الوصايا العشر للقابضين على الجمر

الرئيسية » بأقلامكم » الوصايا العشر للقابضين على الجمر
large_loving-muslims-begins-with-honesty-9x8ifhrf

إن الداعية إلى الله تعالى منذ أن يضع قدمه على الطريق يعلم بل يُوقن أنه يسير على خطى الأنبياء والمرسلين والتابعين وتابعيهم إلى يوم الدين، ويوقن كذلك أن هذا الطريق طويل مُوْحِش كثير العقبات والتضحيات قليل الأتباع والمغريات ولكن لا سبيل غيره إلى جزيل الأجر والثواب ورفعة الدرجات.

- يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - في كتابه الفوائد: "يا مُخنث العزم: أين أنت؟! والطريق طريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل وبيع يوسف بثمن بَخْس ولبث في السجن بضع سنين، ونُشِرَ بالمِنشار زكريا وذُبح السيد الحَصُور يحيى، وقاسى الضرَّ أيوب، زاد في المقدار بكاء داود وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم".

- ويقول الشهيد سيد قطب رحمه الله: "إن الطريقَ شاقة، إن الطريقَ ليست مفروشةً بالزهور والورود، إن الطريق مليئةً بالأشواك.. لا.. بل إنها مفروشة بالأشلاء والجماجم، مزينةً بالدماء، غير مزينةٍ بالورودِ والرياحين.. إن سالكه لن يفوته المنصب وحده، ولن يفوته الجاه وحده، ولن تفوته السيادة وحدها في هذه الأرض، ولكن سيتحمل قولاً ثقيلاً، وسيتحمل جهدًا ثقيلاً، وسيجتاز طريقًا ثقيلاً.. ".

إذا كان الأمر كما رأينا فإن النفس البشرية تحتاج دائماً إلى من يذكرها ومن يثبتها ويشد من أزرها لتواصل السير قدماً دون الالتفات إلى تثبيط المثبطين ولا إلى دعوات المرجفين.

من هنا رأيت أن أبذل جهد المُقل وأن أهمس في أذن الأشاوس المغاوير بهمسات لعلها تكون لهم زاداً ولعلي أنل بها بين يدي ربي شفاعة.

أخي وحبيبي وقرة عيني وفلذة فؤادي ودرعي وسهمي ورمحي وسيفي وجل عُدتي في دربي وأنا سائر إلى ربي:-

1-عِش مُتفائلاً مرفوع الرأس مُبتسماً ولا تجعل اليأس يعرف إلى روحك سبيلاً "... وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ".

ألم يبشر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام والسِّياط تلهب ظهورهم في بطحاء مكة قائلاً: "... واللهِ ليُتِمَّنَ هذا الأمرُ، حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاءَ إلى حضرموت، لا يخافُ إلا اللهَ، أو الذئبَ على غنمِهِ، ولكنكم تستعجلونَ " (صحيح البخاري).

ألم يعِد النبي صلى الله عليه وسلم سُراقة بن مالك بسواري كسرى وهو مُطارد ومطلوب حياً أو ميتاً؟

ألم يبشر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام بفتح الفرس والروم واليمن وهم يحفرون الخندق ولا يأمن أحدهم أن يذهب ليقضي حاجته؟

2- اجعل الخالق سبحانه وتعالى غايتك ومبتغاك وخُذ من حطام نفسك لبنات تُقيم بها جدار روحك إذا انقضَّ فلا يراك أحد إلا عزيزاً مرفوع الرأس شامخاً فكل مُصاب غير الدين هيِّن، واجعل شعارك "لن يضيعنا الله ".

3- ثِق بأن ما قدَّره الله تعالى سيكون بعز عزيز أو بذل ذليل فهو سبحانه وحده يُدَبِّر الأمر.

4- ثِق أن الله تعالى لم يبتليك ليفجعك فحاشاه سبحانه أن يفعل ذلك بل يبتليك ليأجرك وليقويك وليربيك لما أنت له أهل وهو أن تكون خليفة له سبحانه في أرضه حاملاً ميراث النبوة به عاملاً وإليه داعياً.

5- انظر لمن حولك ولما ابتلاهم الله تعالى به فهذا قد ابتلي في دينه وذاك قد ابتلي في خلقه أو في عِرضه وآخر قد ابتلي في صحته أو في زوجته وأولاده وأنت قد عافاك الله تعالى من كل ذلك بل جعلك بين كل هؤلاء شامة يشار إليك ببنان الثقة والعفة والطهارة والأمانة.

6- افتخر بكونِك إلى الله داعياً وله مُطيعاً مُلبياً وفي حطام الدنيا زاهداً.

7- توجه إلى ربك بالشكر بأن جعلك لم تُداهن ولم تتملق ولم تكن لظالم مُؤيداً ولا مُناصراً بل تصدح بالحق في وجه كل جائر فترتعد فرائسه دون أن تلين لك قناة ولا يخور لك عزم.

8- افتخر بدعوتك وأنت ترى الناس على كل الموائد يأكلون وحول كل ظالم يلتفون وباسمه يهتفون وأنت لم تدور في فلكهم ولم تنخدع بصنيعهم ولم تغير قبلتك ولم تحيد عن غايتك.

9- اعتز بصحيح فهمك وأنت ترى الناس وراء الدنيا يلهثون وأنك عاكف مع من هم للفردوس يرومون ويطوقون.

10- كن واثقاً بأن ذكراك لن تنتهي بموتك فما ستتركه من أثر طيب وسيرة حميدة سيكون لمن خلفك زاداً يقويهم ومِصباحاً يُضيء دربهم فتصلك الدعوات وتنهال عليك الرحمات.

تلك عشرة كاملة أضعها بين يدي العاملين بإخلاص لدينهم عساها تكون لهم زاداً يعينهم على لأواء الطريق وعساهم يتذكرونني بها ولا يحرمونني من صالح دعائهم بظاهر الغيب.

اللهم إنا قد رضينا بك ربا وبالإسلام دينا وبمحمد ﷺ نبياً ورسولاً .. فثبتنا على ذلك واقبضنا عليه.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
خبير تربوي وكاتب في بعض المواقع المصرية والعربية المهتمة بالشأن التربوي والسياسي، قام بتأليف مجموعة من الكتب من بينها (منظومة التكافل في الإسلام– أخلاق الجاهلية كما صورها القرآن الكريم– خير أمة).

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …