أهمية العمل في حياة صاحب الرسالة

الرئيسية » خواطر تربوية » أهمية العمل في حياة صاحب الرسالة
muslims69

تحدثنا في مقال سابق، عن خطورة داء القعود والركون للراحة، بدعوى أن ما يجري داخل الحركة الإسلامية هو فتنة، وبيّنّا أن هذا المصطلح يطلق تارة لعدم التلاوم الداخلي، وتارة هرباً من الواقع، وفي الحالتين ترجمة لحالة انهزام نفسي لا يليق البتة بصاحب الرسالة.

واليوم نتحدث عن أهمية العمل الإسلامي برغم المحن، ووساوس الشيطان، والمكر المركب للظلم وأهله، وميل النفس بفطرتها البشرية للراحة.

إن العمل من أجل راية الحق والعدل والحرية هو ضرورة شرعية، وفريضة اجتماعية لا مجال للجدال فيها، أو محاولة تبرير القعود بأمور قد يقبلها المنطق والعقل أحياناً، لكنها إجمالاً لا تليق بصاحب الرسالة الساعي لتعبيد الناس لرب العالمين، وتحرير العالم العربي والإسلامي من أي مستعمر أجنبي، سواء كان استعماراً فكرياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً.

لقد أثبتت محنة الحركة الإسلامية عبر سنوات أن الطريق كان واضحاً منذ البداية، بأنه جهاد نصر أو استشهاد، فالعمل للدين شرف عظيم، والشهادة أعظم وأشرف، لكن المؤلم أننا كنا ندعو أن يرزقنا الشهادة على أعتاب الأقصى ونحن نحارب الصهاينة، ولم يكن في المخيلة أن نستشهد أوطاننا على أيدي المستبدين وأعوانهم.

لقد أثبتت محنة الحركة الإسلامية عبر سنوات أن الطريق كان واضحاً منذ البداية، بأنه جهاد نصر أو استشهاد، فالعمل للدين شرف عظيم، والشهادة أعظم وأشرف

لذلك وأمام ما يتم لأبناء الحركة الإسلامية، فإنه معيب جداً أن ينشط البعض في الركون والكسل بحثاً عن الأمان المكذوب، وفي نفس الوقت، أُأكد أنه من حق العاملين في الحركات والكيانات الإسلامية أن يجدوا مساراً ناجحاً، ورؤية واقعية، وقادة متجردين في زمنٍ عزَّ فيه التجرّد إلا من رحم ربي، ولا ضير أو عيب دعوي أو تربوي في أن يطلب صاحب الرسالة من قادته عملاً وجهداً واستيعاباً لبناء البناء الضخم بلا تخوين، أو مزايدات، أو تقليل من الطاقات والملكات.

إن أول خطوات العمل المثمر هو الاعتراف بأخطاء الماضي، والبناء عليه كواقع جديد لمستقبل يسهل فيه التلاقي والتوحُّد، وإزالة الخلافات، في جو من الاستظلال بشجرة الإخاء الصادق.

إن استنفار الطاقات والعصف الذهني؛ لتقديم كل ما يضيف تطويراً وتقدماً للحركة الإسلامية من فرائض اليوم، وواجب الوقت، ولا عذر لكل من يملك موهبة، أو طاقة دون السعي في إبرازها، فإيجابية ومبادرة صاحب الرسالة اليوم أمر في غاية الأهمية على كل المستويات التربوية، والفكرية، والحركية، ولا عذر لقاعد أو متباطئ.

إن الفرد في الحركة الإسلامية هو ذلك المورّد البشري العظيم، الصادق المتجرد لدعوته، العاشق لفكرته، لذلك فالعمل اليوم عليه، والتعويل مهم في أن يطوّر من نفسه، وإمكانياته، فلم يعد مقبولاً أن يظلّ المرء في كوكب بعيد عن التقنيات الحديثة، وأهمية الأخذ بها، كذلك أصبح من السذاجة عدم الأخذ بوسائل الوعي الأمني، وحماية الذات من الوقوع في الزلل بشتى أنواعه.

أصبح من السذاجة عدم الأخذ بوسائل الوعي الأمني، وحماية الذات من الوقوع في الزلل بشتى أنواعه

نعم إننا في ابتلاء شديد، لكن الخطر والخوف أن يظل صاحب الرسالة بلا عمل، وبلا همة، ويكتفي بالروتين دون تقديم أفكار ورؤى، وإن كان الأمر جلل، ويرى أنه لا سامع اليوم، أو الكل في دوامة، فإنه مطالب بإبراء الذمة أمام ربه أولاً، ثم أمام نفسه التي بين جنبيه، دون الاستماع لكل من يحبط أو يقلل من العزم والجهد، فلربما فكرة صغيرة من قلب متجرد، وفي لحظة غيرة على الدعوة تكون سبباً في تغيير الواقع أو تحسينه، المهم لا يستقل المرء بذاته، ولا ينظر للظالمين بأنهم خوارق نزلوا من السماء، فوالله ما تجبّروا إلا بتكاسل البعض-أو إن شئت فقل انبطاحه- وعدم وضع الأمور في نصابها، لكن هذا زمان قد ولّى، وما مضى لن يعود، نحن أبناء اليوم.

أبناء الحركة الإسلامية المحبّون لفكرتهم، المدركون أنه لا سبيل للخلاص إلا بالإخلاص والعمل والأخذ بالأسباب، والنصح وصدق التجرد لله ورسوله، فالتاريخ لن يخلّد إلا أصحاب الرسالة النقية الذين بذلوا في سبيل رقيها وتطويرها جهداً، وجهاداً، ويقيناً سينسى من تكاسلوا أو انبطحوا مهما كانوا، فلا مجاملات، أو صكوك خلود وبقاء...

فهل وصلت الرسالة يا صاحب الرسالة؟؟!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …