اعمل أقل تنجح أكثر

الرئيسية » كتاب ومؤلف » اعمل أقل تنجح أكثر
1287515529work-less

توطئة:

العنوان الفرعي للكتاب "الكسل هو سر النجاح!"، وبعكس الصدمة الأولى التي توحي بها دلالة العنوان، فالكتاب لا يدعو للكسل والخمول في الحياة، بل على العكس، يدعو لإعادة تعريف الحياة ومفهوم العمل والنجاح عند صاحبها، ليكون أدعى لأخذ حياته بعزيمة، وقتها سيجد كل منّا أن حياته يمكن أن تكون أهدأ وأقل ازدحاماً من اتباع القوالب السائدة، بل وأعلى إنتاجية من نهج العمل المضني الذي أرسى قواعده النظام الرأسمالي العالمي، هذا غير الإحباط والتعب والضغط النفسي ونوبات التوتر العصبية.
ويستعمل "زيلنسكي" مصطلح "الكسول المنتج" الذي يحصّل النجاح بمجهود معتدل في مواضع مدروسة، وليس كيفما اتفق، وبعكس ما يوحي المصطلح فإن تطبيق مبادئ "الكسول المنتج" ليس سهلاً على بساطتها؛ لأنها تتطلب قدرًا من الانضباط الذاتي والجهد المدروس والمنتظم، لكن ثماره تستحق عناء الكسل!

مع الكتاب:

ينقسم الكتاب لفصول ستة، كالتالي:

1. حتى تكون ناجحاً أكثر: حاول أن تعمل أقل، وتفكر أكثر.
2. اختر عملاً يناسب شخصيتك لا يتناقض معها.
3. إبداعك هو ما يجعلك مليونيراً.
4. تقبّل حقيقة علاقتك بالمال.
5. أنت تملك المال، ولكن هل تستطيع أن تشتري لك بعض الوقت؟
6. الطريق إلى النجاح أجمل من الوصول إليه.

مع مآخذي على مسلك التنمية البشرية وأثر مترجماتها على حياتنا الفكرية والنفسية، إلا أن هذا الكتاب أحد الكتب التي ظلّت قيمة في تقديري؛ لأنه يعتمد على شحذ حسّ الفرد بمسؤوليته الفردية عن حياته، وعن إنشاء مسلكه الخاص في رحلة الحياة، وعدم التسليم لاتباع القوالب الجاهزة التي يلدها المجتمع ليدفن أفراده فيها، ويناقش الكاتب بعمق الحيل النفسية الكامنة وراء اختيار معظم الناس الغرق في دوامات يئنّون منها على انتشال أنفسهم منها، تحت مسمّى "ضمان الدخل" في غالب الأحيان، أو "وضوح المسار" في بعضها الآخر، ولا يتوقف أصحاب تلك الفئة ليتفكروا: ما نفع إنفاق الحياة لتحصيل مال أو مكانة ليس لديك متسع لإنفاقهما على الحياة؟!

وفي ذلك يقول الكاتب:

"لو خُيِّر الناس بين الحلم الغالي والاستمرار في الحياة الطاحنة لاختار المعظم الحياة الطاحنة، فهم يتحملون الرؤوساء الاستغلاليين وظروف العمل السيئة والوظائف المملة التي لا مجال للطموح فيها؛ لأن إيجاد عمل أفضل يتطلب وقتاً وطاقة، وليس ذلك فحسب، بل إن السعي وراء الحلم المهني يتطلب مخاطرة وتغييراً، ومعظم الناس يجدون أن من الأسهل لهم البقاء على ما هو مألوف، حتى لو لم يكن هذا المألوف يقدّم لهم أكثر من الضجر والعمل الشاق.

إذا ضحيّت بسعادتك الحالية من أجل عمل تافه، فيحتمل ألا تجد لاحقاً أبداً الفرصة للشعور بالسعادة الحقيقة والرضا عن النفس، كلما طالت المدة التي يشعر الناس فيها بالتعاسة في أعمالهم، صارت التعاسة أمراً اعتيادياً، وبعد فترة وجيزة ينسون كيف يكون المرء سعيداً، ويعتقدون أن ما يشعرون به من تعاسة طبيعي تماماً، عليك أن تتجنب هذا الوضع، وإلا بقيت تعيساً غير راضٍ عن حالتك إلى آخر العمر، وتصبح حالتك شبيهة بالعديد من أصحاب المهن ذات الدخل المرتفع!

السواد الأعظم من الناس يعتقد اعتقاداً راسخاً أن كسب الرزق والحصول على حياة مريحة يتطلب عملاً شاقاً، وهؤلاء مخطئون! ما يحتاجونه حقاً هو تعلم كيفية عدم العمل بجهد جهيد، ولكن من الصعب أن يتخلص المرء من الإدمان على العمل بعد أن يكون قد تعلمه؛ لأن ممارسة هذا الإدمان تمنح إحساساً بالسعادة والرضا، ولكن من المستحيل معالجة مسألة التوازن بين العمل والحياة الخاصة ما لم نضع العمل في المكانة الفعلية التي يحتلها، لا شكَّ أن للعمل منافع كبيرة لا أحد ينكرها، غير أن الناس يميلون إلى التغاضي عن تأثيراته الجانبية السيئة، خاصة عندما يتحول إلى إدمان ويصبح الشاغل الوحيد، أحد أكبر مخاطر إدمان العمل هو التضحية بالسعادة في الحاضر طوال عشرين أو ثلاثين سنة، لا لشيء إلا لكي يتعرض المرء لحادث سير مثلاً، فيخسر حياته قبل أن يتقاعد؛ ليستمتع بحياته، عندئذ يكون قد مات ولم يفهم ما كان ينبغي أن يفهمه منذ زمن بعيد."اهـ.

