يا الله.. أصبحت يا أبا يحي أثراً بعد عين.. وتاريخاً بعد وجود.. وذكرى بعد حقيقة.. كنت ملء السمع والبصر.. فأصبحنا نرهف الأذن فلا نسمعك.. وندقق النظر فلا نراك.. ونمد أيدينا فلا نجدك.. ونناديك فلا تجيب..
وصدق شوقي حين يقول :
ولا ينبيك عن خلق الليالي كمن فقد الأحبة والصحابا
أخا الدنيا أرى دنياك أفعى تبدل كل آونة إهابا
فمن يغتر بالدنيا فإني لبست بها فأبليت الثيابا
جنيت بروضها ورداً وشوكاً وذقت بكأسها شهداً وصابا
فلم أر غير حكم الله حكما ولم أر دون باب الله بابا
اللهم أجرنا في مصيبتنا بفقد الاخ الفاضل أبو يحي واخلفنا خيرا منها وأكرم نزله ووسع مدخله واحشره مع الصديقين والشهداء وحسن اؤلئك رفيقا،،
من رافق المرحوم أدرك بعض خصاله، فقد كان رحمه الله، جميل المحيا، باسم الثغر، رقيق الحاشية، طيب المعشر، يألف ويؤلف، سليم الطوية، كثير الأناه، دقيق الحكم، في وجهه دوما بشاشة، وفي حديثه حكمة، وفي استشرافه نظرة بعيدة ثاقبة، عفيف النفس، وصاحب همة، ورجل موقف، تتحدث عنه أفعاله لا أقواله، كان رحمه الله يسلك سلوك الجندي العامل المجد المبدع حيث وجد، وقائد فذ حصيف متابع، فيه نكران للذات وشفافية وصفاء، وتقدير ووفاء لمن حوله مع ذاكرة طيبة كانها سجل مكتوب لمكونات العمل والعاملين، كان رحمه الله متنوع الخبرات والطاقات وقد بلغ الذروة في كل المجالات، وترك بصمة وابداعات في كل زاوية من زوايا العمل الفلسطيني الذي عمل بها، وكان دائماً كثير التفاؤل ومبشراً بنصر أكيد، ومستقبل زاهر للشباب واعطائهم الفرصة وتأهيلهم، وبزوغ فجر جديد، لا يكل ولا يمل من السعي الدؤوب لتحقيق ما يصبو اليه وجاب الدنيا شرقا وغرباً من أجل قضايا أمته وقد رحل وهو في ذروة عطائه.. مجاهدا معطاء ومبشرا بنصر أكيد، وكان خير مدافع عن قضايا الأمة كافة في مصر وسوريا وفلسطين واليمن، عزائي الكبير لأهلك وأبنائك ومحبيك ولدعوتك وللشعب الفلسطيني الذي فقد قائدا ومفكراً ومجاهدا نذر حياته لقضيته.
عُلُوٌّ في الحَيَاةِ وفي المَمَاتِ.. لَحَقًّا أَنْتَ إِحْدَى المُعْجِزَاتِ
وَلكِنِّي أُصَبِّرُ عَنْكَ نَفْسِيْ.. مَخَافَةَ أَنْ أُعَدَّ مِنَ الجُنَاةِ
إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا أبا يحيى لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا،
إنا لله وإنا إليه راجعون.. رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته،، آمين آمين
أخوك المحب أبو بلال