ما زال الشباب المسلم هو قبلة نشاط كل الخبثاء والمجرمين سواء في الشرق أو الغرب، وما يتبعه من حروب إعلامية وقنوات ومواقع تستهدف في الأساس نزعهم من دينهم وهويتهم، وانسلاخهم من كل القيم الخلقية، ولاشكّ أن الإباحية ومواقعها من أهم أسلحة هؤلاء المجرمين، الذين يعملون على مدار الساعة لحصر تفكير الشباب في الجنس والممارسات غير الأخلاقية.
ولمّا كان التقدم التقني يزداد كل ساعة بتطورات وتقدم هائل يصعب على المرء السيطرة عليها أو حتى تداركها، فالعالم اليوم عبارة عن قرية صغيرة بلا قيود، بل أصبحت هناك مواقع تزيل أي حظر أو منع لذلك، فالإباحية ومواقعها أصبحت في كل بيت بل في كل يد رغماً عن أصحابها، ولا مانع إلا مراقبة الله عز وجل والعوامل التربوية الأخرى.
إن الإباحية ليست عارضاً أو مظاهر، بل سرطان شديد الخطورة تتفشى في المجتمعات، فوفقاً للإحصائيات، فإن هناك أكثر من (28 ألف) مستخدم للإنترنت يفتح ويتصفح مواقع إباحية كل ثانية! (373 ألف) مستخدم يكتبون كلمة إباحية! والولايات المتحدة تنتج مقطعاً إباحياً جديداً كل (20 دقيقة)!! فضلاً عن الملايين من الدولارت التي تنفق في سبيل ذلك، وكل هذا -مع الأسف- يتم على مرأى ومسمع من الدول والمجتمعات وداخل البيوت.
لذلك سنتحدث اليوم عن دور الوالدين في حماية أبنائهم من السقوط في هذا المستنقع الخطير، الذي -يقيناً- عاقبته خسران مبين، خصوصاً مع انتشار مظاهر التحرر وعدم الاكتراث بأفعال الأولاد في الجامعات والمدارس، وتحوّل الوالد لمحاسب يدفع فقط وينفق دون معرفة الأحوال. ويشمل هذا الدور الأمور التالية:
أولا: الإلمام بخبايا الإنترنت
إن أول سبل حماية الأبناء هو إلمام الآباء والأمهات بخبايا وفن عالم الإنترنت، فمن غير المقبول أن يكون الوالدان غير مواكبين لما يحدث حولهم من تقدم، وفي نفس الوقت يطلبون من الأبناء عدم الدخول على الإنترنت من باب الحماية، لكن الدخول بحذر، فالعالم الإلكتروني ليس كله إباحية، بل منه الأرض الخصبة للدعوة إلى الله تعالى.
من غير المقبول أن يكون الوالدان غير مواكبين لما يحدث حولهم من تقدم، وفي نفس الوقت يطلبون من الأبناء عدم الدخول على الإنترنت من باب الحماية
ثانياً- كن فضولياً مع أبنائك:
إن الفضول ليس كله مذموم، بل منه المحمود، فالمرء إذا أحب شخصاً يسعى لمعرفة كل تفاصيل حياته، ماذا يصنع؟ وما ينوى فعله؟ وكيف حياته مع أصحابه؟ وماهي طموحاته؟ وهكذا، كذلك فالأسرة يجب أن تعلم كل شيء، وتعرف كل صغيرة وكبيرة عن أبنائها -خصوصاً- في مرحلة المراهقة ، فالشاب والفتاة إن لم يجدا في والديهما ملتقى للبوح والفضفضة، سيكون البديل من الخارج، وتلك مصيبة؛ لأن من بالخارج لا يضيف خلقاً أو قيماً، بل يؤصل المنكر، ويستحل الحرام بدعاوٍ مقبولة عقلاً، فيبرر الأمر على أنه تحرّر وتقدّم، وما دونه تشدّد ورجعية.
ثالثاً- إخلاص الآباء نجاة للأبناء:
إن الدعوات الصالحات للأبناء هي الباقية، وكما قيل كلما دعا الوالد لولده غلفت حياته بالنجاح حتى بعد رحيل الوالد، كذلك فإن الإلحاح على الله أن يهون على الشباب والفتيات هذه الحرب التي تستهدفهم، وهذا العالم الذي غلب شره خيره من عوامل الراحة للأبناء، خصوصاً إن صاحب ذلك توصية بالاتباع السليم وحسن العمل، والسعي لحسن الفهم، والطاعة لله ولرسوله في كل مناحي الحياة.
