هل يمكن النظر للهجمات الصهيونية المتفرقة على غزة على أنها وسيلة تجس بها نبض المقاومة وتُظهر الجيش الصهيوني أمام جماهيره، أنه جيش لا زال يتمتع بالقوة؟
أم أنها أداة تقيس بها ردود فعل العالم؟
أم أنها تغطية على جرائمها بحق المتظاهرين السلميين؟
أم هي محاولة لتشتيت جهود مسيرة العودة و إرهاب المتظاهرين؟
أم أنها غاية يريد من خلالها الاحتلال تدمير البنى التحتية للمقاومة "بنظام القزقزة" دون الدخول في مواجهة شاملة ومباشرة مع المقاومة، وإبقاء المقاومة في حالة طوارئ تستنزفها نفسياً ومادياً؟
المُلاحِظ لطبيعة الاعتداءات الصهيونية على غزة خلال الفترة الأخيرة يلحظ أنها تسير وفق ما يمكن تسميته نظام "القزقزة" الذي هو عبارة عن ضرباتٍ متفرقةٍ وعلى أهدافٍ معينة، دون أن تجد من يوفقها، وإن سيرها على هذا النهج ليس اعتباطياً بل هو نهجٌ تراه دولة الاحتلال مناسباً لها وأفضل من نظام الوجبة الدسمة، على اعتبار أن نظام الوجبة الدسمة من قبيل اغتيال شخصيات في المقاومة سواء شخصيات ذات بعد عسكري أو سياسي، قد يسير بالأمور إلى حيث لا يرغب قادة الاحتلال، بينما نظام "القزقزة" لا يضر بأمن الاحتلال ولا بسمعته داخلياً أو خارجيا، ويعطي انطباعاً بأن المقاومة باتت تتلقى الضربات دون أن تكون قادرة على الرد، بحجة أنها لا تريد جر المنطقة إلى حرب، وأن ظروف غزة المعيشية الصعبة قد أفلحت في كبح جماح بندقية المقاومة، وأن غزة الآن يشغلها رغيف الخبز على أي شيء.
لكن تفاجأت دولة الاحتلال بأن صمت المقاومة لم يكن ضعفاً، بل إن المقاومة قد تعاملت بحكمة، فبعد أن اتضح لها أن العدو قد فهم صمتها خطأ، قامت بدورها المشرف وقصفت المغتصبات الصهيونية في غلاف غزة بشكل أذهل الاحتلال وجعل جهات عسكرية وأمنية وإعلامية تعلق على نجاح حكمة المقاومة، وتنتقد أداء الجيش الصهيوني بأنه فشل حتى في معرفة مكان إطلاق الصواريخ أو قتل من أطلقها رغم أن الطائرات الصهيونية لم تفارق سماء غزة، وهذا ما كتبه "يوسي يهوشع" الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت" وأضاف أن " نتنياهو وليبرمان أيضا أثبتوا فشلهم في هذه المهمة".
في عملية " الوفاء للشهداء" التي جاءت من حيث لم تحتسب توقعات أجهزة الاحتلال المتنوعة، تضافرت جهود المقاومة العسكرية الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام وسرايا القدس حيث ظهر التأكيد على أن (القصف بالقصف والدم بالدم ولن نسمح للعدو بفرض معادلاتٍ جديدة) وهذا تأكيد منها على أنها لا تسعى لحرب، ليس من باب الخوف من العدو وصواريخه، من باب (لاتتمنوا لقاء الْعَدُوّ) ثم إن المقاومة تدرك أن الظروف الحالية سواء كانت داخلية أو إقليمية أو عربية ليست عاملاً مساعداً لمبادرة عسكرية فلسطينية ضد الاحتلال، فغزة منهكة بفعل الحصار الصهيوني العربي، والتشرذم العربي يتسع والرغبة في التطبيع مع الاحتلال تجري بشكل سري وسريع.