لماذا لا نلتزم بما نعرفه من الحلال و الحرام؟

الرئيسية » بأقلامكم » لماذا لا نلتزم بما نعرفه من الحلال و الحرام؟
muslim-quran23

لماذا عندما نسمع بالحلال و الحرام لا نعمل بهم في الكثير من الأحيان؟؟.. للأسف هناك فجوة كبيرة بين معرفة الواجب علينا و تنفيذه أو التصرف على أساسه، فما السبب؟ أليس لنا عقل ناضجٌ يعرف ماذا يجب أن نفعل؟؟

حقيقةً ليس العقل وحده بالمعادلة و ليس هو الغالب فيها، فهناك هوى النفس، و الشهوة، و وسوسة الشيطان.. و الإيمان.. ذلك الذي يترجم الحلال و الحرام لأفعل أو لا أفعل..

و من أكثر الأشياء التي تصيب ميزان الإيمان بداخل القلوب -و تسبب فيها من سيحملون وزرها- هو استخدام نقطة الترغيب وحدها في الدعوة، إن الله جميلٌ يجب الجمال و الدنيا حلوة مزهرة و الجنة مضمونة، فقط!!

فعندما تثبت هذه المفاهيم غير الكاملة بداخل أحدنا يكتفي بأقل القليل في الدين، و عندما يسمع عن الحلال و الحرام يوافق القول و يعجبه، و لكن عند الفعل فلا حياة لمن تنادي، و هو يسمع الكلام أصلا هناك شهوة أو لذة متمكنة تجعل ما يعبر أمامه من كلام ليس بالشأن الذي يجعله يستحق التنفيذ.. فيقول هذا حق و قرارة نفسه تقول "لاحقاً أو مرةً أخرى".. و لكن هل هناك دائماً مرة أخرى؟

إذاً ماذا يكسر هذه النقطة؟؟.. إنه التوازن، بين الترغيب و الترهيب و لطالما عندما كنت تقرأ القرآن تجد آيات النعيم و معها آيات العذاب، إنه كلام خالقك و هو أدرى بخلقه.. و فعلا فلو لديك مادة شديدة الأهمية و أنت تحبها لن تذاكر لها و تنجح إلا إذا كنت تعلم بوجود امتحان و أن هناك نجاح و رسوب.

و لذلك كان يقول صلى الله عليه و سلم "أكثروا ذكر هادم اللذات"، لكي تتذكر أن الدنيا فانية ولا يدوم على حالٍ لها شأن، و أن اللذة لحظة و الامتحان باق، و باتنظارك أحوالٌ في القبر، إما نعيم أو عذابٌ -أعاذنا الله-.

و أن الموضوع ليس هيناً، فالشيطان لا يريد تركك لآخر رمق، و يُحكى عند وفاة الإمام أحمد بن حنبل أنه دخل في غيبوبة فلقنه الناس الشهادة و لكنه كان يقول "ليس بعد "، فصُدمَ الناس أيكون أحمد و يكتب له سوء خاتمة؟!.. و لكنه عندما أفاق أخبرهم أنه لم يكن يسمعهم و إنما رأى الشيطان تمثل له و قال " فُتّني يا أحمد" اي أفلتت مني إلى الجنة.. كي يفتنه و ينبت زهرة الكبرِ بداخل قلبه عساها تذهب عمله كله هباء! فكان يقول ليس بعد، لم أمُت بعد.. كي لا يترك فرصةً لهذا السهم.. فهل يتربص لك الشيطان لآخر لحظة و يطلق سهامه أم يقول من الآن " ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد"؟

بالطبع هناك أسبابٌ أخرى كثيرة: منها توفيق الله أو عدمه الذي يأتي بشكل كبير من أعمالنا، و أيضا الإيمان الذي يزيد و ينقص بداخل القلب، و لكن كانت هذه النقطة بالذات نغفل عنها كثيرا فعسانا نفيق و كما قيل:

يا غافلاً و له في الدهر موعظةً إن كنت في سنة فالدهر يقظانُ..

و هذه الدار لا تبقي على أحد من سَرَّهُ زمن ساءته أزمانُ..

و بالطبع هناك من سيقول أن الكلام هنا وقع في فخ الترهيب وحده، حسنا هي إضاءةٌ لتعيد ضبط الميزان و السعيد من اتعظ بغيره.. هدانا الله و ثبتنا جميعا.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …