في ظلّ حياة صارت أكثر عملية وسرعة من أي زمن مضى، وفي ظل علاقات إنسانية تتأرجح بين كونها علاقات عمل، أو أخرى عائلية، وبين وطيدة وأخرى عابرة، تطرح الكثير من الأسئلة نفسها، وربما من أهمها: كيف نستمتع بتلك الحياة التي لا يكاد يخبو وقعها؟! وبين الكثير من الأفكار والمشاريع التي تنادي بالتغيير: كالسفر، أو تغيير مكان السكن، أو العمل، أو تنويع الأنشطة -لعلها تكون سببًا ولو مؤقتًا للخروج من زحمة الحياة- يحتار البشر، ويأتي كتاب العريفي ليكون أحد تلك المشاريع وأطواق النجاة، ولكن بصورة أكثر عملية وواقعية، أما كيف ذلك؟ فتفصيله في السطور الآتية:
مع الكتاب:
بداية فإن فكرة الكتاب تقوم على (91) موضوعًا مختلفًا، تتناول تلك المواضيع الأساليب المختلفة والعديدة لكيفية التعامل مع النفس وتروضيها، وكذا كيفية التعامل مع الناس، وكسب قلوبهم مع استشهادات من السيرة النبوية الشريفة، والكثير من القصص الواقعية التي سمعها العريفي، أو مرَّ به هو شخصيًا.
أما كيف جاءت فكرة الكتاب، فيحكي العريفي في المقدمة أنه في سن السادسة عشرة قرأ كتاب "فن التعامل مع الناس" لـ "ديل كارنيجي"، بيد أن "كارنيجي" اعتمد في كتابه على سرد الكثير من الأمثلة من واقع عظماء في التاريخ، أما العريفي فوجد في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ما يغني من مواقف وأمثلة تعين على التعامل مع النفس والناس معًا، فكان كتابه "استمتع بحياتك".
تتناول المقالات بشكل عام مواضيع ترتكز بشكل كبير على مبادئ أخلاقية وإنسانية متميزة، مثل: فن الحوار، مراعاة الآخرين، التقرّب من البشر، تكوين علاقات طيبة، تقديم النصيحة، التخلص من آفات اللسان واستخدامه فيما ينفع ويُكسب الأجر، الاختلاف في الرأي دون إفساد الوُد، الحفاظ على الأخلاق الإسلامية الراقية دون إذلال الذات أو تضييع الحقوق، وهنا طرح لأفكار بعض المقالات، وكيف اختار العريفي تناوله لها:
1- لا تلعنه، لأنه يشرب خمرًا:
يحكي فيه العريفي عن الحادثة التي لعن فيها بعض الصحابة شارب خمر، فنهاهم النبي صلى الله عليه و سلم، وأخبرهم أنه ما عرف عن ذاك الصحابي إلا أنه يحب الله ورسوله، وهنا يقول الكاتب أنه في كثير من الأحيان نُسيء الظن بأناس، أو ربما نكرههم لسوء خلقهم، أو لارتكابهم معصية ما، أو حتى كبيرة من الكبائر، وننسى أنه لا أحد من البشر -وخاصة من المسلمين- يخلو من الخير في داخله، فعلينا إيجاده، وجعله الأغلب في نفسه و تصرفه ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا .
2- التواضع:
يتحدث فيه عن غرور أحد الأشخاص، و كيف أنه تردّد قبل أن يصافح أحد عمّاله، وأخذ بعدها يَمُن بتلك المصافحة، ويضرب العريفي مثلًا على التواضع من سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام، وكيف كان يقضي حوائج الناس ويقول عن نفسه: (أنا ابن امرأة من قريش، كانت تأكل القديد) (رواه الحاكم وابن ماجه).
3- أقْنِعْهُ بخطئه؛ ليقْبَل النصح:
الكاتب هنا يثير نقطة مهمة، ألا وهي أن كثيرًا من الناس يسعى لفرض رأيه على الطرف الآخر دون أن يبيّن لذالك الطرف خطأه، قبل أن ينصحه أو يصرّ على فرض رأيه -الذي قد يكون صحيحًا-، فتنشأ المشكلات والمشادّات الكلامية، فأحيانًا لا يدرك البعض أنهم على خطأ بادئ ذي بدء، وبالتالي لا يستوعبون الرأي الصحيح . و يحكي الكاتب عن قصة الشاب الذي جاء يستأذن النبي صلى الله عليه و سلم في الزنا، و كيف تحدّث معه النبي صلى الله عليه و سلم في حوار هادئ راقٍ.
4- لا تلمني، انتهى الأمر!
ينصح الكاتب بعدم لوم الآخرين، و خاصة عندما تنتهي المواقف، ولا يكون هناك مجال للإصلاح، فاللوم حينها يزيد الطينة بِلَّة، ويعقد الأمور، و إنما يتوجب علينا حينها أن نكتفي بالنصح والموعظة الحسنة؛ لئلا يتكرر ذات الخطأ مستقبلًا.
مع المؤلف:
ـــ محمد بن عبد الرحمن العريفي الجبري الخالدي، (15 يوليو 1970)، داعية إسلامي سعودي.
ـــ حصل على شهادة الماجستير في أصول الدين في العقيدة والمذاهب المعاصرة، وعنوان الرسالة "الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية، لابن القيم، تحقيق ودراسة، وهي نونية ابن القيم" عام (1996).
ـــ حصل على شهادة الدكتوراه في أصول الدين، في العقيدة والمذاهب المعاصرة، وعنوان الرسالة "آراء شيخ الإسلام ابن تيمية في الصوفية، جمع ودراسة" سنة (2001).
ـــ لديه العديد من المؤلفات منها: نهاية العالم: أشراط الساعة الصغرى والكبرى، إنها ملكة، ضع بصمتك، هل تبحث عن وظيفة؟.
بطاقة الكتاب:
العنوان: استمتع بحياتك.
المؤلف: د. محمد بن عبد الرحمن العريفي.
الناشر: دار اليقين
عدد الصفحات:463 صفحة.