تربية الأبناء على قيمة الادخار

الرئيسية » بصائر تربوية » تربية الأبناء على قيمة الادخار
Boy and a Pile of Coins

من مبادئ التربية أن نعلم أطفالنا في سن مبكرة قيمة التخطيط، قد يبدأ من سن الخامسة وما بعدها، حسب درجة استيعاب #الطفل، والتخطيط في صورته الأولية بالنسبة للطفل يتمثل في تنظيم الوقت وتوزيعه على اهتماماته بين التحصيل لحفظ القرآن والتحصيل الدراسي والقراءة العامة، كذلك تحديد الأولويات بين المشتريات التي ينفق فيها مصروفه الخاص، وتجعله يطالب بالمزيد؛ لشراء اللعب التي يفضلها، والأطعمة التي يحبها، والملابس الجديدة أو الأحذية وما إلى ذلك مما يحوز اهتمامات الطفل.

ومن الصور الهامة للتخطيط بالنسبة للطفل هو غرس قيمة الادخار لديه، ثم توجيهه إلى قيمة التفضيل بين المشتريات، وتحديد أولوياته من المهم فالأكثر أهمية .

ويرى خبراء التربية أن تلك القيمة تشجع الطفل وتعطيه ثقة غير محدودة بنفسه وبقدرته على تسيير أموره الخاصة، حتى لو أصر كل فترة على تفقد ما ادخره وأَخْذِ جزء منه يتصرف به كما شاء، تحت رعاية الأبوين وتوجيههما.

وينصح هؤلاء الخبراء بأن لا يتم انتقاد الطفل على طريقة إنفاقه لما تم ادخاره، وما عليه فقط هو التوجيه. على أن يضع الآباء في اعتبارهم أن أولوياتهم تختلف كل الاختلاف عن أولويات الطفل الذي قد يفضل الحلوى الثمينة، أو اللعب التي يميل هو شخصياً إليها، فالبعض قد يميل بطبيعته لِلُعبٍ تعتمد على التفكير والذكاء، وآخرون يفضلون اللعب التي تعتمد على إعادة التركيب وهكذا، حتى لا يفسدوا على الطفل سعادته بقيمة مدخراته، ويهز ثقته بنفسه التي ما زالت في طور البناء، وعليه فالواجب على الآباء استبدال لهجة الأمر للهجة الحوار والنقاش والإقناع العقلي، حتى إذا أصر الطفل على رأيه فهذا شأنه، على أن يضعه الوالد في موضع المسؤولية عن اختياره بالكامل.

الواجب على الآباء استبدال لهجة الأمر للهجة الحوار والنقاش والإقناع العقلي، حتى إذا أصر الطفل على رأيه فهذا شأنه، على أن يضعه الوالد في موضع المسؤولية عن اختياره بالكامل

وحتى تتم فائدة غرس قيمة التخطيط -حسب رأي المختصين- فإن موعد المصروف ومسافته الزمنية يتوقف على عمر الطفل، فالطفل الأقل من عشر سنوات يتم إعطاؤه مصروفه أسبوعياً مع استمرار التوجيه على الإنفاق اليومي وعلى الجزء الذي يتم إنفاقه، والطفل الأكثر من عشر سنوات يتم إعطاؤه المصروف شهرياً مع نفس التوجيه، بحيث يستطيع إدارة أموره المالية لمدة شهر كامل، ويبقى التعامل مع الادخار بنفس الاهتمام الذي تحظاه أمور خاصة بحياة الطفل: كالتغذية، والعبادات، والنظافة، والقراءة وما إلى ذلك من قيم أساسية لا تقوم حياة الإنسان إلا بها.

أما عن مصارف المدخر، فعلى الآباء والمربين توجيه الطفل لبند هام وهو بند "التبرع"، ولن يستوعب الطفل تلك القيمة إلا إذا تلقاها بالتربية بالقدوة ، ومن هنا وجب أن يكون صندوق التبرعات بالبيت موجوداً بصفة دائمة، وينوّه إليه في بداية كل شهر مع الراتب والمصروف الأساسي للبيت، وتحدد مصارف التبرع حسب حاجة الأمة والمجتمع، ويتعرف عليها أفراد الأسرة جميعاً، ولا يتم إهمال ذلك الجانب مهما قلت قيمة التبرع، مع التأكيد على ثواب الصدقات، وتحفيظ النشء الأحاديث الدالة عليها، وتحبيبهم فيها.

