يعدُّ شعور الإحباط هو الشعور الأم لكل المشاعر السلبية الأخرى، وهو السبب الرئيس لمشكلات سلوكية كثيرة، وكذلك يعدُّ عقبة كبيرة في طريق تحقيق الأشخاص لهدفهم، وخاصة الأطفال؛ كونهم لم يمتلكوا بعدُ أدوات التعامل البنّاء مع المشاعر السلبية.
والإحباط في الحقيقة ليس سلبياً بالكامل، بل هو شعور معقّد، في البداية يكون شعوراً مفيداً؛ إذ يحاول الطفل أن يتخلص من المعوّقات والصعوبات التي سببت له الإحباط أو الفشل في هدفه، وبالتالي يكتسب مهارات وخبرات جديدة، لكن إن استمر الفشل رغم كل المحاولات، ولم يستطع إكمال مسيره، عندها يصبح الشعور غير مفيد، ويتحول من شعور بنّاء إلى شعور هدّام، وغالباً سيتحول إلى غضب، وندخل في سلسة من المشاعر السلبية المتنوعة التي قد تنتهي باليأس.
والغضب كما الإحباط، في البداية يكون مفيداً؛ لأنه يحفز الإنسان إلى الابتعاد عما يسبب له الغضب، لكن إن استمر فإن حدته ستزداد، وفي غالب الأحيان يؤدي إلى فقدان التركيز وتشوش في التفكير، وفقدان التناسق الحركي للجسم، مما ينتج عنه فشلاً أكبر، ونبدأ بالدوران في حلقة مفرغة، والنتيجة هي أن يُحجم الطفل عن الإقدام على العمل مستقبلاً، ويفقد ثقته بنفسه!
الغضب كما الإحباط، في البداية يكون مفيداً؛ لأنه يحفز الإنسان إلى الابتعاد عما يسبب له الغضب، لكن إن استمر فإن حدته ستزداد، وفي غالب الأحيان يؤدي إلى فقدان التركيز وتشوش في التفكير
والآن، نحن كأهل، ما هو دورنا؟
كالعادة، أن نكون قدوة لهم في تصرفاتنا حين تعترضنا مصاعب تعوقنا عن تحقيق أهدافنا، هل نبدأ بندب حظنا، وبالكلام السلبي عن أنفسنا؟ هل نغضب؟ هل نثور؟
أم نهدأ ونبدأ بالتفكير في الحل؟
أيضاً، طريقة تعاملنا مع المصاعب التي تقف في وجه أبنائنا، تسبب اختلافاً كبيراً بطريقة تعامل أولادنا مع إحباطاتهم، فإحدى أهم أهداف الطفل هو أن ينجح في نظر والديه، وعندما يعاني من معوّقات في طريقه، فإنه يخشى على مكانته عندهم، لذا فإن تطمينه وإظهار الفخر بمحاولاته يخفف شعور الإحباط قليلاً، ثم يبدأ الأهل بتعليمه تقنيات التعامل السليم مع المصاعب والتوترات، كأن يسأل نفسه عن سبب فشله، وأن يبحث عن طريق آخر لتحقيق هدفه، ويعيد تقييم هدفه وحاجته الحقيقية له، مثلاً، إنكار هدفه أن يفوز في اللعبة، يمكن أن نرشده كي يعدّل هدفه ويصبح فقط الاستمتاع باللعب، بغض النظر عن النتيجة، سواء فوزاً أو خسارة.
من أكبر الأخطاء التي يقع بها الأهل، هي أنه عندما يُحبط ابنهم فإنهم يحثونه على العمل أكثر، ومضاعفة جهوده كي ينجح ، والحقيقة فإن هذا غير صحيح، بل يزيد التوتر، من الأفضل أن يترك العمل جانباً، حتى تتضح له الرؤية أفضل، ويُريح أعصابه، ويعيد التفكير باتزان، ويتخلص من مشاعره الضارة، ومن ثم يُعاود العمل.طريقة تعاملنا مع المصاعب التي تقف في وجه أبنائنا، تسبب اختلافاً كبيراً بطريقة تعامل أولادنا مع إحباطاتهم
مثلاً، إذا كان طفلكم يدرس وبدأ يخلط الدروس ببعضها، أو أصبح يجد صعوبة في فهم دروسه، أو حل تمارينه، فإنه من أكبر الأخطاء أن تعيدوا عليه الدرس فوراً، بل عليكم أن تغلقوا الكتاب، وتطلبوا من طفلكم أن يترك الدرس لمدة عشر دقائق، خلال هذا الوقت يمكن أن يقوم بالاسترخاء، أو تناول أطعمة يحبها، وبالمناسبة، إن الجوع من أهم أسباب العصبية والإحباط!
وإن كنتم على عجلة فيمكن أن تطلبوا من طفلكم أن يُغلق عينيه، ويُرخي جسمه، وعندما يشعر بأنه هدأ تماماً، عندها يمكن أن يستأنف دراسته.
ويمكن أن تقصّوا عليه سير بعض المخترعين الذين عانوا من بعض مراحل الفشل في حياتهم ومسيرتهم، وأيضاً، أن تقصّوا عليهم بعضاً من المعوّقات التي وقفت في طريقكم خلال حياتكم.