نقترب شيئاً فشيئاً أو بدأ البعض بما يسمى بالعطلة الصيفية والتي هي أمل الكثيرين في الحصول على استراحة ولو قصيرة من عناء روتين العمل اليومي والاستيقاظ المبكر والالتزامات المترتبة على ذلك.
فالإنسان بحاجة للراحة؛ ليتمكن من شحن الطاقات مجدداً ليستطيع العودة للعمل والالتزام بنفسية إيجابية مستعدة للعمل أو الدراسة.
فالطلاب مثلاً يدرسون ويتعبون طوال عام دراسي طويل، ينتظرون نهايته وبداية الإجازة السعيدة بفارغ الصبر. أما الأمهات في الجانب الآخر، فترى أن العطلة الصيفية هي فترة تمكنهن من الراحة والنوم لساعات طويلة فليس هناك ما يؤرقهن ليستيقظن في الصباح الباكر لمساعدة أبنائهن للاستعداد للمدارس.
لذا فإننا نستطيع القول أن الأغلبية العظمى من الناس يشعرون أن العطلة الصيفية هي فترة للنوم والكسل وعدم الإنتاج.
الحديث عن العطلة الصيفية في هذا الوقت من السنة هو أمر في غاية الأهمية؛ فأبناؤنا والذين هم محور الحديث في هذا المقال فحدث ولا حرج عنهم. فهم يقلبون ليلهم نهاراً ونهارهم ليلاً مع أننا لا نستطيع التعميم ولكن في معظم الحالات هذا ما يحصل مع أغلبهم. وهذا الوضع في حد ذاته مضر لأبنائنا جسمياً ونفسياً. فمن الملاحظ عليهم في هذه الفترات الشعور بالملل والتعب وصعوبة التأقلم مع متطلبات الحياة، فالليل يعني الاستيقاظ الكامل والنشاط، والنهار يعني النوم والتعب والشعور الدائم بالإجهاد والوهن. وهذا ضد الطبيعة البشرية التي فطرنا الله عليها، فالنهار يعني العمل والسعي، والليل يعني النوم والهدوء والاسترخاء، بعكس ما يقوم به أبناؤنا مما يشعرهم بالتعب والمرض ويصبحون بلا فائدة لأنهم وببساطة غيروا ما فطروا عليه فتعبوا وأرهقوا.
إن هناك أمورًا بسيطة نستطيع بها مساعدة أبنائنا لتيسير حياتهم وجعلها بنّاءة إيجابية بدلاً من تدميرهم صحياً ونفسياً واجتماعياً.
فالاعتدال في النوم هو المطلب الأساس في هذا الوضع، فلا يجوز أن نسمح لأبنائنا بالتمادي في هذا ولتكن هناك ساعة محددة للاستيقاظ وأخرى للنوم لا يجوز تجاوزها ولا التهاون بها.
إن هناك أمورًا بسيطة نستطيع بها مساعدة أبنائنا لتيسير حياتهم وجعلها بنّاءة إيجابية بدلاً من تدميرهم صحياً ونفسياً واجتماعياً
في معظم بلدان العالم، هناك الكثير من الأنشطة المنتشرة هنا وهناك في فترات الإجازات والعطل الصيفية. فمثلاً في بلادنا العربية هناك الكثير من البرامج الصيفية والتي نستطيع مساعدة أبنائنا بها كتسجيلهم في مختلف البرامج والأنشطة المناسبة لتطوير هواياتهم ومواهبهم ومهاراتهم الحياتية. نستطيع كذلك مساعدتهم في الالتحاق في دورات تعليمية كتعلم لغة جديدة أو دروس تقوية لأي مادة نرى أن لهم فيها حاجة للتقوية. علاوة على ذلك، نستطيع تسجيلهم في أنشطة حفظ القرآن الكريم وتجويده أو في أحد النوادي التي تشتمل على مختلف أنواع النشاطات مثل الرسم أو قراءة الكتب والقصص والكتابة وغيرها وكذلك النشاطات الرياضية والبدنية والتي تشتمل على العديد من الرياضات المفيدة المختلفة كالسباحة وكرة القدم وكرة السلة.....الخ.
من ذلك، أرى أن للأهل دوراً كبيراً في تنظيم أوقات أبنائهم في العطلة الصيفية ومساعدتهم على جعلها فترة ممتعة ومريحة ومفيدة بدلاً من جعلها فترة خمول ونوم؛ فنشر الوعي بين الآبآء بضرورة استغلال العطل الصيفية بالطرق الصحيحة هو أمر حتمي لا بد منه.
