نمرّ في هذه المرحلة بتطور علمي كبير، كان له تأثير على مستويات واسعة في المجتمع والأسرة والدولة، ولعلّ شبكة #الإنترنت اليوم هي من أهم التطورات العلمية التي كان لها تأثير على سلوكيات أكثر الناس، النفسية والاجتماعية؛ حيث غزت البيوت والمؤسسات والدوائر.
ولمّا كان الإنترنت سلاحاً ذا حدين، فقد يؤدي إلى هدم كثير من الأخلاق إذا استخدم استخداماً منحرفاً، ولكن في المقابل له تأثير إيجابي فاعل بناء، لا غنى عنه إذا تم استخدامه في الخير والعلم.
وهناك إجماع بين العديد من الدارسين والباحثين على أن تكنولوجيا الاتصال الحديثة، وفي مقدمتها «شبكة الإنترنت»، قد فتحت عصراً جديداً من عصور الاتصال والتفاعل بين البشر، وفي وفرة المعلومات والمعارف التي تقدمها لمستخدميها، ولكن على الجانب الآخر، هناك أيضاً مخاوف مشروعة من الآثار السلبية الجسدية والنفسية والإجتماعية والثقافية التي قد تحدثها.
سلاح ذو حدين:
وفي هذا الإطار قال الدكتور صالح الرقب -أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بالجامعة الإسلامية- : "إن الإنترنت سلاح ذو حدين يستخدم في الخير والشر، ومن واقع التجربة، فقد استخدمته مع إخواني حيث إنني ألتقي مع جمع من الشعب الفلسطيني عبر الإنترنت في محاضرات دينية وعلمية، أو مداخلات ذات قيمة نافعة".
وأضاف الرقب في حديث لـ"بصائر": "الإنترنت له أضرار كما له منافع، فهناك مواقع مليئة بالانحرافات والخرافات التي تهدف إلى هدم العقيدة والانحرافات السلوكية، ومن حيث الأضرار الدعائية والإباحية، وتحقيق آمال الكثير من المنحرفين؛ ليقوموا بتدمير الأخلاق، وهدم المجتمع، وإبعاد الناس عن دينهم وعاداتهم الأخلاقية المبنية على الدين".
"ولون آخر خطير يبرز من خلال غرف الدردشة -حسب الرقب- حيث تعتبر مصائد يتم فيها ربط العديد من مستخدمي هذه الغرف بشبكات تجسس معادية، فيسقط الشباب في وحل العمالة لدى الموساد الصهيوني والأعداء".
وسرد الرقب أخطار ومساوئ الإنترنت في عدة نقاط، كان أبرزها:
- الأضرار العقائدية: وجود مواقع البدع والخرافات، والفِرَق الضّالة، والتشكيك في العقيدة الإسلامية، وإثارة الشبهات، والإساءة إلى الإسلام.
- الأضرار الأخلاقية: مثل المواقع الإباحية ومواقع القمار والخمور.
- الأضرار الاجتماعية: مثل مواقع المخدرات، وتعليم الانتحار، وإضاعة الأوقات، وإضعاف التعليم، وانهيار الحياة الزوجية، وإشاعة الخمول والكسل.
- الأضرار الاقتصادية: مثل غسيل الأموال عبر الشبكة، وسرقة الحسابات البنكية وبطاقات الائتمان.
- الأضرار الأمنية: مثل التزوير، وسرقة المعلومات، والتجسس، والاحتيال والنصب.
آثار نفسية وسلوكية:
من جهته تطرق الدكتور "عاطف الآغا" -أستاذ مساعد في قسم علم النفس بالجامعة الإسلامية بغزة- للآثار النفسية والتربوية للإنترنت على السلوك الشخصي للفرد، مبيناً السلبيات في السلوك عند مرتادي المقاهي، ومنها على سبيل المثال : "الكذب والخداع بين الأزواج والأبناء، وتفلت الأبناء من البيت والالتفاف حول الصحبة السيئة".
وقال الآغا في حديث لـ"بصائر": "تكمن هناك خطورة بالغة أيضاً في انتشار شبكة الإنترنت بين طلاب المدارس، مما كان له آثار سلبية وكارثية على الناحية التعليمية والسلوك داخل المدرسة –متسائلاً- ماذا ننتظر من شاب يضيع جل وقته في دردشة محرمة بينه وبين فتاة ساقطة!".
وأضاف الآغا: "قد يؤدي إدمان الإنترنت وألعاب الفيديو لإصابة المراهقين ببعض الأمراض النفسية، على غرار التوتر الاجتماعي والانفعالات غير السويّة، وتعزيز ميول العنف والعدوان، والاكتئاب والتوحد، وتشتت الانتباه، وفرط الحركة، واضطرابات النوم".
وأشار إلى: "أن إدمان التكنولوجيا والإنترنت لدى الأطفال قد يعزز إصابتهم بالصرع، وعدم القدرة على السيطرة على الانفعالات، وانفصام الشخصية، وغيرها من الاضطرابات النفسية التي ترتبط بالاستخدام الكثيف غير المنضبط للإنترنت".
وأوضح: "أن إدمان الإنترنت يرتبط بالاختلالات السلوكية العدوانية التي تُنمّي نزعات التمرد والثورة على سلطة الوالدين، وسلطة المدرسة، والمجتمع الخارجي، وهو ما يغذي السلوكيات العدوانية لدى المراهقين، سواء بصورة صريحة مباشرة، متمثلة في التوجهات لإيذاء الآخرين وإلحاق الضرر بهم، أو بصورة غير مباشرة، مثل العناد، ورفض الانصياع لتوجيهات كبار السن، ورفض أداء الالتزامات والواجبات، والإهمال الدراسي".
آثار إيجابية:
لكن في المقابل، ذكر كلاً من "الرقب" و"الآغا" أن هناك آثاراً إيجابية للإنترنت، حيث يمكن استخدامه في العلم، وتنشيط العقل، وعمل الأبحاث المفيدة، والعلوم التي تعود على الأمة بالخير، وكذلك البرامج التعليمية والتربوية.
وأشارا إلى أن من فوائد الإنترنت الدعوة إلى الإسلام، وبيان محاسنه، والرد على الشبهات التي تثار حوله، ومحاربة البدع، والتصدي لدعاتها، إلى جانب نشر العلم النافع والأخلاق الحسنة، ومعرفة العلوم الكونية، والأخذ بأسباب الرقي والتقدم.
وأوضحا أنه يمكن استغلال الإنترنت في التعرف على أحدث التقارير والدراسات والإحصاءات في مختلف المجالات، والتعرف على أحوال المسلمين في الإعلام، ومتابعة أخبارهم، إلى جانب سهولة الاتصال بالعلماء؛ لأخذ الفتاوى عنهم والاستنارة بآرائهم.
توصيات:
ودعا كلاً من "الرقب" و"الآغا" إلى ضرورة مراقبة الأبناء ومصارحتهم، ومعرفة مشاكلهم، والمتابعة المستمرة لهم، إلى جانب توجيه النصيحة للمسؤولين لمنع المواقع الإباحية، ومخاطبة وزارات الاتصالات للقيام بالتحكم بشبكة الإنترنت وضبطها.
وطالبا بضرورة توجيه رسالة للخطباء ووزارة الأوقاف بمتابعة هذا الخطر، وتوجيه المستمعين لخطر الإنترنت، ومشاركتهم بالعمل على معرفة رأي الدين في من يروّج لهذا الأمر، وبيان عقوبته، مشدّدين إلى أهمية القيام بحملات إعلامية ضد المواقع السيئة، ومن يقف خلفها، والتحذير منها.