ضوابط ومُعينات ومحاذير على الطريق

الرئيسية » بأقلامكم » ضوابط ومُعينات ومحاذير على الطريق
Red Pen and Checklist

إن الطريق إلى الله تعالى ليس مُعبَّداً سَهلاً وليس مفروشاً بالورود والرياحين ولكنه طريق شاق كثير العقبات والمَلمات وطويل مُوحش كثير المُنحنيات والمُنعطفات وضيق تنهمر من ضِيقه الدموع والعبرات، ولكن سلوانا أنه لا بديل له ولا بديل عنه وأنه طريق الأنبياء والمرسلين والصالحين وأنه ينتهي بجنة عرضها الأرض والسماوات.

• يقول الإمام بن القيم - رحمه الله - واصفاً هذا الطريق في كتاب الفوائد: " يا مُخنَّثَ العزم أين أنت، والطريقُ طريقٌ تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمِي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بَخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونُشِر بالمِنشار زكريا، وذبح السيد الحَصُور يَحيى، وقاسى الضرَّ أيوب، وزاد على المقداد بكاءُ داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى مُحمد صلى الله عليه وسلم ".

- إن سالك الطريق إلى الله تعالى لا بد وأن يكون لديه من الضوابط ما يجعله يلزم الجادة ولا يحيد عن طريق الصواب قيد أنملة، ومن هذه الضوابط:

1- رغبة وإرادة لا يثنيهما بطش ولا تضللهما خديعة ولا يتطرق إليهما مملل ولا يأس.
2- فهم صحيح لا اعوجاج فيه ولا مُساومة عليه.
3- إخلاص لا شائبة فيه.
4- معرفة يقينية بطبيعة الطريق لا تضلل صاحبها ولا تخذله.
5- صحبة وفيَّة لا تُسلمه ولا تتخلى عنه.
6-حسن اقتداء بمن سبقوه من الصالحين، واقتفاء أثرهم دون جُحود لفضلهم ولا إطراء على سعيهم.
7- زاد وفير من التقوى والعلم النافع لا عطب فيهما ولا خلل، يبلغ بهما المَسير ويجود منهما على كل محتاج.
8- سلاح ناجع من الحكمة والانضباط يتقوى بهما على مُوحِشات الطريق وعقباته ومَلماته.
9-حذر شديد من العُجب والهوى وحظ النفس وباقي أمراض القلوب.
10- حسن توكل على الله تعالى وحده والإلحاح في طلب العون والتأييد منه سبحانه.

* تلك عشرة كاملة تبين ضوابط السير في الطريق إلى الله تعالى لكل من أراد أن يفر إلى الله تعالى ويقدم المعذرة التي بها تغفر الذنوب وتستر العيوب وتوصل إلى الرضوان.

ولكي نضمن حٌسن التطبيق العملي للأمور السابقة فإن هناك من المُعينات التي لا غِنى عنها لضمان سلامة الوصول، نذكر منها:-

1- أحسنوا نياتكم ووثقوا العلاقات.
2- وقِّروا أصحاب الفضل والمقامات.
3- احرصوا على توريث مبادئكم بلا آفات.
4- التزموا بالشورى في اتخاذ القرارات.
5- فوِّضوا في بعض أموركم الثقات.
6- تغاضوا عن الزلات الغير مُهلكات.
7- اجتنبوا التناجي وتضخيم العثرات والهفوات.
8- ضحوا بالغالي والنفيس وفِرُّوا من المُثبطات.
9- ثقوا بأنفسكم وإياكم من جلد الذات.
10- تجردوا لغاياتكم تبلغوا الآمال وتحققوا المستهدفات.
حينها يمنحكم الله بفضله القبول ويبلغكم الآمال ويثبتكم حتى الممات.

* أما بخصوص المحاذير فلابد للسائر إلى الله تعالى أن يحذر:-
1- فتور الهمة والتأثر بالمثبطات.
2- الاستدراج واستنزاف الجهد في شكليات وفرعيات.
3- استعجال النتائج وقطف الثمرة قبل نضجها أو الرضا بثمرة قد أصابتها الآفات.
4- التراخي في معالجة المستجدات واتخاذ القرارات.
5- التراخي في حل ما يطرأ من مشكلات.
6- التراخي في إدارة الأزمات.
7- الاعتماد على الجهد المادي على حساب الجهد المعنوي.
8- المهادنات والموائمات على حساب الثوابت.
9- الارتباط بالأشخاص على حساب المبادىء.
10- الإطراء والعجب بجهد أو بذل أو تضحية.

* إن كل ما سبق ما هو إلا غيض من فيض وقليل من كثير من زاد السائر إلى ربه العامل لدينه ولكنها رؤوس أقلام عساها أن تكون:-
- قطرة عذبة رقراقة تروي ظمأ الهجير.
- أو شعاع نور يُستضاء به في الطريق الموحش.
- أو سبباً يبلغ العامل لدينه مُراده فيكون من الفائزين.

* إن كل ما سبق يتطلب الصبر الجميل، الصبر بمفهومه الصحيح الذي هو صبر على ما بُذل وما سيُبذل من جُهد حتى تنضج ثماره وتطيب وليس صبر العاجز الذي يقعد عن العمل ويتمنى على الله الأماني.

* إن كل ما سبق يتطلب أيضاً حُسن اليقين بأن الله تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأن الله تعالى يؤجل لحظة حسم الصراع بين الحق والباطل: {لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [سورة الأنفال:42]

و قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24]

اللهم اجعلنا لدينك من العاملين ولجندك من الناصحين ولجناتك من الداخلين.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
خبير تربوي وكاتب في بعض المواقع المصرية والعربية المهتمة بالشأن التربوي والسياسي، قام بتأليف مجموعة من الكتب من بينها (منظومة التكافل في الإسلام– أخلاق الجاهلية كما صورها القرآن الكريم– خير أمة).

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …