إن ظاهرة الخرس الزوجي والبرود العاطفي التي تصيب بعض البيوت -وإن شئت فقل معظم البيوت- في مقتل، ليس لأن الزوجين قد شبعا حباً وعاطفة وحناناً من بعضهما البعض ولا لأنهما قد شربا من نخب الحياة الزوجية حتى الثمالة ولكن هناك أسباب أخرى كثيرة لذلك، منها:-
- التباين في فهم معنى الحقوق والواجبات الزوجية.
- التباين في فهم معنى الانسجام العاطفي والمودة والرحمة.
- التباين في فهم معنى الارتواء العاطفي وإشباعه وأنه من واجب كل فرد منهما إشباع عاطفة الآخر وليس الاكتفاء بإشباع عاطفته فقط.
- التعلل بالأعباء إما الحياتية من قبل الزوج وإما المنزلية من قبل الزوجة.
- التعلل بكبر السن وفوات الأوان للانسجام العاطفي والمشاعر وتبادل أطراف الحديث.
- عدم وجود اهتمامات وهوايات وطباع مشتركة بين الزوجين.
- عدم التعود على الصراحة فإن كتمان طبيعة بعض العلاقات الشخصية تجعل الصورة هلامية ومشوشة وغامضة بل تشوبها الظنون والقلق وبالتالي يكون الخرس هو وسيلة لتقليب الأمور ومآلاتها.
- التعود على الرتابة المملة وعدم محاولة كسر الروتين الذي من شأنه تجديد العلاقة الزوجية.
- الفهم الخاطيء لمعنى "الحوار بين الزوجين" فالحوار ليس بمدته ولا بمكانه ولكن بحميميته ودفئه وما به من مشاعر جياشة.
- النظر لحياة الآخرين أو رسم صورة ذهنية مثالية غير واقعية يستحيل تحقيقها على أرض الواقع أو إن أتيحت لفرد فليس من الضرورة أن تتاح لغيره لعوامل إما نفسية أو مادية أو اجتماعية.
- ذنوب يعيشها أحد الزوجين أو كليهما وخاصة الذنوب التي تتعلق بجانب العاطفة والمشاعر وتبادل الإعجاب بين الآخرين بالنسبة للزوجة والأخريات بالنسبة للزوج لأن الجزاء يكون من جنس العمل فمن ترك لنفسه الزمام في هذا الجانب خارج البيت حُرِمَ منه داخله فلا تراه في بيته إلا عبوساً متجهماً، أما من راعى ربه وكبح زمام نفسه في هذا الجانب بصفة خاصة فإن الجزاء يكون من جنس العمل أيضاً فترى الزوجين مقبلين على بعضهما البعض بشوق ولهفة لا ينتهيان.
- التباين في فهم طبيعة الآخر ما يُسعده وما لا يُسعده فإنه على الزوج أن يسعد زوجته بطريقتها لا بطريقته وعلى الزوجة كذلك، فربما ابتسامة صافية ولمسة حانية عندها أفضل من جبل من الهدايا وربما حسن هِندامها ورائحتها العطرة عنده أفضل مما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات وهذه الأمور لا تتطلب منهما جهداً ولا تأهيلاً أكثر مما تتطلب الحس المرهف والمشاعر الجياشة واللبيب بالإشارة يفهم.
* إن هذه العوامل كلها أو بعضها مجتمعة أو متفرقة كفيلة بأن تجعل الزوجين وكأنهما في جزيرتين متباعدتين بل وكأن الزوجين فريقين متناحرين.
* إن الحل لمشكلة الخرس الزوجي هو تفهم كل ما سبق مع الوضع في الاعتبار أن الحياة الزوجية الناجحة لابد وأن تُصاب بالانفصام -نعم بالانفصام- عن كل منغصاتها ومكدراتها من العالم الخارجي فمتى أغلق الباب بين الزوجين فلا يجب أن يكون هناك إلا همساً.
أخيراً:
- علينا أن نعرف أن معظم الخلافات الزوجية سببها أن الزوج يريد من زوجته أن تفكر بعقله، والزوجة تريد من زوجها أن يفكر بعاطفتها، فيصطدمان.
- إن الأصل في الأمور أن يمزج الرجل عقله بمزيد من العاطفة، وأن تمزج المرأة عاطفتها بمزيد من العقل، فيلتقيان.