنوعها العجيب، ونفس الإنسان والأخلاق التي تعجز عن إيجادها الأجزاء المادية التي أثبتها العلم في الجسم البشري.

4. ظاهرة الإجابة
ويناقش فردية التجارب فيها، ومرتكز تحققها وهو استجابة الإنسان لله كشرط لاستجابة الله للإنسان.

5. ظاهرة الهداية
تتجلى في هذا الفصل بالأدلة، منحة الإرادة البشرية من الله للإنسان في الفجور والتقوى، وإعطاؤه حريته في اختيار طريق الهداية أو عكسه، والتي لم تكن مطلقاً بالإجبار ولن تكون كذلك أبداً!

6. ظاهرة الإبداع
ويسرد هنا أجلى وأحلى مظاهر الحياة إبداعًا، يجلله التناسق والانسجام، والذي إن دلّ فسيدل على مبدع واحد في البدء.

7. ظاهرة الحكمة
وفي هذه القيمة التي حيّرت العلماء يجمع بعضاً من مليارات الشواهد على وجود الله في حكمته تعالى في أدق المخلوقات واجتماعها واختيار هيئاتها، أحجامها، أنواعها، ومجالات وجودها الزمنية والمكانية.

8. ظاهرة العناية
ويركز هنا على تسخير كل صغيرة وكبيرة في الكون للإنسان، وتهيئة البسيطة والأشياء لمعيشة هذا الكائن، حتى الكائنات الحية الأخرى، ومن هنا يجب أن يستدل العاقل على وجود الله من مظاهر العناية الدقيقة بجميع احتياجات هذا المخلوق!

9. ظاهرة الوحدة
من خلال التناسق، التكامل والترتيب بين جميع مخلوقات هذا الكون ووحدة النظام الكوني المذهلة، يُستدلُّ على ذات واحدة، بعلم واحد، بإرادة واحدة، وقدرة واحدة هي صانعة ذلك كله، كما يشير الكاتب في نهاية شرح هذه الظواهر، ويجيب عن سبب نسبة ذلك كله إلى خالق، وأن ذلك الخالق واحد أوحد، من خلال ثلاثة بنود مفصلة، وهي: السببية، الطبيعة، التوحيد.

فيما بعد، يتناول الكتاب قضية إفراد الله تعالى بالعبودية، ويقين التوحيد الخالص له وحده، وبالمنطق يبدد جميع مبادئ النصرانية المحرّفة، وعقائد الثالوث التي تمسّ وحدانية الله، فينتصر للتوحيد ببراهين العلم والعقل التي تنسرب للروح بسلاسة ويستشهد بمقولة البنا: "إنّ التعدد مدعاة الفساد والخلاف والعلو، سيما وشأن الألوهيّة الكبرياء والعظمة".

ثم في فصل لاحقٍ يتناول بالشرح والتبيان أسماء الإله الواحد ويخص اسمه الأعظم بشرح مفصّل، وكذلك صفاته التي تدل على أنه موجود ومتجل في صفاته الأربع: العلم – الإرادة – القوّة – الحياة:

1. صفات الفعل التي تعلق القدرة بالممكن: كالحكيم، الكريم، الجبّار، الباسط، المعطي.
2. صفات سلبيّة لا تليق به سبحانه، كصفته تعالى: لا يظلم أحدا، ماله شريك ولا نظير ولا ند ولامثيل!
3. صفات الوجود التي تشير إلى ذاته الإلهية: السميع، البصير.

ويربط كل ذلك بالظواهر الكونية وطرق الاستدلال عليه واستشفاف ذاته الإلهية العظيمة – في نهاية الأمر – من خلال دقائق تفاصيل عملية الخلق والوجود الإنساني والكوني.

بين طيّات فصول الكتاب جميعها يجيب الكتاب عن عدة أسئلة محيّرة شغلت أذهان البشر على مرّ العصور، ثم يفرد فصلًا كاملًا في آخره للإجابة عن أسئلة تتعلق بالذات الإلهية، العقيدة الدينية، التسيير والتخيير، الفلسفة الفكرية في مذاهب التنزيه، ويقول في ذلك: "خطأ عظيم: أن نظنّ أنّ الله لا يعلم ماذا سيحدث، أو نظنّ بأنّ علمه بما سيحدث يسلبنا اختيارنا؛ فالعلم كاشف لا مجبر، وإذا كان علمه تعالى لا يسلبنا اختيارنا، فكذلك إرادته وكذلك قدرته، فالقدرة تبرز ما خصصته الإرادة والإرادة تخصص ما سبق به العلم".

ليس هنالك ما هو أهم من الوقوف على الحقيقة التي تمنحك أرضًا صلبة تقف عليها في مواجهة كل شيء لاحقًا، وهذا الكتاب يضعك في خطوة أولى ربما، لكنها حاسمة وصريحة، مع أن الكاتب يعترف بأنه فعل المضحك المبكي حين قارن عقيدة الإسلام في باب الربوبية مع سخافات البشر في الباب نفسه، برغم أن كل النصوص الإسلامية التي تتناول الذات الإلهية، تدل على كونها من عند الله وحياً أو كلاماً.

وأخيراً أختم بمقولة الشيخ حوّى: "ما العمل إذا ألِفَ الناسُ العمى لدرجة ألا يحبّوا الإبصار!"

ببلوغرافيا الكتاب:

العنوان/ الله جلّ جلاله
المؤلف/ سعيد حوّى
الناشر/ دار القلم، بيروت – دمشق.
تاريخ النشر/ الطبعة الثالثة ، 1981م – 1401ه.
الصفحات/ 188 صفحة (من القطع الكبير)

كتب ذات صلة بالموضوع

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية من قطاع غزة، تحمل شهادة البكالوريوس في علوم المكتبات والمعلومات، وعدة شهادات معتمدة في اللغات والإعلام والتكنولوجيا. عملت مع عدة قنوات فضائية: الأقصى، القدس، الأونروا، الكتاب. وتعمل حالياً في مقابلة وتحرير المخطوطات، كتابة القصص والسيناريو، و التدريب على فنون الكتابة الإبداعية. كاتبة بشكل دائم لمجلة الشباب - قُطاع غزة، وموقع بصائر الإلكتروني. وعضو هيئة تحرير المجلة الرسمية لوزارة الثقافة بغزة - مجلة مدارات، وعضو المجلس الشوري الشبابي في الوزارة. صدر لها كتابان أدبيان: (وطن تدفأ بالقصيد - شعر) و (في ثنية ضفيرة - حكائيات ورسائل).

شاهد أيضاً

تراث القدس.. سلوة النفس

يعد هذا الكتاب القيّم تراثًا مقدسيًّا فلسطينيًّا مبسّطًا - إلى حد ما - ومجمّعًا بطريقة …