الإبداع، هل تملكه؟

الرئيسية » بصائر تربوية » الإبداع، هل تملكه؟
creativity15

عندما بدأت دراسة الإبداع لأول مرة كموضوع أطروحتي للدكتواره، ذهلت من كمية التعريفات المتعلقة به، كما وصلت لنتيجة أنه حتى الناس الذين ترسخت في داخلهم فكرة أنهم غير مبدعين، هم في الحقيقة مبدعون بشكل ما في مجال ما، أما العائق الحقيقي للإبداع عند هؤلاء، فهم أنهم مؤمنون بعدم وجود مجال لهم ليبدعوا فيها، أما الآخرون فيخشون الفشل نتيجة تجاوز حدود المألوف، ولكن الدراسات الكثيرة التي اختصت بدراسة #الإبداع أثبتت بأن هناك عدة مستويات من الإبداع، وأن القليلين في الحياة هم الذين يصلون لأعلى مستوى، ولكن بشكل عام، فإن باقي البشر يملكون فرصة كبيرة للغاية في باقي المستويات، وإليكم تفصيلها:

1- الإبداع الطارئ:

وهو يعني أن تكون الفكرة الإبداعية جديدة على البشرية، ولها أبعد الأثر عليها، "أينْشتاين" و"نيوتن" ربما من أكثر الأمثلة التي ترد على البال في هذا السياق، وهذا يفسر السبب وراء أن هذا المستوى لا يصل إليه الكثير من الناس.

2- الإبداع المتجدّد:

وهؤلاء المبدعون يبنون على إبداعات غيرهم، بحيث يرتقون بمستوى العمل المبدع الحالي.

3- الإبداع الابتكاري:

هذا النوع يرتكز على إيجاد استخدامات جديدة لنفس الأفكار والاختراعات الحالية.

4- الإبداع الإنتاجي:

ويتم حين يقوم شخص ما بتطوير أفكار جديدة بالنسبة له هو، ولكن ليس بالضرورة بالنسبة للآخرين، وهذا النوع يعتبر أحيانًا المرحلة الإنمائية للشخص قبل وصوله لمرحلة الإبداع الابتكاري أو المتجدد.

5- الإبداع التعبيري:

وهو يدل على المشاعر والأفكار ولكنه لا يحتاج لأي مهارة، ومثال ذلك هو حين يقوم الآباء بتعليق أعمال الرسم لأبنائهم على الثلاجة؛ ليراها الجميع.

ومعظمنا قد يرى أنه تجاوز مرحلة الإبداع التعبيري، وأن الإبداع الطارئ ربما يكون صعب المنال، من جهة أخرى، فإن المستويات الثلاثة الباقية تعتبر متاحةً للجميع، فالشخص المبدع إبداعًا متجددًا بحاجة لأن يتمكن من مجال معين، حتى يتمكن من الإضافة إليه، فإذا قلَّ تمكنه، فإن احتمالية أن يأتي بأفكار جديدة -لم يسبق اكتشافها من قبل- ضعيفة للغاية، وهذا قد يهبط بالشخص إلى مستوى الإبداع الإنتاجي.

وكقاعدة، فإن الإبداع يتطلب حضور أفكار جديدة تناسب الموقف الراهن، ويقال: إن الحاجة هي أم الاختراع، وهذا يعني أننا إذا ما وجدنا وسيلة لعمل شيء دون الأدوات والمصادر اللازمة التي عادة ما يتطلبها إنجاز تلك المهمة، فإننا ننطلق لنصبح مبدعين مبتكرين، ومن المثير للاهتمام، أن هذا الأمر يعني بأننا عادة ما نصير مبدعين في الأوقات الصعبة، فعندما تكون الأسواق متاحة، فلا حاجة للاختراع أو الاكتفاء والتصرف فيما نملك بالفعل ، بينما في الأوقات الطارئة والصعبة، فإنه يتوجب علينا أن نستخدم ونكتفي بالمتاح.

إذا ما وجدنا وسيلة لعمل شيء دون الأدوات والمصادر اللازمة التي عادة ما تتطلبها إنجاز تلك المهمة، فإننا ننطلق لنصبح مبدعين مبتكرين

كما أنه توجد أفكار قاصرة في عقول البعض فيما يتعلق بالإبداع، وهو وجوب أن يكون الإنسان رسامًا، أو نحاتًا، أو كاتبًا ليصبح مبدعًا! ولكن نطاق الإبداع في الحقيقة هو أوسع من هذا بكثير، فربما قمتَ بحل بعض المشكلات بطريقة أو بأخرى، حتى وإن تعلّق الأمر باختلاق أعذار لعدم أدائك لواجبك، أو تأخرك في العودة للمنزل!

لقد أخبرني أحدهم مرة بأنه لا يؤمن بأنه مبدع ألبتة، ولكنني أعرف هذا الشخص وأعرف قدرته على اختراع قصص، والقيام بخطط مذهلة للوصول إلى أهدافه، فأحيانًا نكون بحاجة فحسب لتوظيف الإبداع في إطاره الصحيح ، وربما هذا الذي يجعل بعض الناس يرهبون الإبداع؛ لأنه قد يؤدي إلى الخراب، وهذا قطعًا وارد، كما يتطلب الإبداع اختراع الجديد، وهذا قد يهدد وجود القديم.

توجد أفكار قاصرة في عقول البعض فيما يتعلق بالإبداع، وهو وجوب أن يكون الإنسان رسامًا أو نحاتًا أو كاتبًا ليصبح مبدعًا

علاوة على أن الإبداع يتخطى حدود ما تمّ عمله من قبل، وينطلق إلى المجهول، والمجهول قد يصير أمرًا مخيفًا، ولكن إذا لم تصادق هذا المجهول، فلن تتمكن أبدًا من اكتشاف آفاق جديدة، ومن الأمور الطريفة التي أذكرها من قصة "أليس في بلاد العجائب" هو أن "ملكة القلوب" في القصة، حاولت تصديق "شيء مستحيل واحد" كل يوم قبل الإفطار، ربما يبدو التفكير في المستحيل أمرًا مبالغًا فيه، ولكن إذا كنا نرغب في إظهار إبداعنا، والتخلي عن شعور الخوف بأن نتخلى عن المألوف، وننطلق إلى عوالم أخرى جديدة، فمن المحبذ بمكان أن نفكر في فكرة جديدة تمامًا كل يوم قبل الإفطار!

الإبداع يتخطى حدود ما تم عمله من قبل، وينطلق إلى المجهول، والمجهول قد يصير أمرًا مخيفًا، ولكن إذا لم تصادق هذا المجهول، فلن تتمكن أبدًا من اكتشاف آفاق جديدة

وبدفع قوة الإبداع لديك، فإنك ستتمكن يومًا بعد يوم من تعزيز إبداعك، حتى تصل لمرحلة تدرك فيها أنه ليس عليك أن ترسم أو تكتب أو تنحت لتكون مبدعًا، إنما أنت مبدع بقدر ما تعطي لخيالك فرصة للانطلاق، فالمخيلة لا حدود لها !

معلومات الموضوع

الوسوم

  • الإبداع
  • مراجع ومصادر

    • http://www،psychology4all،com/Creativity-DianaRobinson،htm
    اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
    كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

    شاهد أيضاً

    “بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

    كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …