دعنا نتفق أن الأولاد هم أعظم نعمة من الله تعالى على الإنسان وأن أي نعمة تستوجب الشكر ليحفظها الله تعالى وليبارك فيها.
ودعنا نتفق أيضاً أن الأبناء رزق من الله تعالى وأن البركة في هذا الرزق لا تكون بما يتمناه الفرد ولا بما يتصوره ويطمح إليه ولكن بما قدره الله تعالى ثم بصدق النية وحسن الأخذ بكل أسباب الهداية والتوفيق.
ودعنا نتفق كذلك أن الأولاد هم أغلى شيء بالنسبة للآباء، فالآباء يكدُّون ويتعبون ويضحون من أجل أن يروا أبناءهم في أفضل حال يتباهون بهم ويشعرون أنهم قد أدوا رسالتهم في الحياة بحسن تربيتهم وارتقائهم أفضل مكانة في المجتمع بل وليعوضوا أنفسهم عما أخفقوا هم في تحقيقه.
علاوة على ذلك فالأب يريد أن يرى أبناءه أفضل من أبناء هذا وذاك، والأم لا تريد من أبنائها أن يفشلوا مثل أبناء هذه أو تلك.
إن كل ما سبق يتولد عنه الحب الزائد والحرص المبالغ فيه والتعليمات الصارمة والتصريحات الحادة بل والتهديد والوعيد من الوالدين وكأنهم يريدون أن يصبونهم في قوالب جامداً قسراً وجبراً.
إن كل ما سبق يحول الأبناء من كائن بشري يسمع ويرى، ويسعد ويحزن، ويشعر ويتألم ويأمل ويطمح ويتمنى إلى قوالب جامدة مطلوب منها فقط أن تستجيب لما يُملى عليها دون رأي ودون اعتراض بحجة أن فهم الأبناء ما زال قاصراً وأنهم لا يدركون مصلحتهم.
إن كل ما سبق يحول الأبناء من كائن بشري إلى خيول سباق ورهان دفين للتميز عن الآخرين.
في ظل هذه الأمور ينسى الآباء أن النفوس البشرية لا تتشابه وينسون كذلك أن هناك فروقاً فردية تميز شخصاً عن آخر.
في ظل هذه الأمور ينسى الآباء أن الله تعالى خلقنا مختلفين لنكمل بعضنا الآخر، فالعبرة ليست في المُسمى الوظيفي ولكن في حسن تأديته وتطويره والتميز فيه، فكم من حِرفي ومِهني أو صاحب وظيفة تقليديه يرفع له الجميع قبعة الاحترام وكم من عالم يمتهنه الناس ويدوسونه بالأقدام.
في ظل هذه الأمور يكون الحال كارثي وينقلب البيت إلى جحيم ما يكاد يهدأ إلا ليتوتر مرة أخرى فيضيق الجميع ببعضهم ذرعاً فالأب لم يعد يحتمل أسرته، والأولاد لم يعودوا يحتملون والديهم والوالدين يلقون على بعضهم البعض الاتهامات خشية الإخفاق في المهمة، إلى غير ذلك من الأمور التي تحول البيت إلى حلبة مصارعة بدلاً من أن تكون مكاناً للألفة والانسجام بل حلقة ذكر وواحة إيمانية.
إن كثرة الضغط تولد الانفجار فالآباء الذين يضغطون على أبنائهم إلى متى سيتحملون؟
من المؤكد أنه سيأتي الوقت الذي ينفذ فيه صبر الآباء وتخور فيه قواهم وفي ذلك الوقت سيكون بركان الأبناء المكبوت قد وصل لذروته وحين ينفجر سيكون الآباء في أضعف حالتهم ولن يستطيعوا ترويض هذا المارد الذي ظل مكبوتاً سنوات عدة وهو يتحين هذه الفرصة لينقض على فريسته انقضاضاً كله غيظ وتشفي، انقضاضاً لا عقل فيه ولا رحمة. حينها سنرى الأبناء كالثور الهائج الذي لا تنفع معه حيلة ولا ترويض ولا إغراء والعياذ بالله.
حينها يجني الآباء ما قدمت أيديهم فلا هم حققوا أحلامهم ولا هم استمتعوا ببر أبنائهم لهم وهنا يُسدل الستار على كومة من الحسرة والندم حين لا ينفع الندم!!
* استعينوا بالله تعالى وادعوه سبحانه في كل وقت أن يُعينكم على حسن تربية أبنائكم كما يحب ويرضى.
* أغدقوا على أبنائكم من فيض حنانكم وعطفكم ومزاحكم.
* احترموا أصدقاءهم واحترموهم أمام أصدقائهم وامدحوهم بخير خصالهم.
* اجعلوهم أمناء على بعض أسراركم، لا يفعلون شيئاً دون الرجوع إليكم وتوقيركم.
* لا تفرضوا عليهم الوصاية بل أشيروا عليهم وأحسنوا توجيههم.
* لا تصادروا آمال أبنائكم ولا تحجروا على أحلامهم.
* استوعبوهم ولا ترعبوهم.
* لا تكثروا من النصيحة ولا من النقد واللوم والعتاب فيملوا مجالستكم.
* ناقشوهم ولا تسفهوا آراءهم.
* لا تكلفونهم ما لا يطيقون.
* احترموا أذواقهم وراعوا سنهم وزمانهم.
* احكوا لهم عن نماذج النجاح وأسبابها ونماذج الفشل وأسبابها، واللبيب بالإشارة يفهم.
* جددوا بهم شبابكم ترضون ربكم وتظفرون ببرهم ويكونون عوناً لكم.
رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً