توفي القارئ الشيخ إبراهيم العلامات مساء الإثنين بعد صراع مع المرض. رحيلٌ أفجع المحبين والطلاب والعاملين معه في المشاريع القرآنية الممتدة على مستوى المحافظات الأردنية؛ حيث عُرف العلامات من خلال عقده لمئات الدورات التي تعنى بحفظ القرآن الكريم وتثبيته وإتقان تلاوته، كما وخرّج عشرات الآلاف من الطلبة والطالبات على مستوى الأردن.
عرف الشيخ العلامات بحبه الشديد لنشر القرآن الكريم وتعليمه، فلم يكن يتوانى عن المشاركة في أي فعالية قرآنية حتى لو بعد مكانها أو قل روادها، فقلما تجد مسجداً أو مركزاً قرآنياً لم يعرف الشيخ "إبراهيم العلامات".
وودعت عمان الثلاثاء شيخها البار بجنازة حاشدة أمها علماء ودعاة ومدرسون للقرآن الكريم إلى جانب آلاف الطلبة الذين تلقوا خير الكلام على يديه وفي حلقات التحفيظ التي كان يرعاها ويؤسسها.
وعقب انتهاء الجنازة بقي عشرات من طلاب العلامات على قبره يدعون له كما قاموا بأداء ختمة كاملة للقرآن الكريم عنه.
دعاة ينعون إبراهيم العلامات:
الداعية الدكتور أحمد نوفل أستاذ التفسير في الجامعة الأردنية سابقاً نعى الشيخ العلامات فقال:
"مات العلامات، وما مات من ترك وراءه كل هذه المعالم والعلامات من القارئين والقارئات والحافظين والحافظات.
درّست الشيخ إبراهيم في الجامعة، وسمّيته بلالاً، والتصق به اللقب، وبقيت المودة ودامت وزادت لأنها في الله ولله.
واليوم تودّع عمّان بل يودّع الأردن العزيز شيخاً عزيزاً على الجميع، وإنما اكتسب المحبة والمعزّة من إخلاصه في تعليم أعظم ما يُعلّم: القرآن العظيم، ولتفانيه في التعليم.
وربما لا يتصور الناس أنه لغاية قبل وفاته بأيام يومين أو نحوها وهو يطوف بالمراكز يعلّم القرآن.. رجلٌ عاش للقرآن واجتهد للقرآن وابتكر في تعليم القرآن وأخلص وأبدع وتفانى في تعليم القرآن.. فحفر في القلوب والوجدان كلمات الله. وبأسلوبه الخاص المميز شق طريقاً خاصاً به في تعليم وتحفيظ القرآن.
أحب تلاميذه فأحبوه، وتفانوا في خدمته كما تفانى في تعليمهم، وربما قل أن تجد معلماً حظي بمحبة طلابه كما حظي الشيخ إبراهيم".
الداعية الدكتور محمد سعيد بكر كتب قائلاً:
"العلمي في غزة .. والعلامات في عمان .. اللهم نسألك رحمة بهما ..وعوضاً كريماً لأمتنا".
واستذكر بكر عبر صفحته على فيسبوك رحلة جمعته بالشيخ العلامات الذي ذهب برفقته إلى أربيل العراق من أجل التدريب على تأسيس مشروع قرآني هناك؛ فقال: كان واثق الخطى، رقيق الابتسامة، لين اليد لإخوانه".
وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي قصة مؤثرة كان قد ذكرها العلامات خلال محاضرة له في المستشفى الإسلامي قبل عدة سنوات يقول راويها:
جاءنا الشيخ ابراهيم العلامات يوماً محاضراً في المستشفى الإسلامي، وقبل أن يبدأ.. ابتسم ابتسامته المشهورة و قال:
أحب هذا المستشفى كثيراً، عندما كنت طالباً، قرر الإخوان المسلمون بناء هذا الصرح الخيري و كانوا قد بدأوا بجمع المال و التبرعات لإتمامه.
آلمني وقتها أنني طالب فقير لا أملك ما أتبرع به!
فطلبت منهم أن أعمل حارساً للطوب و الحديد ليلاً.. أحرس مواد البناء فلا يغفى لي جفن للصباح و بعدها أنطلق إلى دراستي.
و إني لأرجو أنني بعملي ذاك قد ساهمت و لو بالقليل في بناء هذا الصرح..
الدكتور أحمد الرقب النائب في مجلس النواب الأردني كتب قائلاً:
"إمام اجتمع الخلق حوله؛ صاحب قلب كبير وفؤاد رقيق وعقل راجح ولسان دافىء وأدب جم وإخلاص ظاهر وتواضع محمود ودعوة مستجابة ودمعة سخية وعاطفة صادقة وابتسامة موسومة وطلة ميمونة... ينكر ذاته ويلتمس العذر لإخوانه، الصمت دأبه وكلمة الحق على طرف لسانه، والحكمة تتفجر من جنانه، خطيب وأي خطيب؟!، واعظ وأي واعظ؟! قارىء من الطراز الأول؟! القرآن صديقه، وله مع تلاوته وترتيله وحفظه وتحفيظِه ما سارت الركبان بذكره، شهدت له في ذلك كرامات لها مقام آخر.... صوام قوام له مع السحر صحبة واستغفار، صابر صبور وله مع الصبر مواقف وقصص، داعية عز نظيره أقبلت القلوب على مجالسته، تاب على يديه جم غفير من الخلق، آثاره وأنواره تنطلق من انوار القران التي خالطت دمه ولحمه وروحه ؟!
لا أبالغ إذا قلت هو بالسلف الصالح من خير القرون أشبه؛ أحسبه من العلماء الربانيين والعلماء العاملين والمجاهدين الصادقين ولا أزكي على الله أحدا"