حقيقة لا أدري هل عندما يكتب من هو مثلي عن النبي صلى الله عليه وسلم هل يُعد ذلك تطاولاً مني، أم رضاً من الله تعالى عني؟ أسأل الله تعالى أن يكون ذلك رضاً وتوفيقاً وسداداً وتأييداً من الله تعالى لعُبيدٍ مثلي يعرف حدوده ومقامه، ويعرف قدر نفسه، ويُقر بتقصيره، ويسأل الله تعالى الستر والعفو والعافية.
الواقع يقول إن حاجة العباد لهدي النبي صلى الله عليه وسلم يفوق حاجتهم للهواء والغذاء، فبالهواء والغذاء نرعى جسداً فانياً، أما بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نرعى روحاً سامية باقية.
إن المتتبع لسور وآيات القرآن الكريم ولأحاديث السنة النبوية المطهرة يرى فيهما من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يُعد، فلقد فضله الله تعالى على العالمين بما فيهم من أنبياء ومرسلين.
قال تعالى: " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " (الأنبياء 107).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فضِّلتُ على الأنبياءِ بسِتٍّ: أعطيتُ جوامِعَ الكَلِم، ونُصِرتُ بالرُّعبِ، وأحِلَّت ليَ الغنائمُ. وجُعِلَت لي الأرضُ طَهورًا ومسجِدًا، وأُرسِلتُ إلى الخَلقِ كافَّةً، وخُتِمَ بي النبيُّونَ " (رواه مسلم).
ولكي نجمل الفائدة سنعرج على بعض فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وسنتبعها بواجبنا نحوه.
أولاً: بعض فضائل النبي صلى الله عليه وسلم:
لقد رفع الله من شأن النبي صلى الله عليه وسلم وفضله على سائر الخلق في أمور عديدة فهو صلى الله عليه وسلم أول المسلمين، وأحسنهم خلقاً، وأخشاهم وأتقاهم لله تعالى، ومن هذه الفضائل أيضا:
1- جعله الله من أولي العزم من الرسل.
2- الأنبياء عليهم السلام أرسلوا لأقوامهم خاصة والنبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الناس كافة.
3- جعله الله خاتم الأنبياء فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلم.
4- رفع الله ذكره صلى الله عليه وسلم بأن قرن اسمه تعالى باسم النبي صلى الله عليه وسلم في (الشهادة - التشهد - الأذان - الذكر..).
5- أنزل الله سوراً بأكملها فيه صلى الله عليه وسلم وحده وهي (الضحى- الشرح- الكوثر- النصر).
6- أنزل الله سورة كاملة لتخليد حدث حفظ الله تعالى فيه بيته وأهلك عدوه في عام مولده صلى الله عليه وسلم وهي (سورة الفيل).
7- أنزل الله تعالى سورة كاملة في قومه وسماها باسمهم (سورة قريش).
8- جعل الله تعالى الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- بصيغة له خاصة، فكل نبي نقول عند ذكره (عليه السلام) أما إذا ذكر (مُحمدٌ) فنقول (صلى الله عليه وسلم).
9- فضَّله الله عن سائر الأنبياء بخصال ست لم ينلها نبي قبله.
10- جعله الله أكثر الأنبياء تبعاً، أول من يُبعث، وأول من يدخل الجنة، وأول من يشفع، وهو من يشهد للأنبياء على أقوامهم أمام الله عز وجل، وجعله صاحب الحوض.
من هذه الفضائل وغيرها نجد أن ما تفرق في الأنبياء من خصال الفضل اجتمعت فيه صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: واجبنا نحو النبي صلى الله عليه وسلم:
بعد أن تعرفنا على جزء يسير من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم بقي لنا أن نعرف كيف نترجم هذه الفضائل إلى واقع ملموس في حياتنا اعترافاً منا بالفضل وطمعاً في الأجر.
1- الإيمان بنبوته وبرسالته إيماناً بالقلب والجوارح.
2- حبه صلى الله عليه وسلم حباً يفوق من سواه من البشر.
3- كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.
4- حب زوجاته - أمهات المؤمنين - وآل بيته رضوان الله عليهم أجمعين.
5- حب صحابته رضي الله عنهم أجمعين.
6- حسن الاتباع والاقتداء والتطبيق الصحيح لسنته صلى الله عليه وسلم دون رهبانية ودون إطراء أو تفريط.
7- قراءة سيرته صلى الله عليه وسلم واستلهام الدروس والعبر والعظات منها.
8- إحياء سنته ونشر دعوته صلى الله عليه وسلم بالحكمة والموعظة الحسنة.
9- زيارة مدينته والصلاة في مسجده وإلقاء السلام عليه صلى الله عليه وسلم.
10- العمل على نصرة شريعته وموالاة أتباعه وبغض أعدائه صلى الله عليه وسلم.
تلك عشرة كاملة يجب اتباعها رغبة وطواعية وحُباً بدافع فطري ذاتي، وتنفيذاً لأمر الله تعالى، وطمعاً في نيل الشفاعة وفي ملازمته صلى الله عليه وسلم في الجنة.
يقول ابن العربي: "حرمة النبي صلى الله عليه وسلم ميتاً كحرمته حياً وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثل كلامه المسموع من لفظه، فإذا قُرئ كلامه وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه، ولا يُعرِض عنه كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به".
عُذراً رسول الله على قلة بضاعتي في وصفك وضعف حيلتي في مقامك، فمقامك عند الله محفوظ، وقدرك في القلوب محفور ولكني أردت أن أدلوا بدلوي بقطرة في محيط عظمتك عسى أن تكون بها شفيعي يوم يعز الشفيع.