عماد العلمي .. المفكر الصامت

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » عماد العلمي .. المفكر الصامت
A Palestinian member of Hamas movement political bureau, Emad Al-Alami is welcomed by Hamas movement

"الصَّمت والهدوء طبيعته"، "لا يتحدَّث إلا قليلاً، وإن تحدَّث فالدُرُّ كلامه، والفيصل حُكمه، كلماتُهُ معدودة، وصوته خافت، لكنه عميق الفكرة"، بهذه الكلمات يصف كلٌ من عرف "القائد الصامت"، عماد العلمي، القيادي والعضو السابق في حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

عمل العلمي، طوال ثمانية عشر عامًا قضاها مبعدًا مجبرًا عن وطنه قبل عودته لقطاع غزة عام 2012، بمثابة "مهندس حماس الأول" و"مفتاحها" في كسر قيود العزلة الإقليمية والدولية التي حاول الاحتلال فرضها على الحركة، وفقًا لمقربين منه.

وعلق الدكتور فضل الزهار، الذي رافق العلمي على مدار 12 عامًا خارج فلسطين قائلًا: "تمتع المهندس عماد بسلسلة من الأخلاق الحميدة والصفات النيرة التي جعلت منه رجلاً سياسياً ودبلوماسياً من الطراز الرفيع ومن أبرز مهندسي علاقات حماس الإقليمية والدولية".

د.فضل الزهار: تمتع المهندس عماد بسلسلة من الأخلاق الحميدة والصفات النيرة التي جعلت منه رجلاً سياسياً ودبلوماسياً من الطراز الرفيع

وأضاف الزهار في حديث لبصائر "إلى جانب حسن الخلق والزهد في الدنيا، كان العلمي يتمتع بالتواضع في إطار المصلحة العامة والقدرة على إقناع الآخرين وتوحيد الآراء المتباينة على قواسم مشتركة فضلًا عن التزامه الصمت في أثناء العمل والاكتفاء بالوقائع على الأرض كمتحدث باسمه".

وتابع الزهار: "نشط العلمي في تحسين صورة الحركة لدى الدول الغربية ومواجهة محاولات الاحتلال إلصاق تهمة "الإرهاب" بحماس، وكل ذلك بفضل الفكر الواسع الذي تميز به العلمي وحسن طرحه".

وأشار الزهار إلى أن السر وراء نجاحات العلمي في نسج شبكة علاقات خارجية ناجحة لـ"حماس" يكمن وراء إيمانه وتأكيده الدائم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتقديمه للقضايا العامة المرتبطة بالقضية الفلسطينية على شؤون الخاصة الحزبية، موضحًا أن الراحل العلمي "كان دائمًا يذّكر إخوته في الغربة بأنه سفراء للإسلام بالدرجة الأولى".

فيما وصف الشيخ والقيادي في حماس مصطفى القانوع، الذي رافق العلمي في مختلف محطات الغربة، المهندس الراحل بـ"الرجل الاستراتيجي الذي يهندس كل القضايا ولا يتركها تمضي دون تخطيط مدروس مصحوب بفكر عميق وكذلك تنفيذ دقيق".

مصطفى القانوع: عماد العلمي هو الرجل الاستراتيجي الذي يهندس كل القضايا ولا يتركها تمضي دون تخطيط مدروس مصحوب بفكر عميق

وبين أن "العلمي شخص قيادي كان وسيبقى يُشار إليه بالبنان لنجاحاته البارزة على صعيد بناء العلاقات الخارجية لحماس".

واستذكر القانوع حالة الصمت والتفكير الهادئ التي كانت تميز الراحل العلمي، قائلًا: "دائما ما كنا نجده جالساً في مكتبه لساعات طويلة وعندما نبادره بالسؤال عن سبب مكوثه يجيبنا مبتسمًا: "عم بخمر فكرة".. رحمه المولى كان حقاً رجلاً مفتاح حماس الأول في علاقاتها الخارجية".