ومن آثار الادخار الطيبة أن الطفل يقدر قيمة الأشياء التي يقتنيها من مصروفه الخاص، فلا يحطمها لأتفه الأسباب، ولا يهملها، كما أنه يتعلم قيمة المال ومصارفه وعدم تبديده.

من آثار الادخار الطيبة أن الطفل يقدر قيمة الأشياء التي يقتنيها من مصروفه الخاص، فلا يحطمها لأتفه الأسباب، ولا يهملها، كما أنه يتعلم قيمة المال ومصارفه وعدم تبديده

خطوات لتعليم الطفل قيمة الادخار:

1 ـ اقتناء حصالة بشكل جذاب، وإعطاؤها له على سبيل الهدية، وتزود بمفتاح يكون مع الطفل وليس مع المربي؛ ليستشعر ملكيتها فتغرس فيه قيمة المسؤولية.

2 ـ البدء بالعملات النقدية الصغيرة، وتوجيهه للمناصفة بين ما ينفقه وما يدخره.

3 ـ مشاركته في الاهتمامات الأكبر، فعلى سبيل المثال مشاركته بمعرفة مصروف البيت ليوم ما أو أسبوع ما، ومناقشة أوجه الإنفاق في احتياجات البيت، والاختيار في حدود ذلك المبلغ المتاح.

4 ـ تحدد مهلة زمنية معينة لفتح الحصالة، فيمكن أن يكون نهاية كل شهر، أو كل عدة أشهر، حسب حجم المصروف، وحسب الاحتياجات التي سيتم الإنفاق فيها، والخاصة بالطفل نفسه.

5 ـ تشجيع الطفل بمبلغ أكبر؛ مساهمة من الأبوين إذا احتاج لشراء شيء أكبر ثمناً مما يملكه، خاصة إذا التزم بالادخار وبأوجه الإنفاق الصحيح.

6 ـ تشجيع الطفل لوضع أهداف مسبقة لما يدخره، فهو يتمنى شراء لعبة ما، فعليه أن يدخر للحصول على لعبته، أو الاشتراك في ناد أو شحن هاتفه، فوضع هدف يقيه عملية الملل، ويشجعه للتوفير أكثر.

7 ـ تعليمه قيمة ترتيب أولوياته، فالطفل قد يحتاج لأكثر من غرض في الوقت الواحد، فعليه إذن أن يختار بين احتياجاته تلك ويفاضل بينها، فقد يحتاج مثلاً للعبة، وفي ذات الوقت يحتاج لشراء رواية أو مجلة أو كتاب، وهنا تكون الأولوية للكتاب مع الوعد بمساعدته في اقتناء اللعبة في وقت لاحق، مع الأخذ في الاعتبار أن يدخر جزء من قيمتها أولاً؛ حتى لا يفهم أن كل طلباته مجابة على الدوام.

وأخيراً فالتربية بالقدوة هي الأساس المتين الذي تتكون به شخصية أبنائنا ، فيجب على الوالدين أن يكون موضوع الادخار لديهما حاضراً وبقوة في ميزانية الأسرة؛ لمواجهة أي طارئ قد يطرأ عليها، أيضاً أوجه الإنفاق يجب أن يشارك فيها الجميع بالمناقشة، بما فيهم الأطفال الذين نأمل أن يكونوا هم رواد المستقبل وصانعي غد هذه الأمة، وعلى الأسرة أن تنتبه لكل ما تغرسه اليوم؛ لأنه هو نتاج الغد، ليس لها فقط وإنما لأمتنا جميعها.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة مصرية، مهتمة بالشأن الإسلامي العام، حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة القاهرة، وكاتبة في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية، لها العديد من المؤلفات المنشورة، مثل: المنهاج في الدروس المسجدية للنساء، معالم على طريق التمكين الحضاري، وأبجديات الثورة الحضارية وغيرها.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …