دوامات إدمان الأفلام والمسلسلات: كيف تنتشل نفسك منها؟

الرئيسية » بصائر تربوية » دوامات إدمان الأفلام والمسلسلات: كيف تنتشل نفسك منها؟
watching-tv-52733-1280x0

اخلق الاهتمام باهتمامات جديدة!

اخلق لنفسك أجواء موازية لتنتقل إليها تدريجياً، بالتعرف على عوالم أخرى غير عوالم الفرجة والتمثيل، هنالك اهتمامات عامة نفعها مُجرَّب، يمكنك البدء فيها ولو على سبيل التجربة، ولكن بجديّة وبصورة دورية -متكررة يومياً أو أسبوعياً- لفترة معتبرة (شهر على الأقل)؛ لأن الهدف أن تتذوق نفسك مذاقات أخرى تخفف عنها "رعب" الشعور بالخواء إذا خلا جوفها مما اعتادته، غيّر ما بنفسك لتتغير نفسُك.

-أمثلة تلك الاهتمامات:

1- الرياضة: أي صورة من صور التريّض البدني الذي يخرجك من طور الخمول والركود، المشي، الخروج لحديقة أو منتزه مرة أسبوعياً، التمارين المنزلية من نوع ( (Workouts,Cardio, HITT، ولها آلاف المرئيات التعليمية على الإنترنت، إن أثر الرياضة البدنية مجرّب في تحسين المِزاج والشعور النفسي.

2- القراءة: ابدأ بمجالات عامة وخفيفة، أجواؤها ورسائلها تنبهك بلطف لعالم ومعانٍ جديدة؛ لأن الهدف التحايل على نفس تشبه الطفل في التعلّق بنوع حلوى ضار، فنغريه بتركه لنوع آخر أقل ضررًا –مؤقتاً- حتى يعتاد التخلي عن الآخر، لكن تنبه ألا يتحول ذلك لإدمان آخر، فابتعد عن نوعية القراءات التي تثير فيك من اللذة والإثارة ما في المرئيات ، كالألغاز وروايات الجيب، ومن المقترحات التي أرشّحها: مسرحيات وروايات "علي أحمد باكثير"، و "مصطفى لطفي المنفلوطي"، ومؤلفات "جبران خليل جبران"، ومترجمات سلسلة كتابي "لحلمي مراد"، وكتب "عائض القرني" و "محمد العريفي"، و كتب السيرة "لخالد محمد خالد" و "عبد الرحمن رأفت باشا"، و كتب النوادر والطرائف مثل نوادر جحا ونوادر الأدباء وبهجة الحديث، وقصص السيرة الذاتية لسلسلة ذاكرة الكتابة وغيرها، وسلسلة كتب "مصطفى محمود".

3- انضم لأي نشاط أو مسؤولية تتطلب التزاماً اجتماعياً خارجيًا، سواء بالخروج حرفياً خارج البيت، أو معنوياً خارج راحة العزلة وأمان الخلوة الدائمة، اشتغل شغلًا حرًا من البيت له مواعيد تسليم، أو تعلّم حِرفة، أو احضر دورة أو تدريبًا، أو انضم لنشاط ينفعك الاشتغال بمجاله .

ما سبق، أمثلة يمكنك أن تضيف لها، أو تأخذ بغيرها، كل ما تحتاجه أن تجلس جلسة تفكر جادة مع نفسك، وستتفق لك إجابات تناسبك بإذن الله.

 الحضور والاستحضار:

بداية التخفف من أي نوع إدمان فيها صعوبة بحسب تمكن لذتها في نفس صاحبها! من الأهمية بمكان التنبه لهذه الحقيقة؛ لأن قرب عهدك بلذة المشاهدة، ومتعة الاستلقاء والتلقي يقوّي حضورها في شعورك، فتجد أنك فاتر عن استبدالها بأمر آخر متعته ليست في نفسك حاضرة بعد.