ونوه القانوع إلى أن العلمي دائماً ما كان يدعو للمبادرة بطرق أبواب الدول وشرح أفكار حماس لهم على قاعدة أنها حركة مقاومة تسعى لاسترداد الأرض المسلوبة بمختلف السبل الممكنة، مؤكداً أن العلمي كان له دور بارز وخفي في تخفيف وطأة الحصار الذي حاول الاحتلال فرضه على حماس دوليًا بعد فوز الحركة في الانتخابات التشريعية عام 2006.

أما المحاضر في الجامعة الإسلامية نزار ريان فيقول: "أول ما عرفتُه من أخلاق الرجل التواضع، كان آيةً فيه، هادئ الصوت خفيضه إذا تكلم، دائم الابتسامة، يتلطّفُ لمن حوله، وإن كان أكبرهم سنًّا وقدرًا، ينصتُ بعينيه قبل أن يستمع بأذنيه، ويهتمّ بالصغير والكبير، وبحوائجهم وقضاياهم في احترامٍ بالغٍ وتواضعٍ عظيم".

براء ريان : كان العلمي قائداً من الطراز الفريد، الذي يعيشُ آلام أهله، ويشعر بهم، ويعاني معاناتهم، ويصرّ على البقاء بينهم

وقال ريان في حديث لموقع بصائر: " أكثر ما لمستُه منه قربُه من الشباب، وحرصه على السماع منه، والأخذ بآرائهم إذ حظيتُ بشيء من القُرب بُعيد حضوره إلى غزة سنة 2012 مضيفا: "إذ دعيتُ -مع غيري- إلى لقاءات عديدةٍ معه، فشهدته رجلًا واسع الصدر، يُحبّ أن يسمع الاعتراض والانتقاد، ولا يتكلّف أو يكابر في الجواب عليه، بل يُسلّم كثيرًا لمن ينتقد، ويعدُ بإعادة الطرح والنظر، ويسأل عن المقترحات والحلول، ويستمع باهتمام بالغ، ولعلّ عنده ما يقوله القائل وأضعافه.

وأضاف ريان: "أما مع عامة الشعب، فهو قائدٌ من الطراز الفريد، الذي يعيشُ آلام أهله، ويشعر بهم، ويعاني معاناتهم، ويصرّ على البقاء بينهم، واحدًا منهم، وما أحوج أهل غزة إلى مثل هذا، خاصة في هذه الظروف المُرّة، والأيام العصيبة.

وأشار ريان إلى أن أبا همام كان دومًا من أبعد القادة عن الرغبة في المناصب والتطلّع إليها، يؤثر أن يكون في آخر الصفّ على أن يتقدّمه بتزكية نفسه، والترويج لشخصه، بل بلغ به أن ينسحب من بعض الاستحقاقات المضمونة له، ويُفسح لغيره أن يتبوّأها غير عابىء ولا متحسّر.

وأوضح أنه لم يدخل بيته أحد في دمشق أو غزة إلا عرف زُهده وبُعده من التكلّف والتصنّع، ولا عاشره إنسان إلا علم نظافة يده، وصغر الدنيا في عينيه، عاش عمره إنسانًا عاديًّا، قليل الحظّ من الدنيا.

معلومات الموضوع

الوسوم

  • عماد العلمي
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
    صحفي فلسطيني مقيم في قطاع غزة، حاصل على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية بغزة عام 2000، عمل في العديد من الصحف والإذاعات والمواقع الإلكترونية العربية والدولية أبرزها: العودة اللندنية، العرب اللندنية، القدس الفلسطينية، موقع إخوان أون لاين. وله العديد من المقالات في مجالات متنوعة، يعمل حاليا مديرًا لموقع الرسالة نت الفلسطيني بغزة وكاتب في موقع " بصائر " الالكتروني.

    شاهد أيضاً

    طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

    مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …