بعد ما استعرضناه في المقال السابق من تعريف للكذب ومستوياته وأنواعه دعونا نكمل أسباب ودوافع الكذب لدى الأطفال:
أولاً: القدوة السيئة
وتتمثل القدوة السيئة في العديد من المصادر منها:
1- (الوالدان): في الأخطاء التي يرتكبها الوالدان تجاه الطفل وأمامه من أمثلة ذلك المواقف المؤثرة في حياة الطفل من أن يرن جرس الباب أو الهاتف فتجد أحد الوالدين يسارع في أن يقول لابنه لو فلان فقل له غير موجود أو نائم! ولا يدري بذلك أنه يرسخ في نفس طفله وسلوكه الكذب بشكل مباشر وما شابه ذلك من أمثلة في السيرة عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: دعتني أمي يوما "ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا"، فقالت: ها، تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما أردت أن تعطيه"، قالت: أعطيه تمراً، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو لم تعطيه شيئا كتبت عليك كذبة " (مسند الإمام أحمد وصححه الألباني).
2- (المربي والمعلم): وقد يصدر ذلك من المربي والمعلم في الكذب أمام الأطفال مما يؤثر في الطفل بأن المعلم والمربي "القدوة" قد كذب فما مني إلا أن أكذب.
3- (الأهل والمحيطون): وقد لا يصدر الكذب من الوالدين أو الأسرة ولكن يصدر من البيئة المحيطة من أهل وجيران وأقران ولذا يجب متابعتنا في الوسائل الوقائية والتي ترشدنا لكيفية الحماية والوقاية من هذا التأثر.
ثانياً: التربية الخاطئة
من أهم الأسباب التي تكسب الطفل سلوك الكذب وصفته هو الأسلوب الخاطئ في التربية من قبل الوالدين أو المربين والأهل ومن أمثلة ذلك ونماذجه:
1- (المقارنة): وهي من الممارسات الخاطئة التي يرتكبها الوالدان أو المربون والبيئة المحيطة بالطفل على خلفية عدم فهمهم لقاعدة "الفروق الفردية" بين الأفراد والبشر مما يولد لدى الطفل العديد من السلوكيات الخاطئة وربما الأمراض النفسية، كما يولد لدى الطفل الغيرة والتي تدفعه مباشرة للكذب ولسلوكيات أخرى لا يتسع المقال لها.
2- (عدم توفر الحاجيات الأساسية للطفل): وهي من أهم الممارسات الأبوية الخاطئة والتي تتسبب مباشرة في الكذب ومن أمثلة ذلك عدم توفير بعض الملابس أو الطعام المناسب أو الألعاب ولا يعني ذلك الإسراف أو الإفراط في تلبية الطلبات للطفل بل هنا ندعو إلى توفير الأساسيات وما يمكن من الأمور الترفيهية إن توفرت القدرة على ذلك.
3- (التعنيف بأنواعه): ومن الممارسات التربوية الخاطئة والتي يرتكبها الكثير من الآباء والأمهات هو التعنيف بأنواعه:
(اللفظي: السب والشتائم والتوبيخ).
(المعنوي: الإشارات المسيئة والغمز واللمز).
(الجسدي: الضرب والإيذاء البدني).
وهذا دافع كبير وخطير تجاه الكذب بغرض اتقاء العقوبة وتفادي التعنيف والجزاء المفرط من الوالدين.
4- (فقدان الحب وعدم القدرة على إظهاره للأطفال): وهو فقدان الوالدين أو المربين والأهل للقدرة عن التعبير عن الحب وإظهاره للأطفال والأبناء فلا يعقل أن يكون الوالدان لا يحبون أبناءهم ولكن المشكلة في عدم قدرتهم على التعبير عن هذا الحب أو ضبابية وتشويش المفاهيم ومغالطتها لديهم. مثل تصورهم أن هذا التعبير محض "دلع - تدليل" أو تصورهم أن هذه الشدة أسلوب جيد للتربية وما هناك رد خير من الذي علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم "أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة" رداً على من استهجن تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال.
ثالثاً: ما كان على سبيل اللعب والخيال
ومن أهم دوافع الكذب هو تصور الطفل للكذب على أنه نوع من اللعب والمهارة في تغيير الحقائق وأنه استطاع بذلك خداع من هم أكبر منه سناً أو الأقران الأكبر منه عمراً، وقد يكون التخيل كما ذكرنا سابقاً نوعاً من الدوافع لدى الطفل (الأقل من خمس سنوات) أما الأكبر من ذلك يكون هناك قدرة لديه في التفريق بين الحقيقة والخيال.
رابعاً: الإرغام على الكذب
قد يكون أسلوب الوالدين في الحرص على الصدق بغير علم أو بصيرة دافعاً للكذب من الطفل، فقد يحرص الوالدان على الصدق بشكل وأسلوب محدد، مما يرغم الطفل على الكذب؛ كي يظهر للوالدين بالأسلوب الذي يريدانه عليه، وأيضاً تكليف الطفل بمهام ثقيلة عليه ولا يتحملها يعتبر دافعاً للكذب كي يكون على قدر الاحترام لدى الوالدين.
وهذه كانت بعض الأسباب والدوافع التي تقف خلف الكذب لدى الأطفال والأبناء ويتضح أن أغلب تلك الأسباب يقف خلفها الوالدان والمربون؛ لأن الطفل يولد على الفطرة ويدفعه المحيطين للسلوكيات الخاطئة مثل الكذب.