أحمد جرار .. الطور الثاني للبطولة والتحرر

الرئيسية » خواطر تربوية » أحمد جرار .. الطور الثاني للبطولة والتحرر
احمد جرار11

جاءت العمليات البطولية الأخيرة في الضفة الغربية ضمن السياق الثوري المتأصل في الفلسطينيين، الذين يسعون لإكمال عملية التحرير في ظل فشل مسار المفاوضات من تحقيق أي استقلال أو أمن على الأرض، وفتحت هذه العمليات الباب على مصراعيه أمام الشباب دون انتماء معين، أو عمر معين، لتفعيل المقاومة بكل أشكالها في الضفة الغربية.

إن تفعيل المقاومة في الضفة الغربية هو الخيار الأفضل لتغيير الحالة المعقدة التي يعيشها الفلسطينيون هناك في كل الجوانب، وإشغال الاحتلال في توفير الأمن يعطي الفرصة لتوقف الاستيطان اليومي، والحواجز والتأخر الاقتصادي، لأن الاحتلال ومستوطنيه أمنوا على أنفسهم هناك، فاتخذوا أشد العقوبات بحق الفلسطينيين، ومن أمن العقوبة أساء التصرف.

إن تفعيل المقاومة في الضفة الغربية هو الخيار الأفضل لتغيير الحالة المعقدة التي يعيشها الفلسطينيون هناك في كل الجوانب

أعاد الشهيد أحمد جرار ابن الشهيد نصر جرار للأذهان مصطلحات ثورية مهمة في هذه المرحلة التي تعاني منها الضفة الغربية من سطوة التنسيق الأمني، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية بما يعرف بصفقة القرن، ناهيك عن السوءات التي بانت على كل شيء، على الدولة، الاقتصاد، الحرية، السفر، والأمن والأمان، لتنطلق رصاصات خلية جنين الأخيرة قائلة: "لا صوت يعلو فوق صوت البندقية"، ليصبح أحمد أسطورة ومدرسة مفتوحة لكل من يريد الانضمام لها من الشباب الفلسطيني.

الشبح هكذا وصفته الصحافة الصهيونية، أو الأسطورة كما سماه الصحفي الصهيوني جال بيرغر قائلاً: "يبدو أن أحمد جرار اختار المواجهة، فالبرق لا يضرب مرتين، ورويداً رويداً يتحول لأسطورة"، أو المطارد الذي مضى وحيداً يطارد كاميرات الاحتلال، وتقنيته، وطائراته وعملائه حتى اللحظة الأخيرة وفي النهاية فشل الاحتلال وكسر أحمد أسطورته كيف ذلك؟

أحمد الذي استنفر الاحتلال بكامل قواته الخاصة والأمنية، ووحدات نخبته من يمان وجفعاتي وعملائه في الضفة الغربية المحتلة، وبتنسيق أمني رفيع المستوى وبقي 27 يوماً مطارداً، وجعل الاحتلال كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، انتصر اليوم انتصاراً كبيراً، رغم استشهاده.

تكافل أهل الضفة وحبهم للمقاومين ظهر في حماية أحمد ورفاقه الذين تنقلوا من بيت لبيت، وحارة لحارة، وزقاق لزقاق، وخروج مئات الشباب بأجسادهم يرجمون سيارات الاحتلال العسكرية عند كل اقتحام بالحجارة وقنابل "الموليتوف"، لهو انتصار جديد يثبت أن كل محاولات الترويض والتنسيق الأمني فشلت فشلاً ذريعاً في الضفة الغربية، وما تقوم به الأجهزة الأمنية لمنع المقاومة يتعارض تماماً مع طبيعة الحاضنة الشعبية هناك وتوجهات الشعب وإرادته.

كل محاولات الترويض والتنسيق الأمني فشلت فشلاً ذريعاً في الضفة الغربية، وما تقوم به الأجهزة الأمنية لمنع المقاومة يتعارض تماماً مع طبيعة الحاضنة الشعبية هناك وتوجهات الشعب وإرادته

للمرة الأولى تخرج مظاهرات بهذا الحجم الكبير بعد استشهاد أحمد ورفاقه السابقين، جابت مدناً في الضفة الغربية، ضد التنسيق الأمني، الأمر الذي يكشف عن غضب الشعب بكامله على الحالة السياسية الفلسطينية، وينذر بنفير عام اقترب شأنه. فلن يقف أمام الشباب أحد، وستمتلئ السجون بالمعتقلين حتى تسقط كل الاتفاقيات الفاشلة، فالحاضنة الشعبية اليوم باتت أكبر لتحمل مسؤولياتها تجاه المقاتلين والمطاردين الجدد، ومن شاهد تعليق والدة الشهيد أحمد عبيد والذي استشهد مدافعاً عن وصول الجيش الصهيوني لأحمد جرار يعلم تماماً أن الضفة جاهزة للمرحلة الأخيرة من طور التحرير، فقد قالت والدة الشهد عبيد بملء فيها في رثاء ابنها: "أحمد ابن كل فلسطين، وكلنا فداء أحمد جرار ورفاقه".

شهداء اليوم الجدد هم المدد الحقيقي، والراية التي يجب أن يتوحد الجميع خلفها، وما فعله المقاومون الفلسطينيون بعملياتهم البطولية، فرصة جديدة لانتفاض الضفة على الظلم الواقع بحقهم، وكسر العقيدة الأمنية التي خلفتها اتفاقيات التسوية الهزيلة، فالأمن ليس مقابل الغذاء، بل الأمن مقابل الغذاء والأمن والاقتصاد والحرية.

شهداء اليوم الجدد هم المدد الحقيقي، والراية التي يجب أن يتوحد الجميع خلفها، وما فعله المقاومون الفلسطينيون بعملياتهم البطولية، فرصة جديدة لانتفاض الضفة على الظلم الواقع بحقهم

كل مخاوف الاحتلال تصب اليوم أن خلية جنين التي يقودها أحمد جرار هي خليط من فصائل مختلفة، شباب ثائر جمعهم حب الوطن، وصلابة الموقف والمقاومة، دون أي التفات لمشهد الفصائلية، وهو ما ستشهده الضفة قريباً من تكرار دوري لأحمد ورفاقه الجدد.

وحيداً مضى أحمد جرار ومن سبقه تحتضنه بيوت الناس، وأزقة وقرى وشوارع جنين، الذين تمنَّوا بقاءه بينهم، أرواحهم وبيوتهم دونه، أعادوا للمطارد هيبته، وللأسطورة مكانته، وبقيت هذه المصطلحات وسام فخرٍ للفلسطينيين، وحلم رعب يطارد الصهاينة على الدوام.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب صحافي من غزة حاصل على درجة الماجستير في الاقتصاد السياسي، متخصص في الشأن السياسي والقضايا العامة، وعمل مع العديد من الصحف والمواقع العربية والأجنبية، شارك في كتاب عن "الأسرى الفلسطينيين" نشر بعدة لغات. أعد مجموعة كبيرة من المقابلات الصحفية والتوثيقية مع مجموعة من صناع القرار والقادة الفلسطينيين، وأنجز مجموعة من التحقيقات الصحفية الاستقصائية.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …