طريقة مميزة لتحفيز الأطفال

الرئيسية » خواطر تربوية » طريقة مميزة لتحفيز الأطفال
child18

هناك في دماغ الإنسان منطقة تسمى النظام العصبي المرآتي، وهذا النظام يتواجد في الإنسان منذ ولادته، ويسهم في عملية التطور المعرفي لديه، وعملية التفاعل الاجتماعي، كما أن له عدة وظائف يمكن الاستفادة منها في عملية التربية.

ومنذ أن يبلغ الطفل عمر ثماني سنوات تقريباً، ينضج عنده هذا النظام العصبي المرآتي بالكامل، و يصبح الطفل قادراً تماماً على وضع نفسه في مكان الآخرين، والتعاطف معهم، وإدراك مشاعرهم جيداً من حزن أو غضب أو فرح، وفهم طريقة تفكيرهم، ويصبح قادراً على تقديم النصح وتصور الموقف بشكل صحيح، بينما في مرحلة الطفولة السابقة لم يكن الطفل قادراً على ذلك بشكل كامل، لا يستوعب أن أمه متعبة ويجب أن ينتظر قليلاً، أو أن والده مشغول، كل ما يفهمه هو أن طلباته يجب أن تُنفّذ!
ونحن كوالدين ومربين مهمتنا أن نعزز فيه هذه القدرة، ونستغلها.

واستغلالها يكون بطريقتين:

أولاً- تنمية الجانب الاجتماعي والعاطفي عنده، وتعليمه أن يعامل الآخرين كما يحب أن يعاملوه، وهذا بالطبع يبدأ التدريب عليه منذ سن مبكرة، ويتطور تدريجياً.

ثانياً- وهي ما أريد أن أركز عليها في مقالتي هذه.

لو لاحظنا أنفسنا، في كثير من الأحيان يمكن أن نقدم لأحدهم مشورة في أمر ما، لكن عندما نقع في نفس الظرف والموقف، فإننا نعجز عن التفكير أو تقديم النصح لأنفسنا، فتجد من ينصح غيره: أن يدرس ويجدّ، يضيع وقته بلا فائدة، ومن ينصح غيره بالتروي والهدوء في أحد المواقف، قد يغضب بسرعة لو تعرض لنفس الموقف، ولذا نقول أن التنظير سهل، بعيداً عن التنظير، غالباً من يقف في الخارج يرى الموقف أفضل ممن يعيش داخله، وكي نستفيد من هذه الميزة، الحل يكون بأن نتعامل مع أنفسنا كما لو كانت شخصاً آخر، وأن نحاول رؤية الموقف من الخارج.

في كثير من الأحيان يمكن أن نقدم لأحدهم مشورة في أمر ما، لكن عندما نقع في نفس الظرف والموقف، فإننا نعجز عن التفكير أو تقديم النصح لأنفسنا

ربما تسألونني: ما علاقة هذا بالأطفال؟

إليكم هذه القصة؛ ليتبين قصدي:

اقترب موعد الاختبارات، ومازال هيثم يفتح كتابه ثم يمل ويتركه بسرعة، حاولت والدته بكل الطرق أن تجعله يدرس لكنها لم تنجح، ثم قررت أن تستغل قدرة ابنها على وضع نفسه في مكان الآخرين... قصت عليه نفس قصته بالضبط: "هناك طفل اقترب موعد اختباراته، ورغم ذلك لا يدرس بشكل جيد، ماذا يمكنك أن تنصحه؟"

فما كان من ابنها إلا أن قال: سأنصحه أن يركز على دراسته؛ لأن الدراسة مهمة للإنسان، وفترة الامتحانات قصيرة، وبعدها يمكن أن يستمتع باللعب كما يريد، كما عليه أن يستمع لكلام والدته؛ لأنها تحبه وتعرف ما يفيده".

عندها قالت له والدته: حسناً... هل ستقول لنفسك هذا الكلام أيضاً؟

ذلك يجعله أكثر وعياً للفعل، ويدركه بطريقة أصح.

نفس الطريقة يمكن أن تطبقوها في كثير من المواقف، مثلاً عندما يتكلم ابنك معك بطريقة غير لائقة، أو عندما لا يرتب غرفته، وهذه الطريقة تنجح في الغالب لكن لا تتوقعوا أن تنجح دوماً؛ لأنها كغيرها من الطرق تتأثر بنفسية الطفل عند تطبيقها، وتتأثر بالظروف المحيطة به حينها، وهذه الطريقة تنفع أيضاً مع الكبار، يمكن أن يطبقوها على أنفسهم.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صيدلانية، ومستشارة أسرية، صدر لها عام 2016 كتابين للأطفال، وكتاب للكبار بعنوان "تنفس". كتبت الكثير من المقالات التربوية والفكرية والاجتماعية على بعض المواقع والمجلات، و قدمت العديد من الدورات التطويرية والتربوية.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …