من هو “مهندس حماس” الذي قاد العمل الأمني والعسكري في مرحلةٍ مهمة منها؟

الرئيسية » بصائر من واقعنا » من هو “مهندس حماس” الذي قاد العمل الأمني والعسكري في مرحلةٍ مهمة منها؟
العلمي

هو رجل مستمع من الطراز الأول، حديثه يتميز بالهدوء، لا يهوى الظهور الإعلامي ولا يسابق إلى اللقاءات، ولا يعاتب إن غابت صورته، أو تأخر خبره، أو طوى الإعلام ذكره، ولا يسبق للجلوس في الصفوف الأولى، بل لا يهمه إن تأخر مقعده، أو لم يعرف الناس منزلته، ولم يجلسوه في المكان الذي يليق بمكانته، ويناسب قدره.

مع أنه تربع على مناصبَ عُليا داخل الحركة تؤهله ليكون "نجم الحركة"، كيف لا وهو من القادة الأوائل لجماعة الإخوان المسلمين، ومن المؤسسين لحركة #حماس ومن المقربين للشيخ أحمد ياسين، وأحد القادة الذين تركوا بصمة كبيرة في مسيرة الحركة الإسلامية، ألا وهو المهندس «عماد العلمي» المُلقب بـ «أبي همام»، والذي تُوفي صباح اليوم متأثراً بجراحه التي أُصيب بها قبل ثلاثة أسابيع، حيث أُصيب بطلق ناري في الرأس أثناء تفقده لسلاحه الشخصي في منزله، وفق ما أفادت به حركة "حماس".

كان "العلمي" العقل الذي يضع الخطوط العريضة العامة ويترك التفاصيل لرفاقه ، وكان يطرح الأسئلة الجوهرية التي من خلال أجوبتها كان إخوانه يكتشفوا ما يريد دون الحديث صراحة، فهو لا يحب الشرح الطويل ولكن يفضل الدخول المباشر للقضايا المطروحة، كان سهلاً في حديثه حاسماً في موقفه ويحترم كل الآراء مع تمسكه بموقفه وقناعته، كان يتميز بالهدوء التام حتى قال المقربون منه أنهم لم يذكروا أنهم رأوه عصبي المزاج أبداً، دائم الابتسامة لكل من لاقاه.

مولده ودراسته

وبالعودة إلى حياة العلمي، فهو وُلد بمدينة غزة عام 1956، وتعلّم في مدارسها، وتربّى على يد الشيخ المؤسّس أحمد ياسين دينياً ودعوياً، والذي كان مقرّباً جداً منه، ونصحه بدراسة الهندسة المدنية في جامعة الإسكندرية بمصر، وبالفعل حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية، وهو متزوج وله ستة من الأبناء.

الاعتقال والإبعاد

- التحق "العلمي" بصفوف "الحركة الإسلامية" في سنٍّ مبكرة، وكان من المرابطين على الثغور وأحد الجنود السريين في الانتفاضة الأولى، ونتيجة لذلك تم اعتقاله لمدة عامين من 1988 حتى 1990 بتهمة التنظيم والتحريض من خلال اللجنة الإعلامية لحماس.

وعلى الرغم من أن التهم التي وجهها الاحتلال له حينما اعتُقل وأُبعد هي العمل الإعلامي لصالح "حماس"، لكنه كان قليل الكلام، ونادراً ما يظهر على الإعلام، وقد لا تجد له تصريحات إلا إذا تمّت استضافته في لقاء أو ندوة.

- وفي عام 1990، أُفرج عنه من سجون الاحتلال، ليعود ويمارس نشاطه في الحركة، لكنه سرعان ما اعتُقل من جديد في بداية عام 1991، وأبعده الاحتلال إلى خارج فلسطين عام 1994 هو وآخرين من قادة حركة حماس.

الانتقال بين عدة دول لدعم القضية الفلسطينية

- لم يسبب قرار إبعاده وأدًا لنشاطه السياسي، حيث واصل "العلمي" نشاطه في إطار الحركة وتنقَّل بين عدة دول عربية، وكان له دور كبير وفعال في دعم القضية الفلسطينية والانتفاضة في مراحلها كافة .

- وكان أول من مثَّل حركة "حماس" في جمهورية إيران التي شكلت داعمًا رئيسيًا للحركة عسكريًا وماليًا، وذهب لسوريا ليواصل اجتماعاته بأبناء حركة حماس. وفي عام 2003، أدرجته الولايات المتحدة على قائمة «الإرهاب العالمي»، إذ قالت إنه عضو في المكتب السياسي لحماس في دمشق، وإنه يتحمل مسئولية الإشراف على الجناح العسكري للحركة في غزة والضفة الغربية، وظل موجودًا في سوريا إلى أن قرر مغادرتها برفقة عائلته عام 2012، أي بعد عام تقريبًا من بدء الثورة في سوريا.

انتقاله للعيش في غزة

- انتقل العلمي للعيش في غزة، حيث قال في أول تصريحٍ له فور عودته إلى غزة عبر معبر رفح، في فبراير/شباط 2012 :(عودتي لفلسطين هي لحظة انتصار للمقاومة، التي حررت غزة، وكما عدنا لها اليوم فسنعود للقدس إن شاء الله).

وبعد عودته إلى غزة، احتضنته حركة حماس، إذ انتُخب نائبًا لرئيس الحركة «إسماعيل هنية» في قطاع غزة عام 2013، وظل يشغل هذا المنصب حتى العام الماضي.

