ما من شك في مدى حب الآباء لأبنائهم. ومع ذلك، فقد أشارت الكثير من الدراسات إلى بعض الأخطاء التي يرتكبها الآباء بحق أبنائهم، بدافع الحب والحرص عليهم. بيد أنها في نهاية المطاف تأتي بنتائج عكسية وخيمة بالنسبة للأطفال. فقد صرح الطبيب "تيم إيلمور" -الخبير في القيادة ومؤلف أكثر الكتب مبيعًا في مجال علم النفس- أن الآباء يرتكبون بعض الأخطاء الوخيمة أثناء تربية أطفالهم، مما يؤثر على ثقتهم بأنفسهم، ويقلل من فرص نجاحهم مستقبلًا سواء في حياتهم الشخصية أو الوظيفية. وبهدف تجنب تلك الأمور نذكر أبرز تلك الأخطاء في النقاط التالية:
1- لا ندع الأطفال يخاطرون!
فقد غدونا نعيش في عصر صار فيه الحفاظ على الأمن والأمان من أكثر الأهداف أولوية، سيما إذا ما تعلق الأمر بالأطفال بصفة خاصة، والأبناء بصفة عامة. ولكن الحقيقة أن الآباء أحيانًا يبالغون في هذا الحرص؛ بحيث يرغبون في منع أبنائهم من مواجهة أي مخاطرة، أو حتى مجرد مجابهة مشاعر الضيق أو السوء! فمثلًا، قد يمنع بعض الآباء أبناءهم من اللعب بالخارج خوفًا من أن يصابوا أو يقعوا. بينما أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين لا يقعون ولا يصابون مطلقًا، يصابون عادة بواحد من أنواع الرهاب حين يكبرون! كما أن على المراهقين أن يجربوا خسارة أصدقاء وكسب آخرين؛ لأن مثل هذه التجارب تمنحهم نضوجًا عاطفيًا يستمر معهم حتى يكبروا .
أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين لا يقعون ولا يصابون مطلقًا، يصابون عادة بواحد من أنواع الرهاب حين يكبرون
2- نهب لنجدتهم بسرعة:
فأطفال اليوم لم يخوضوا الكثير من التجارب التي خاضها أندادهم منذ ثلاثين عامًا؛ ذلك أننا كآباء نهب لنجدة أطفالنا بسرعة كبيرة . ونحن حين نفعل ذلك، نمنعهم من خوض تجربة اجتياز الصعوبات وحل مشاكلهم بأنفسهم. فهذه تعتبر أبوة مؤقتة، وهي تضيع على أطفالنا فرصة تولي أمورهم بأنفسهم، حين لا يكون هناك من يقدم إليهم يد المساعدة.وبالتالي، بعد أن يتعود الطفل على وجود من يهب لنجدته، فهو لن يبالي كثيرًا بالسقوط أو الفشل؛ لأنه أدرك أنه سيكون هناك دائمًا من يقدم إليه يد المساعدة! وهذا قطعًا لا ينطبق على الحياة العملية، وهنا يصاب الطفل بالصدمة والألم والفشل حين يحتاج إلى المساعدة ولا يجد من يساعده، ولا يتمكن هو من مساعدة نفسه؛ لأنه ببساطة لم يتعلم ذلك.
بعد أن يتعود الطفل على وجود من يهب لنجدته، فهو لن يبالي كثيرًا بالسقوط أو الفشل؛ لأنه أدرك أنه سيكون هناك دائمًا من يقدم إليه يد المساعدة
3- نطري بسهولة وكثرة:
الآباء بصفة عامة يمدحون أبناءهم بكثرة، حتى على الأشياء الصغيرة، وبصورة مبالغ فيها. وكثيرًا ما يغضون الطرف عن تصرفات سلوكية أو أخلاقية خاطئة حتى لا يحزنوا أطفالهم. ولكن الحقيقة أن الأطفال مع الوقت ومع اختلاطهم بغيرهم، سيرون ألا أحد يمدحهم ويؤمن بروعتهم بتلك الصورة الخيالية كآبائهم، وهنا يخيب أملهم في أنفسهم، ويفقدون الثقة في آراء آبائهم. وتكون النتيجة كذلك أن يتعلم الأطفال الغش والكذب والمبالغة فقط لتجنب المواقف الصعبة.