لذا فإني أرى أن تشجيع الأبوين لأبنائهم وبناتهم على القيام بكل ما هو مفيد لهم هو من أهم الأدوار التي يقوم بها الأهل في مثل هذا الوقت من السنة، فمثلاً يستطيع الأبوان المساعدة بتنظيم زيارات للأهل والأقارب وصلة الرحم بصحبة أولادهم ففي هذا الأمر الخير الكثير، فزيادة على تقوية أواصر المحبة بين الناس، فيها تعليم درس عملي للأبناء محوره أن صلة الرحم واجبة وزيارة الأهل والأقارب هي من الأمور الهامة التي لا غنى عنها في أيامنا الحالية. فمن الملاحظ أن عاداتنا أصبحت تتلاشى شيئاً فشيئاً وخاصة في خضم انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتي اعتادها أبناؤنا منذ نعومة أظفارهم فلا نريد لهم أن يعتقدوا أن وسائل التواصل الاجتماعي تغني عن الزيارة الحقيقية للأهل والأقارب.
إن تشجيع الأبوين لأبنائهم وبناتهم على القيام بكل ما هو مفيد لهم هو من أهم الأدوار التي يقوم بها الأهل في مثل هذا الوقت من السنة
ليستغل الأهل فترة العطلة لتعليم أبنائهم أهمية التعاون بين أفراد الأسرة فيعطى كل فرد عملاً معيناً مهما كان بسيطاً المهم أن يشعر الفرد بأنه مسؤول عن واجب معين تجاه أفراد أسرته لتنمية روح المساعدة والدعم بين أفرادها.
كذلك يستطيع الأهل اصطحاب أبنائهم إلى أماكن مختلفة في بلدهم لتعريفهم بها أو بغرض الترفيه كما يستطيع من لديه القدرة على السفر أن يصطحب أبناءه وبناته الى بلدان أخرى للترفيه وللتغيير مع الأخذ بعين الاعتبار التقيد بتعاليم ديننا الحنيف والمحافظة على عاداتنا وتقاليدنا العريقة.
تستطيع العائلة كذلك تنظيم حملات تطوعية تشمل كل أفراد الأسرة متل زيارة دور العجزة وتقديم العون والمساعدة لهم وقضاء بعض الوقت معهم لتسليتهم والترفيه عنهم أو أي عمل تطوعي آخر.
الحقيقة أنه من الممكن أن تكون العطلة الصيفية مثمرة جداً ومفيدة للجميع وليس فقط لشريحة الطلاب فمهما كان عمر الإنسان أو موقعه فهو يستطيع أن يستثمر العطلة الصيفية في تعلم شيء جديد سواء أكان مهارة من المهارات أو علماً جديداً أو أي أمر آخر، المهم هو إضافة جديدة إلى معارف ومعلومات الإنسان.
مهما كان عمر الإنسان أو موقعه فهو يستطيع أن يستثمر العطلة الصيفية في تعلم شيء جديد سواء أكان مهارة من المهارات أو علماً جديداً أو أي أمر آخر، المهم هو إضافة جديدة إلى معارف ومعلومات الإنسان
مخاطر جسيمة
هناك أخطار كبيرة تترتب على عدم استغلال العطلة الصيفية بالشكل الصحيح، من أهمها:
- ضياع الوقت وهدره في المكوث أمام شاشات التلفاز، حيث يتنقل الشباب ما بين القنوات الفضائية المختلفة أو حتى حضور الأفلام واحداً تلو الاخر مستهلكين لوقتهم دون أدنى فائدة. أو يضيعون أثمن الأوقات ينتقلون بين مختلف المواقع الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي دون تحقيق أي هدف نافع لهم أو لمن حولهم.
- الجلوس في الطرقات والتسكع والتعرف على رفقاء السوء أحياناً فالفراغ للشباب هي مفسدة كبيرة.
- علاوة على ذلك، فإن أكثر الشباب والطلاب يقضون يومهم نوماً وكسلاً دون تحقيق أي أمر نافع.
وأخيراً فإني أهيب بجميع الأهالي للانتباه لهذا الأمر الهام ومساعدة أبنائهم في رسم خطة محكمة لاستغلال وقت العطلة الصيفية في أمور نافعة فالإنسان مسؤول عن وقته أمام الله. وليضعوا هدفاً أو عدة أهداف معقولة ومن الممكن تحقيقها خلال فترة العطلة حتى تكون العطل نافعة ومفيدة بإذن الله.
ودمتم سالمين.