رابعاً- صاحب أولادك:
عليك بمصاحبة أبنائك والتقرب إليهم ومصادقتهم، وعمل حوارات معهم عن مشاكلهم وعلاقتهم بأصدقائهم، والحديث معهم عن المخاطر الناتجة عن مشاهدة الصور والأفلام السيئة –خصوصاً- الأبناء في سن المراهقة، كما يجب متابعتهم وملاحظتهم، ورصد أي سلوك أو تغير يطرأ عليهم، ثم مصارحتهم ومواجهتهم في جو من السعي للنجاة وراحة البال.
عليك بمصاحبة أبنائك والتقرب إليهم ومصادقتهم، وعمل حوارات معهم عن مشاكلهم وعلاقتهم بأصدقائهم، والحديث معهم عن المخاطر الناتجة عن مشاهدة الصور والأفلام السيئة –خصوصاً- الأبناء في سن المراهقة
خامساً- استخدام الإنترنت باحترافية:
وضع برامج مفلترة وحماية للمواقع الإباحية على الأجهزة التي تتصل بشبكة الإنترنت، كما يجب أيضاً تشفير القنوات الفضائية الإباحية التي تدعو إلى الرذيلة وتبعد الناس عن الفضيلة، فهذه القنوات أثرها بالغ الضرر على الجميع كباراً وصغاراً، فهي تنتج جيلاً مسخاً مهزوز الشخصية، لا يفرق بين الخطأ والصواب، وبين النافع والضار.
وإن كنت تعتقد أن هذا فيه تقييد، فهو تقييد عواقبه خير وبركة وعلامة حب صادقة، فيقيناً دموع العالم لن تكفيك إذا أصبح ابنك مسخاً كل همه الحرام، وأنت في غفلة من الأعمال، وزحمة الحياة .
سادساً- اغرس فيهم المراقبة:
إن تقويّة الجانب الإيماني لدى الأبناء أمر في غاية الأهمية والنفع، فعلى الوالدين إشعار أبنائهم بمراقبة الله عليهم في كل وقت، وتفقد أحوالهم في الصلاة، فإن كان فيهم أحد مقصر في صلاته، فعليهم بتشجيعه وحثّه على المواظبة، كما عليهما تشجيع أبنائهما على الصلاة جماعة في أقرب مسجد، فقد بيّن الله تعالى أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فمن أقام الصلاة كما أمر الله نهته بلا ريب عن الفحشاء وعن المنكرات ، فهذا أمر لابد منه إن أردنا لهم الحياة السوية، والطريق المستقيم بلا غلو أو تفريط.
سابعاً- أشغل فراغهم:
إن الفراغ نعمة مغبون فيها كثير من الناس، وبالأخص الشباب، فالشريحة السنية من (17-30) يجلسون سبع ساعات يومياً على الإنترنت، لذلك فإشغال وقت فراغ الأبناء بما يفيدهم، مثل: الرياضة، وحفظ القرآن، وتعلم علوم الكمبيوتر، وممارسة الهوايات المختلفة التي تعزز الثقة بالنفس وتشغل وقتهم بالمفيد -هو من حسن الفهم التربوي، والعمل الصالح في الحياة.
إشغال وقت فراغ الأبناء بما يفيدهم، مثل: الرياضة، وحفظ القرآن، وتعلم علوم الكمبيوتر، وممارسة الهوايات المختلفة التي تعزز الثقة بالنفس وتشغل وقتهم بالمفيد -هو من حسن الفهم التربوي، والعمل الصالح في الحياة
ثامناً- تفقد أصحابهم:
إن الأب الذكي هو من يختار ويتفقد ويعلم أصحاب أولاده وأخلاق عائلاتهم، ومدى انضباطهم في التعليم والطريق، فالمرء على دين خليله، والصاحب إما أن يكون حامل مسك أو نافخ كير، والوعي الحقيقي للأسرة يتجلى في اصطفاء أقرانهم ورفقتهم، بل ليس من المعيب تتبع الأسرة لخطوات أولادها طالما في سبيل الطمأنينة الأسرية والاستقرار النفسي لهم، إن رأوا منهم اعوجاجاً أو زللاً عن طريق المراقبة وطاعة الله .
ختاماً، نحن نسعى لمجتمع صالح كله قيم تربوية نافعة تفيد الأجيال، ونعلم أن منبع هذا الصلاح التربوي يكمن في الأسرة المسلمة والبيت المسلم، ورمانة ميزانه الأب والأم، خصوصاً أن موجة الانحلال والإباحية والحرب الإلكترونية التي تطورت حتى أصبحت تأمر بالانتحار؛ ليثبت الولد ولاءه، ولاحول ولاقوة الا بالله، لذلك فيا كل أم وكل أب: أبناءكم.. أبناءكم.. أبناءكم.