وهنا يأتي دور الاستحضار، وإضافة الألف والسين والتاء تعني بذل الجهد وتكلّف الفعل حتى يتيسر لك، دقيقة استحضار أثر الفرجة بعيد المدى، وما تورثك إياه من تكدّر وتحسّر وهَدْر، وما تتطلع إليه من تحسين وترق من نفسك لنفسك، مما يعين بإذن الله على مقاومة ميلك لمعاودة الدوّامة، وتجاوزها مرة بعد مرة لأشياء أخرى.

 خذ فترة نقاهة قصيرة ومتجددة:

عوّد نفسك طعم الفطام تدريجياً، لمدة يوم، ثم يومين، ثم ثلاثة، لا تشاهد فيها شيئًا، مهما كانت جاذبية ما تتابع، ولمناورة نفسك في منازعتها لك، اعقد اتفاقًا معها أنه فطام "مؤقت"، ثم حين يمر يوم حتى ثلاثة دون تلك الجرعات، بل وباشتغالات أخرى، ستجد أنك لم تعد تفزع من المبدأ، ولا عاد للمشاهدات تلك السطوة، وقد ذكَرنا أن الإدمان إنّما يتمكّن من صاحبه لفراغ ذلك الأخير لا بالضرورة لجودة ما يدمنه.

ثم جرّب تغيير نوعية ما تشاهد لشيء بعيد تماماً عن جاذبية الهوى: كفيلم وثائقي أو تقرير تاريخي، وكما اتفقنا قد لا تشعر بـ"متعة" المادة مقارنة بما تتابع عادة، لكن القضية هنا تحريرك من أسر تلك العادة بمعاكستها، ولا بد للمعاكسة من شيء من الحزم في البداية حتى تتواكب نفسك مع التغيير بإذن الله .

وطّن نفسك على :

1- تجاوز المزاجية:

ثقافات التنمية البشرية والهوى الشخصي غرست في أذهان الكثيرين تقديس "المزاج"، و"النّفْس"، وحضورهما في كل ما تفعل كعلامة على جودة ما تفعل، وليس هنا محل تفنيد هذا المبدأ المريع كثقافة شائهة، وإنما يكفي تقرير أنه لا بأس إطلاقًا بالبدء في عمل تحتاج منافعه، أو تقوم عليك مسؤوليته ومزاجك/هواك ليس حاضراً تماماً، ثم حين تخوضه تجد أنك اندمجت فيه، نفسك لما عوّدتها معتادة، فمن تعوّد الخمول والكسل والتلقي والاستلقاء، لن يقوده مزاجه خارج تلك الحدود من تلقاء نفسه، بل إن هلاكه في متابعته له!

جرّب معنى أن تتجاوز مزاجك، ويكون دافعك المسؤولية والانضباط والحرص على ما ينفعك -والترويح السوي المعتدل مما ينفع لكنه ليس محل النقاش الآن-، وستشهد في نفسك شعوراً لذيذاً جداً اسمه "ملك زِمام نفسك وحسن صحبتها"، بدل أن تكون عبداً لهواها، مسيرًا بمزاجها، ثم ساخطاً عليها معادياً لها.

جرّب معنى أن تتجاوز مزاجك، ويكون دافعك المسؤولية والانضباط والحرص على ما ينفعك -والترويح السوي المعتدل مما ينفع لكنه ليس محل النقاش الآن-، وستشهد في نفسك شعوراً لذيذاً جداً اسمه "ملك زِمام نفسك وحسن صحبتها"

2- الصبر ثم الصبر ثم الصبر:

على قيود الهوى حتى تتحرر منها، بالمناورة والمصابرة وطول النَّفَس، عادات عمر بكامله لن تتغير في يوم وليلة، ولا في شهر أو بضع شهور، خاصة إذا كنت ساعياً لاستبدال عمر بعمر جديد، ونمط معيشة بمنهاج حياة !

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومحاضِرة في الأدب والفكر وعُمران الذات. محرّرة لغوية ومترجِمة. مصممة مناهج تعليمية، ومقدّمة دورات تربوية، وورش تدريب للمهارات اللغوية. حاصلة على ليسانس ألسن بامتياز، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …