عاقبة المفسدين… فهل من معتبر؟؟

الرئيسية » بأقلامكم » عاقبة المفسدين… فهل من معتبر؟؟
solution

قد وقف على أطلالهم بعدما تتابعت عليهم الصيحة والرجفة (فأصبحوا في ديارهم جاثمين)... وكأني به يناظرهم على حالهم تلك، يتذكر عنادهم عن اتباع الحق الذي جاء به، وجدالهم إياه في فساد ذممهم المالية وانعكاسها اقتصاديا على البلد، وتوعدهم إخراجه هو والذين آمنوا معه من القرية إن لم يعودوا إلى ملتهم...

ما زال تهكمهم السمج يرن في مسمعه حين قالوا (أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا؟ أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟)، فقال مخاطباً أجداثهم المهلكة، غير آسف على ما آلت عليه أمورهم (يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم، فكيف آسى على قوم كافرين؟؟)، ثم تولى عنهم ليجمع من صبر معه على الأذى الاقتصادي الفاسد ويبدؤوا حياة جديدة يصنعونها بالإيمان والإصلاح.
لقد بذل شعيبٌ -عليه السلام- ما في وسعه، فقد كان معروفا عند قومه مسبقاً بـ (الحليم الرشيد)، حريص على مصلحتهم بدافع الإخوة والقرابة، ولم يترك بيتاً أو سوقاً أو منشطاً من مناشط مدين إلا وقف فيه قائلا (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)، فمعيار الصلاح والفساد هو ما أمر الله به، آمراً بـ:

1- (ولا تنقصوا المكيال والميزان...) فهو يرى نعم الله تغمرهم ويخاف من إحاطته تعالى بالبائع والمشتري، فهم شركاء في هذا الفساد.

2- (أوفوا الكيل والميزان بالقسط)، وبالقسط فقط تعمر الأوطان.

3- (ولا تبخسوا الناس أشياءهم)، فالواسطة والمحسوبية هي أبرز مظاهر الفساد التي تفقد الوطن أصحاب العقول.

4- (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) و (ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها، ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين)، فالفساد مهلكة للحرث والنسل.

5- (ولا تقعدوا بكل صراط "أي طريق" توعدون وتصدون عن سبيل الله)، فمشاريع تجفيف الدعوة ومنابعها الطاهرة هي قمة الفساد، فهي لا تخرّج إلا كل شاب: مؤمن بربه ومدرك لعصره ومنتم لأمته بعيداً عن التطرف أو الجحود، فهم لا يقبلون بمن يعرّي فسادهم ويكشف مؤامراتهم.

إلا أن عنادهم وشقاقهم للدعاة ومشروعهم الإصلاحي الذي أطلقه قائدهم شعيب (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) منعهم من أن يروا المآسي التي جرت قبلهم (قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح)، بل وأكد لهم بأن (وما قوم لوط منكم ببعيد).

ما زال بهم لآخر لحظة يذكرهم بالرحيم الودود الذي سينقذ اقتصادهم من الانهيار وبلدهم من الضياع، فقال (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيمٌ ودود).

لكن... لا حياة لمن تنادي، عندها أصرّ شعيبٌ -عليه السلام- على دعوته فقال (اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب)، وهذا ما حصل، فلم يكن لديهم أدنى مشكلة أن يُدخلوا البلد في أتون حربٍ اقتصاديةٍ معالمها : الغلاء والاحتكار والفساد والاستبداد، ومن قبلها انتشار للكفر ورواج فكره الآسن، وما زال الداعية يعمل في مشروعه الإصلاحي ويقول (قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجّانا الله منها) (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين).

وكانت النهاية... نجاة المؤمنين بمشروعهم الإصلاحي، والصيحة والرجفة للفاسدين، فهل نحن نعتبر مما مضى حتى لا تجري علينا سنن الله؟؟

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

الحكمة من الزلازل

يؤمن المسلم بأن في كل أفعال الله حكمة بالغة؛ سواء أدركها أو أدرك بعضها أم …