ومن جهة أخرى، لا يبيع الكتاب أوهامًا جوفاء أو أحلامًا وردية، فأن تتحرر من أسر القوالب المهنية والمجتمعية، وتنشر لنفسك آثارها، مسلك فيه الكثير من الارتياح النفسي، واستشعار الحرية الفردية، لكنه كغيره يتطلب جهداً ومثابرةً وإن من نوع آخر، يقول الكاتب: "... فالنجاح له ثمن كما تعلم، المهم أن يستحق دفع ذلك الثمن لأجله، عندما تسعى وراء حلم حياتك ستكتشف -كما اكتشفت أنا- أن بناء حياة تستحق أن تعيشها قد يكون صعباً أحياناً؛ إذ إنه عليك أن تدفع الثمن من أجل الحصول على مهنة مريحة مربحة ذات هدف، وهذا يعني أن عليك أن تكرّس نفسك كلياً من أجل ذلك الهدف، تأكد أن دفع الثمن ليس بالأمر اليسير، ولكنه أحمد عاقبة من عدم دفعه على الإطلاق!"

أهم رسالة صغتها لنفسي من مطالعة هذا الكتاب هو أن الحياة نضال على كل حال، وكَبَد من نوع ما، وإنما الشأن أن تناضل نضالاً يعبر عنك، وتكابد كبَدًا تحتسبه وترتضي الحساب عليه من بعد أمام ربك.

اقتباسات من الكتاب:

1. تذكر دائماً أن تعقيد الأمور البسيطة لا يحتاج إلا إلى رأس مشوش، أما تبسيط الأمور المعقدة فوحده العبقري يقدر عليه.

2. الأعمال التي تستحق أن تنجزها على أكمل وجه نادرة جداً، وماعدا ذلك من أعمال يستحق فقط أن تقوم به بطريقة مناسبة لا غير، لا بل أكثر من ذلك: فبعض الأعمال يمكن أن تنجزها كيفما اتفق للتخلص منها! وأخيراً ثمة أعمال لا تستحق حتى أن تلتفت إليها، ويستحسن في هذه الحالة أن تترك للأشخاص الذين يمتلكون وقتاً ليضيعوه!

3. من أهم مواصفات المدمن على العمل أنه كلما كان حجم الأعمال المطلوبة قليلاً كان الوقت الذي يحتاجه لإنجازها طويلاً!

4. الفكرة التي لا تؤدي إلى عمل هي ليست شيئاً كثيراً، والعمل الذي لا ينبع من فكرة هو ليس شيئاً البتة.

5. لن تستطيع الحصول على كل ما تريد، ولكن لا تدع ذلك يمنعك من الحصول على العديد من الأشياء التي تقدر عليها.

6. الإدمان الخطير على العمل هو أحد أسباب الإحساس بالفراغ الروحي، فالمدمنون يفرطون في العمل؛ ليتجنبوا النمو الفكري والروحي.

7. ليس عدد السنوات التي نعيشها ما يحدد مدى غنى حياتنا وسعادتنا ورضانا عن أنفسنا، بل هو نوعية هذه الحياة.

مع المؤلف:

مؤلف الكتاب الذي بين أيدينا اليوم هو الكندي "إيرني زيلنسكي" "ErnieZelinski"، ولد عام (1949)، مهندس يعمل مستشاراً ومحاضراً في تطوير الذات، وريادة الأعمال الحرة، أشهر مؤلفاته التي حققت مبيعات عالمية، وترجمت لعدة لغات:

1. اعمل أقل تنجح أكثر.
2. كيف تتقاعد بارتياح.
3. (101) شيء مهم تعرفه بالفعل وتنساه دومًا.

 

معلومات الكتاب:

اسم الكتاب: اعمل أقل.. تنجح أكثر

المؤلف: ايرني زيلنسكي

المترجمون: آمال الأتات وفاديا عبدوش

الناشر: دار الفراشة للطباعة والتوزيع

البلد: بيروت.

تاريخ النشر: 2007.

عدد الصفحات: 335

معلومات الموضوع

الوسوم

  • العمل
  • النجاح
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
    كاتبة ومحاضِرة في الأدب والفكر وعُمران الذات. محرّرة لغوية ومترجِمة. مصممة مناهج تعليمية، ومقدّمة دورات تربوية، وورش تدريب للمهارات اللغوية. حاصلة على ليسانس ألسن بامتياز، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

    شاهد أيضاً

    تراث القدس.. سلوة النفس

    يعد هذا الكتاب القيّم تراثًا مقدسيًّا فلسطينيًّا مبسّطًا - إلى حد ما - ومجمّعًا بطريقة …