لا شك أن طغيان المادية الغربية وتحررها أفرز واقعاً خطيراً في المجتمعات العربية، خصوصاً بين شريحة الشباب، وانتشرت "ظاهرة" #الإلحاد بينهم بشكل أصبح من الخطأ نكرانها، الأمر الذي يستدعي بأن نواجه ونصحح للشباب مسار أفكارهم ونسعى جاهدين لانتشالهم من براثن الإلحاد والطغيان المادي الذي يستهدف تحويلهم لعقول بلا فطرة نقية وإيمان راسخ.
ولما كان لكل شيء تعريف يتماشى مع العقل ويقبله المنطق فإن ظاهرة الإلحاد عند الشباب تكمن في تعرضهم لمؤثرات تسببت في بناء شخصياتهم وأثرت في تكوينهم الفكري والعقدي ليظهروا على سلوكهم ويصبغوا تصرفاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية وطريقة إشباعهم لحاجاتهم حتى أصبحت لهم مبادىء واتجاهات وأفكار توجه سلوكهم وتصرفاتهم بعيداً كل البعد عن الدين.
وبنظرة صحيحة نابعة من الدين والعقل والواقع فإن هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى ظهور الإلحاد وانتشاره في مجتمع الشباب، وأنا هنا أتحدث بوضوح عن الشباب المسلم الذي يواجه تحديات شديدة وحرب شرسة فتارة مغريات وانحرافات وتارة إلحاد وتارة انحراف فكري، ثم تكون المحصلة أن يتوجه للانتحار فراغاً وسخطاً على كل الأوضاع. ومن هذه الأسباب:
أولاً: تجبر الظالمين
لا شك أن ضعف الشباب وتعرضه للمحن والفتن معاً سواء في دينه أو حياته يصل بنا لشاب عرضة سريعة لأي تقلب فكري بل والتأقلم السريع معه والقصص هنا لا تعد ولا تحصى، ويسير هذا الخط في خط متساوٍ من انتشار كل موجات القهر والاستبداد مع تأييد دولي من المجتمع الغربي لتبقى المحصلة شاب كاره لوطنه وكافر بكل ما فيه.
ثانياً: غياب الموجه الذكي
إن فراسة الشخص الذي يوجه ويربي هي طوق نجاة من السقوط في أي متغيرات دنيوية أو فكرية، والتاريخ خير شاهد والواقع يؤكد أن المربي هو الفارس النبيل الذي يصحح مسار الأفكار وينشر الفكر النقي ويجعل عقل الشاب ثابتاً مستنيراً مستمداً من الفطرة التي خلق عليه مستعيناً في كل ذلك بإيمانه وإخلاصه لله حتى يستقيم الأمر.
إن فراسة الشخص الذي يوجه ويربي هي طوق نجاة من السقوط في أي متغيرات دنيوية أو فكرية
ثالثاً: غياب الدور التعليمي
في كل المجتمعات تتحرك الجهات التعليمية النافذة في الدول لتأصيل واجب الدولة في عقول طلابها وشبابها بما يخدم مشروعهم التنويري والفكري، ولما كان الواجب التعليمي في دولنا العربية ليس على قدر الاهتمام كانت النتيجة انتشار ظاهرة الإلحاد في الجامعات والمدارس، بل والجهر بهذا على مواقع التواصل الاجتماعي وإنشاء جمعيات تحمل أفكار إلحادية ومع الأسف يتم تسليط الضوء عليها كعلامة تحرر فكري.
رابعاً: القراءة الخاطئة
إن زهرة عمر الشاب تكمن في مرحلته الجامعية، وهي مرحلة استقبال الأفكار والثقافات والسعي لمعرفة الخبرات والرؤى والأطروحات الثقافية لذلك ينهمر الشاب في القراءة وتزل قدمه أحياناً دون وعي فيقرأ لكتاب ومؤلفين مخالفين له في العقيدة.
ونحن هنا لا نرفض تلقي العلوم من الخارج بل نحث على الاستفادة من كل أصحاب الرأي لكن في الوقت نفسه يجب أن يكون للشباب رصيد فكري أو مرجع يرجعون إليه؛ لأن هناك كتباً تحمل بين طياتها سموماً تخرج المرء عن عقيدته دون شعور أو تجعله يبدأ يخطو خطوات نحو الإلحاد وهو لا يدري أنه يسير في الاتجاه الخاطئ.
يجب أن يكون للشباب رصيد فكري أو مرجع يرجعون إليه؛ لأن هناك كتباً تحمل بين طياتها سموماً تخرج المرء عن عقيدته دون شعور أو تجعله يبدأ يخطو خطوات نحو الإلحاد وهو لا يدري
خامساً: حب الشهوات
إن من أهم أسباب الإلحاد هو الانجرار نحو كل ما تشتهيه النفس من محرمات وشهوات جنسية ، لذلك ينظر الشاب للأمر على أن الدين يقف حجر عثرة لنيل كل ما يريده فيتجه للإلحاد مع تزيين الأمر له من بعض الأقلام الكارهة للقيم وسط موجة إعلامية تشجع على انتشار العري والمجون في المجتمعات وخصوصاً هذه الأيام التي أصبح البغاء فيها تحضراً والطهارة رجعية والحجاب تخلفاً ولاحول ولاقوة إلا بالله.
سادساً: مجتمع الإنترنت
إن مقومات نجاح الشعوب تكمن في ضبط وسائل اتصالها ومدى تقييم هذه الوسائل والثورة المعرفية وفق مراد الله.
والإنترنت عالم مفتوح فهناك الآلاف من المواقع المشبوهة والمحرمة والتي تخدم على مشروعها بلا شك وفي القلب من ذلك تحويل الشاب لسلعة لا تبحث إلا عن شهواتها وفي ذات الوقت ندرة مواقع التحصين الفكري والمعرفي. وإن شئت فقل غلظة الخطاب ونفور الشباب من الكثير من الدعاة لقسوة أسلوبهم.
ختاما -نحن نبحث عن كل طوق نجاة يجعل الشاب واثقاً في ذاته بطاعته لربه ملماً بدينه وعقيدته، ثابتاً على مراد ربه وفق خطوات عملية وعلمية صحيحة تتماشى مع العصر والمنطق.
ويبقى السؤال- ما هو العلاج وكيف يستقيم الشاب- هذا ما سنتاوله في المقال القادم إن شاء الله.