وقفات تربوية مع “ألا تزر وازرة وزر أخرى”

الرئيسية » خواطر تربوية » وقفات تربوية مع “ألا تزر وازرة وزر أخرى”
dad-children21

نحن اليوم في رمضان شهر القرآن، ويجب أن نعيش القرآن تدبرًا وتعاملًا، في كل نواحي حياتنا، العمل، المعاملات، التربية وغيرها...

لذا أحببت في هذه المقالة أن أكتب عن بعض التدبرات التربوية التي نستفيدها من الآية الكريمة: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [النجم:38]، وسأعرض خلالها صورا من تحميل أولادنا وزر ما لم يقترفوه:

1_عندما تغضب الأم من الأب مثلا، أو يغضب الأب من الأم، أو يواجهون صعوبات خلال اليوم، أو يتعرضون لمشاكل، ثم يصبون جام غضبهم على أولادهم، يصرخون ويضربون ويسبون دون سبب، أو يعاقبون على الخطأ الصغير وكأنه جرم لا يُغتفر، عندها يتحمل الطفل وزر ما لم يرتكبه.

2_عندما تحدث حالة انفصال بين الوالدين، ومن ثمَّ يتم استخدام الولد، ليضغط كل طرف على الآخر، أو للانتقام منه، متجاهلين التأثير النفسي السيء لذلك على الطفل، والذي من المرجّح أن يستمر للمستقبل، ومتجاهلين حق الطفل بالاستقرار حتى بعد انفصال والديه، وعندما يقوم كلا الوالدين بتبغيض الولد بالطرف الآخر، متجاهلين حقه في أن تكون صورة والديه مشرّفة في نظره، هنا يتحمل هذا الولد وزر ما لم يرتكبه.

عندما يقوم كلا الوالدين بتبغيض الولد بالطرف الآخر، متجاهلين حقه في أن تكون صورة والديه مشرّفة في نظره، هنا يتحمل هذا الولد وزر ما لم يرتكبه

3_ من خلال الاستشارات التي تأتيني بخصوص مشاكل الأولاد، اكتشفت أن أغلب المشاكل التي يشتكي منها الوالدان هي في الحقيقة مرحلة تطورية طبيعية، وليست مشاكل حقيقية، لكن عدم معرفة الأهل بخصائص المراحل العمرية، يجعلهم يضخمون الأمور ويظنون أن ابنهم يعاني من مشاكل، وفي كثير من الأحيان يعاقبونه على ما هو طبيعي في مرحلته العمرية، مثل الخوف الذي يعتبر طبيعي بعمر 4 سنوات تقريبا، قبل ذلك لا يعاني الطفل من الخوف الشديد، ثم يبدأ يخاف من أي شيء، هنا يستغرب الأهل أن طفلهم عندما كان أصغر لم يكن يخاف، أو أن أخاه الأصغر منه لا يخاف، وبدلًا من احتواء الطفل فإنهم يعاقبونه، وهكذا يتحمل وزر عدم معرفة أهله بخصائص المرحلة العمرية التي يمر بها.

عدم معرفة الأهل بخصائص المراحل العمرية، يجعلهم يضخمون الأمور ويظنون أن ابنهم يعاني من مشاكل، وفي كثير من الأحيان يعاقبونه على ما هو طبيعي في مرحلته العمرية

4_ عندما تكون أحلام الأبوين أو أحدهما كبيرة، ولم يستطع أن يحققها، إما لطيش كان يعاني منه في صغره، أو لعدم رغبة أو عدم قدرة، ثم بدلًا من لوم نفسه، يسعى إلى تعويض ما فات بأن يضغط على ابنه كي يحقق له ذلك، حتى وإن كان هذا الشيء ضد رغبة الولد، مثل حال الوالد الذي لم ينجح في دراسته لأي سبب كان، ثم انتبه إلى نفسه بعد فوات الأوان، وقرر أن يضغط على ابنه كي يحقق له حلمه، وأحيانا كثيرة هذا الضغط يأخذ شكل مبرر "لا أريد لابني أن يندم كما ندمت"، في هذه الحالة أيضا يتحمل الولد وزر ما لم يرتكبه.

5_ الحالة المعاكسة تحدث أيضا، ويتحمل الوالدان وزر ما ارتكبه ولدهم، مثلا عندما يخطئ طفلك أمام الآخرين، ثم تشعر بالإحراج وكأنك أنت المُذنب، فأنت بذلك تحمّل نفسك وزر ما لم ترتكبه، صحيح أنك والده ومسؤول عن تربيته، لكن كل ما عليك هو أن تُرشده إلى إصلاح خطئه، وتساعده على ذلك، دون المبالغة بالشعور بالإحراج، هذا ليس وزرك، وعندما يخطئ فتقوم أنت بإصلاح خطئه دون أن تحمّله مسؤولية ما فعل، فأنت تتحمل وزر ما لم ترتكبه.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صيدلانية، ومستشارة أسرية، صدر لها عام 2016 كتابين للأطفال، وكتاب للكبار بعنوان "تنفس". كتبت الكثير من المقالات التربوية والفكرية والاجتماعية على بعض المواقع والمجلات، و قدمت العديد من الدورات التطويرية والتربوية.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …