توجع قلوبنا هذه الدماء التي أريقت على تخوم الوطن المحتل، وهذه الدماء التي ما تزال تنزف بجروحها من أثر الإصابة.
كنا نعلم أن هذا العدو لا شرف له ولا شجاعة فيه وأنه لا يقاتل بل يقتل فحسب!
هذا العدوّ قد تمدّد وطغى وأصبح معناه يفوق حقيقته، وما كان هذا المعنى ليتمدد هكذا إلا لأننا أتحنا له فرصة التمدد خصماً على انكماشنا ورهبتنا المصنوع من عجزنا !
كل شيء حولنا كان يتهاوى، حتى الأخلاق أصبحت جريمة، وأصبح الشرف فضيلة غائبة، وأصبح الحصار الخانق لشعب أمراً عادياً، وأن يموتوا على باب دارك مقبولاً ومبرراً ، ولم تعد هناك قيمة للقيم ولا قداسة للمقدّس!
فكّرنا بكل سبيل ممكنة، وفعلنا كل شيء متاح، وفتحنا صندوق الإجابات، و بحثنا عن كل لافتة تشير إلى حل، تحت الصندوق وفوقه وبين شقوقه !
كان الخيار بين أن نموت مسجونين أو نسجن حتى نموت!
جميع خيارات انفتاح البوابة مسدودة تماماً!
دفعنا كل شيء، ما تبقّى لدينا هو لباس الشرف الأخير، لم يتركوا لنا مدخلاً سوى السير على الأشواك والانفجار في أي اتجاه يمكن أن يفتح نافذة حل!
لم يتحرك هذا الشاب لأن جهة ما فرضت عليه أن يذهب فقد كان بوسعه أن يظل في بيته كما فعل كثيرون، وربما حاسبوه تنظيمياً بتجميد أو مساءلة إذا تطور الأمر، وكان يسع هذه الفتاة أن تظل تحت سقف بيتها ... ولكن
الجميع ذهب وكان يضحك للموت الذي يرفع سيفه كل ثانية!
كان هؤلاء يبحثون عن مخرج!
كانوا يساعدوننا على الخروج وفك الحصار والتقاط قطرات الماء للعطشَى!
لم تذهب دماؤهم هدراً أيها المحزونون الغاضبون!
لقد سجّل هؤلاء حدثاً تاريخياً سيشعل القلوب، وسيكون كل واحد منهم قصة نرويها، إنهم الباحثون عن المخرج لنا جميعاً!
لكن الشرف الأعظم الذي حازوه أنهم في اليوم الذي تعلن فيه أكبر قوة أرضية اعترافها بالقدس عاصمة للكيان المحتل وسط فاجعة الصمت العربي المطبق وركّاب التطبيع الحرام كانوا هم النجم المضيء الوحيد في الظلمة الموحشة، ولا يستطيع التاريخ أن يكتب إن هذا الحدث الذي يجعله صهاينة العالم تاريخياً قد مضى دون أن يكون هناك إعلان فلسطيني صارخ مضرّج بالدم بأننا أصحاب الحق المطلق في القدس ولن نتركها أبداً.
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- المركز الفلسطيني للإعلام