4- ندع الشعور بالذنب يعيقنا عن التوجيه بشكل صحيح:
فليس من المفترض أن يشعر الأطفال بالحب تجاه والديهم على مدار أربع وعشرين ساعة. فالأطفال يمكنهم تخطي الإحباط، ولكنهم لن يتمكنوا من تخطي تدليل آبائهم الزائد لهم. لذا، فلا بأس من استخدام "لا" أو "ليس الآن"، ودعوا الأطفال يجتهدون ويناضلون في سبيل ما يريدونه حقًا . فنحن كآباء نميل لمنح أبنائنا ما يريدونه، خاصة إذا كان لدينا أكثر من طفل. فإذا كافأنا أحدهم لأنه قام بعمل مميز أو صحيح، نشعر بأنه ليس من العدل ألا نكافئ أخاه. ولكن هذا المبدأ غير صحيح، ويُضيِّع على الأطفال فهم مبدأ مهم، وهو أن كل إنسان يُكافَأ على أفعاله وتصرفاته الحسنة، وليس دون أدنى سبب أو داعٍ! كذلك احرصوا كآباء على ألا تربطوا نجاحات أبنائكم بالمكافآت المادية، فيَعِدُ أحدكم ابنه بنزهة إذا ما تفوق، فحينها لن يتعلم الطفل أهمية الدوافع الداخلية، أو معنى الحب غير المشروط.
5- لا نشاركهم أخطاءنا الماضية:
فأبناؤنا المراهقون سيرغبون بالانطلاق في الحياة وتجربة أمور جديدة، ويجب علينا أن نمنحهم هذه الفرصة. ولكن لا مانع أبدًا من أن نشاركهم تجاربنا، ونخبرهم عن الأخطاء التي ارتكبناها في تلك التجارب المشابهة، وكيف تمكنا من تجاوزها. كذلك علينا أن نضع في اعتبارنا أنه مع نصحنا وتوجيهنا ذاك، لن نستطيع منع أبنائنا من مواجهة مشاعر الإحباط أو الفشل، ولكننا على الأقل سنساعدهم على مواجهتها بمشاركة تجاربنا.
6- نخلط بين الذكاء والموهبة:
فالكثير من الممثلين والرياضيين وغيرهم من المشاهير، عندهم مواهب خلابة، لكنهم مع ذلك معرفون بكثرة الفضائح التي يمتلئ بها وسطهم في كثير من الأحيان. فالموهبة ليست دليلًا على ذكاء الإنسان أو حسن تصرفه بالضرورة. كما أنه لا يوجد سن معين تُمنح فيه حريات وفرص معينة للطفل. لكن من المقاييس المهمة هو مقارنة طفلك في سن معينة بمجموعة أخرى من الأطفال، فإذا لاحظت أنهم يحسنون القيام بأمور أكثر، فربما تكون حينها قد تأخرت نوعًا في منح ابنك قدرًا من استقلاليته.
الموهبة ليست دليلًا على ذكاء الإنسان أو حسن تصرفه بالضرورة. كما أنه لا يوجد سن معين تُمنح فيه حريات وفرص معينة للطفل
7- لا نطبق ما نأمرهم به:
كثيراً ما نطالب أطفالنا ألا يسبوا أو يصرخوا أو يؤذوا الآخرين، ولكننا كآباء قد نجد أنفسنا نقوم بما ننهى عنه في بعض الأحيان ! وهنا نقدم صورة مشوهة وغير منصفة أو واضحة عن السلوك الصحيح السوي الذي يجب أن يسلكوه.توجيه الأطفال قطعًا من الأمور الشائكة، فهي تحتاج توجيهًا لأنفسنا قبل كل شيء، وتعديلًا لسلوكنا قبل سلوكهم. كما أنها تحتاج منا لإمساك العصا من الوسط، فلا إفراط في القواعد والمواعظ، ولا تفريط في التدليل، أو التهاون في التوجيه!
كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- http://www.sci-techuniverse.com/2017/02/7-parenting-behaviors-that-stop.html