أنا آسف، أعتذر منك، أرجو أن تسامحني!
الاعتذار: ثقافة وفن عالمي، تدل على رقي التعامل وتظهر بوضوح في المجتمع الذي يدرك فضيلة الاعتذار والشعور بالمسؤولية، ويعتبر الاعتذار من شيم الكبار، ودالٌ على قوة الشخصية والحكمة، والحرص على عدم الاضرار بمشاعر الآخرين. ولا تكاد تلمحه في المجتمعات التي تعلو فيها مشاعر الإحباط ومشاعر اللامبالاة، وتكثر فيها الأخطاء المقصودة وغير المقصودة، فينظر للاعتذار بعدم الأهمية، مما يؤدي إلى الاضرار مشاعر الآخرين.
يقول الله تعالى في محكم آياته على لسان سيدنا موسى {قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم} {القصص آية 16].
ولا يوجد معصوم من الخطأ مهما اجتهد، فنحن لسنا ملائكة، وكما قال عليه الصلاة والسلام: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".
أهمية الاعتذار:
عندما يعتذر الأخ من أخيه، والزوج من زوجته والعكس، والآباء من الأبناء، والغني من الفقير والرئيس من المرؤوس عن الخطأ فإن ذلك يضفي جوا من الاحترام والمحبة والعلاقة الإيجابية وإيذانا بالبدء من جديد وسببا في زيادة التواصل وتجديد الثقة بالآخر
فهل نجيد الاعتذار؟ وكيف نعتذر؟
لا بد عند تقديم الاعتذار أن يكون حقيقيا وصادقا ليصل إلى الطرف الآخر فيقبله وتجنى ثماره..
لابد من اختيار طريقة تناسب الشخص الذي أخطأت بحقه، وابدأ بجملة إيجابية لمن أخطأت بحقه "أنك عزيز" ثم اذكر عبارة الأسف عن الخطأ الذي وقع، ثم اختم بعبارة إيجابية كحرصك على دوام صداقته.
اختر وقتا مناسبا لمن أخطأت في حقه فلا يكن في حالة انزعاج أو توتر أو في أوقات الراحة.
لا تبرر الخطأ الذي قمت به بل اكتف بعبارة الاعتذار، أو تحمل سلوكه وزر خطئك.
لا تعتذر إليه في ملأ إلا إذا أخطأت معه على ذلك.
اختر كلماتك بعناية ودقة على أن تكون مختصرة ولابد من توافق لغة الجسد ونبرة الصوت للموقف.
أتبع ذلك بتصويب الخطأ وتعديله. وما أجمل أن يعقب بهدية أو إرسال عبارة لطيفة أو عمل مشترك.
تأكد أنه سامحك وغفر لك.
إياك أن تعتذر .....
لا تعتذر عن القيم التي تؤمن بها وعن عقيدتك وفكرك، ومبادئك التي تؤمن بها أو عن طموحك الذي تسعى إليه، ولا عن حقك المسلوب بل جاهد وابذل ما تستطيع من أجل ذلك كله.
متى تفقد كلمة آسف "معناها“...
إذا لم توقف الخطأ وتصححه بإعادة الحق لأهله. أو تسبب في مزيد من الخسائر المعنوية والمادية.
إذا أفرط صاحبها في تكرار الخطأ وكثرت اعتذاراته.
وختاما: .... فلنبادر بتقديم الاعتذار بحق من أخطأنا، ولنكسر عنق العناد والمكابرة، ولننشر ثقافة الاعتذار فيمن حولنا ولنتزين بخلق المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته الغر الميامين في العودة عن الخطأ وطلب الصفح والغفران، لتتشكل لبنات الإيجابية في بناء مجتمعنا وأمتنا.