فضل "العلمي" البُعد عن الصحافة، لكنه شارك في محادثات عدة.: منها محادثات حول عقد هدنة مع الاحتلال، ومحادثات أخرى لإطلاق سراح الجندي الصهيوني «جلعاد شاليط» الذي كان أسيرًا لدى الحركة، فضلًا عن جهده المبذول في سبيل إصلاح العلاقات مع مصر ومع حركة فتح.

كما حمل على عاتقه خلال تلك السنوات مسئولية الدعوة إلى الوحدة وإنهاء الانقسام في كل مرة تتاح له الفرصة أن يظهر إعلاميًا.

- في حرب عام 2014 على قطاع غزة، أصيب «أبو همام» بجروح خطيرة في ساقه تسببت في بترها جراء غارة جوية على أحد الأبراج السكنية خلال العدوان الصهيوني على غزة.

- واضطر "العلمي" على إثر إصابته للخضوع لعملية جراحية في تركيا، واستغرقت رحلة علاجه تسعة أشهر، ثم عاد إلى قطاع غزة من معبر رفح مرة أخرى في 27 مايو/آيار 2015 وسط استقبال وطني حافل عند عودته من قِبل قيادات من مختلف الفصائل الفلسطينية.

وفي التاسع من كانون الثاني/ يناير للعام الجاري؛ تعرض "العلمي" لإصابة بالغة بإطلاق نار على رأسه، إثر تفقُّده سلاحه في منزله، وفق ما أفادت به حركة "حماس" نُقل على إثرها إلى مستشفى "الشفاء" غربي مدينة غزة، وخضع لعملية جراحية وبقيت حالته حرجة.

- وبعد ثلاثة أسابيع من إصابته، وفي الـ 30 من شهر يناير الجاري، أعلنت حركة "حماس" وفاة القيادي عماد العلمي متأثّراً بإصابته.
وكانت صفحات الناشطين الفلسطينيين قد ضجّت بذكر أثر القيادي في قضيّة فلسطين وثباته وحكمته، ومواصلته على الرغم من اعتقاله سابقاً من قِبل الاحتلال "الإسرائيلي" وإبعاده، وإصابته في إحدى حروب غزة.

 

مهندس حماس

إسماعيل هنية: كان العلمي مهندساً لحماس في الفكر السياسي والعسكري والأمني والعمل النقابي والمؤسساتي وفي الداخل والخارج، كما كان سياسياً بامتياز، وفي مرحلة من المراحل كان يقود العمل العسكري والأمني

ووصف إسماعيل هنية- رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"- القائد عماد العلمي أثناء نعيه بمهندس حماس، قائلاً: لقد كان مهندساً لحماس في الفكر السياسي والعسكري والأمني والعمل النقابي والمؤسساتي وفي الداخل والخارج، كما كان سياسياً بامتياز، وفي مرحلة من المراحل كان يقود العمل العسكري والأمني".

وتابع هنية "أبو همام قائدًا ليس عاديًا خسرته حماس وخسرته فلسطين والمقاومة، من كان ينظر إليه يرى فيه العابد الزاهد الورع الصامت صاحب الهيبة".

وكشف هنية عن مرافقته للقائد أبو همام خلال إصابته في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، قائلاً: "تشرفت برفقة عماد العلمي في العمل فكان قدوتي، وقائداً أكبر من الإداريات والمواقع والمناصب، وحينما وقع الحادث اعتقدت أنه شهيد بعدما بترت قدمه وفقد وعيه".

وأشار هنية إلى أن العلمي "رجل شارك مع الثلة الأولى في صناعة التحولات الاستراتيجية في مسيرة حركة حماس منذ أن كانت تتحرك في محاريب الدعوة والتربية والعمل النقابي والمؤسساتي وفي الانتفاضة والسجون".

ولفت هنية أن عزاء حماس في رحيل القائد أبو همام" أن شجرة الخير والمقاومة والجهاد التي شارك في زراعتها، أصبحت شجرة عظيمة يستظل في ظلها ملايين البشر ويتفيأ ظلالها كل أحرار هذه الأمة الذين يتطلعون لتحرير أرض فلسطين".

كم كنت أجد نفسي أمام أخ متفانٍ في خدمة إخوانه، يعمل لقضيته ليل نهار، زاهدٌ في حظوظ الدنيا بالشكل الذي يفرض عليك احترامه

مشروع شهيد

وتحدث صديقه الدكتور "أحمد يوسف"- القيادي في حركة حماس-، عنه قائلًا: "كم كنت أجد نفسي أمام أخ متفانٍ في خدمة إخوانه، يعمل لقضيته ليل نهار، زاهدٌ في حظوظ الدنيا بالشكل الذي يفرض عليك احترامه، والشعور بأنك أمام رجل يعمل لآخرته، ويدرك بأن حياته هي «مشروع شهيد»".

وتابع "ولذلك، تجد في مظهره جديِّة وهيبة أكثر من غيره من قيادات حركة حماس.، وعندما كانت تطرأ خلافات أو تباينات في وجهات النظر داخل الصف حول بعض المسائل التنظيمية، كنت تجد مواقفه الحكيمة وسعة صدره من ناحية، وفي الناحية الأخرى لا يقبل الدنية في المواقف أو مجانبة قول الحق، هكذا عرفت الأخ عماد «أبا همام» في محطات تنظيمية في الداخل والخارج".

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفية فلسطينية مقيمة في قطاع غزة، حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والاعلام من الجامعة الاسلامية بغزة عام 2011م، وكاتبة في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "الشباب" الصادرة شهرياً عن الكتلة الاسلامية في قطاع غزة. وعملت في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية أبرزها صحيفة فلسطين، وصحيفة نور الاقتصادية، وصحيفة العربي الجديد.

شاهد أيضاً

من عوامل ثبات أهل غزة

قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …