أكد رئيس الحكومة التونسية السابق والأمين العام السابق لحركة "النهضة" حمادي الجبالي، أن "مسيرة العودة تمثل الخيار الشعبي الفلسطيني والعربي لإسقاط صفقة القرن ولتصحيح مسار ثورات الربيع العربي".
وأوضح الجبالي في حديث مع "قدس برس"، أن "اهتداء الشعب الفلسطيني إلى إبداع نهج مسيرة العودة، يأتي في وقت تواجه فيه القضية الفلسطينية مؤامرات تسعى لتصفيتها عبر ما يسمى بصفقة القرن".
وأضاف: "لقد أحسن الشعب الفلسطيني اختيار اسم مسيرة العودة الكبرى، لإجهاض محاولة قبر القضية الفلسطينية، وتحديدا القدس، باعتبارها محور الصراع في المنطقة، بما تعنيه من رمزية ومن تاريخ ومن كرامة للأمة ومن وجودها نفسه".
وحذّر من أن "إنهاء القضية الفلسطينية يعني قتل الإرادة العربية والإسلامية وإشغالها في معارك هامشية تكرس الاحتلال".
واعتبر أن "الثورات المضادة التي عرقلت ثورات الربيع العربي التي انطلقت من تونس أواخر العام 2010، هدفها الحؤول دون الشعوب العربية وحقها في إنهاء الاستبداد والفساد وتحقيق الحكم الراشد، الذي هو المدخل لتصحيح البوصلة والتوجه لتحرير فلسطين".
وأشار الجبالي، إلى أنه "بينما يستمر قسم من الفلسطينيين والعرب في الحديث عن خيار التسوية ومسار أوسلو ويشتكون من جرائم الاحتلال، فإن هذا الأخير مستمر في التوسع الاستيطاني وفرض الأمر الواقع على الأرض".
وحذّر الجبالي من خطورة استحداث معارك جانبية تغني عن الصراع الجوهري مع الاحتلال، وقال: "في الوقت الذي كان يجب فيه على العرب والمسلمين الوقوف إلى جانب شعوبهم، عادت الانقلابات العسكرية على إرادة الشعوب، وجاء الانقسام الخليجي، ويجري الدفع باتجاه الحرب الطائفية والمذهبية بين الشيعة والسنة، وصارت الشعوب نازحة في أوطانها".
واعتبر أن "مسيرة العودة الكبرى تأتي في ظل هذا الوضع لتصحيح المسار، ولتأكيد جوهرية القضية الفلسطينية في المنطقة".
وقال: "هذا التحرك حوّل الاهتمام الدولي، وانتزع المبادرة من الساسة والقيادات والحكومات العربية والإسلامية، وأرجعها من جديد بيد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، التي من شأنها أن تفرض واقعا جديدا".
وأكد الجبالي، أن "الاحتلال الإسرائيلي يدرك جيدا أن تحرير إرادة الشعوب العربية ستأتي بقيادات شرعية لا تستطيع مخالفة رأي شعوبها، لذلك فهو يدعم الثورات المضادة ويشوه المقاومة ويسعى لفرض التطبيع، مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية".
وأشار الجبالي إلى أن "الحضور الباهت للزعماء العرب والمسلمين لقمة التعاون الإسلامي الطارئة التي استضافتها إسطنبول الأسبوع الماضي، ليس مفاجئا، وأنه يعكس احتماء كثير من الأنظمة العربية والإسلامية بالدعم الدولي ضد شعوبها".
واتهم الجبالي "قوى إقليمية بالانخراط في محاولة تصفية القضية الفلسطينية من خلال محاولة تغيير البوصلة والحديث عن هجوم إيراني على المنطقة".
وقال: "هناك أطراف عربية للأسف تسعى لفرض معركة على الأمة تغير البوصلة، ويتحدثون عن محاربة إيران والشيعة، هل هذه هي قضية الشعوب العربية والإسلامية؟".
وأضاف: "هناك أولويات استراتيجية، لا تقحمونا في معارك جانبية وفي حروب طائفية ستبقى إلى يوم الدين لا قدر الله، وستسيل من أجلها دماء كثيرة".
وتابع: "هؤلاء للأسف لا يدركون مصالحهم ولا مصالح شعوبهم، حتى أن بعضهم صار يتحدث عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وفق تعبيره.
على صعيد آخر دعا الجبالي الفلسطينيين والعرب والمسلمين، إلى عدم التعامل مع الغرب باعتباره قوة واحدة.
واعتبر أن "الشعب الفلسطيني في اختياره لنهج مسيرة العودة السلمية إلى دياره، يوجه رسالة لجميع الأطراف، أولا للأنظمة العربية بأن الفلسطينيين قادرون على الدفاع عن قضيتهم، وللرأي العام الدولي ولعقلاء الغرب بضرورة الوقوف إلى جانب المظلوم".
وأكد الجبالي، أن "المطلوب سياسيا من الفلسطينيين وأنصارهم أن يقدموا القضية الفلسطينية للغرب ليس فقط بوصفها قضية عادلة، وإنما أيضا بوصفها قضية تحقق مصالح تلك الدول".