اثنتا عشرة لفتة ذكية للتفوق في مسيرتك المهنية (1-2)

الرئيسية » بصائر تربوية » اثنتا عشرة لفتة ذكية للتفوق في مسيرتك المهنية (1-2)
success25

بغض النظر عن الوقت الذي تنوي أن تمضيه في وظيفة ما، يمكن لهذه المفاتيح الاثني عشر أن تحدث فارقاً في خبرتك العملية، وأثرك الاجتماعي فيها، في الجزء الأول من المقال نعرض ست لفتات، ثم نستكمل الستة التالية في جزء ثانٍ:

1. كن حالمًا عاملًا:

ركّز على الحاضر فِكرًا وجهدًا، فلا تستغرق في أحلام اليقظة والخطط المستقبلية، بحيث تنسى الحاضر، أو لا تتقن العمل فيه كما ينبغي، إذا صرفت اهتمامك لليوم، تكون قد بنيت درجًا للغد تصعد عليه، كن جادّاً في مهامك الحاضرة، فالجدّ يعفيك من الأخطاء التافهة، والسهوات العابرة، والتركيز على الحاضر يسمح لك بالاستمتاع به بدل أن تصرف طاقته في القلق بشأن الغد.

فإذا استقام لك ذلك، كــــن حـــالمـــاً إلى أقصى درجة: احلم بالترقية، والتفوق، والاستقلال المادي، والمشروعات المستقبلية...إلخ. ثق بأحلامك، واجعلها باعثك على أن تمضي قُدُماً بهمة وعزيمة، واحلم بالأفضل، لا لتعوّض به نفسك عن حاضر تراه تعيسًا، بل لتحول تلك الأحلام إلى واقع معاش،(90%) من واقعك هو صنعة يديك وفكرك وقناعاتك.

ولتتحول الأحلام إلى واقع لا بد من خطة تنفيذية، فالخطة هي أولى درجات الإنجاز، ضع قائمة بكل ما تود تعلمه وتنميته في مجالك الجديد: التعرّف على نظام العمل وقاعدة البيانات، اكتساب مهارات التواصل الاجتماعي، القراءة في كتب النجاح المهني، تحديد نسبة ادخار مالي لمشروعات مستقبلية:(سيارة، عُمْرة، مشروع خاص...)... إلخ، ثم ضع جدولًا زمنيًا لإنجاز كل بند في قائمتك أسبوعيًا، أو شهريًا، أو كيفما يتراءى لك، هذه المرحلة الجديدة تتطلب إعادة تشكيل نفسك؛ لتتكيف مع متطلباتها، وتجاوزها إلى التفوق، وذلك يعني اكتشاف مهارات تنقصك أو أخرى تحتاج صقلًا، لذا كن جاهزًا بخطة فعالة.

2. كن سؤولاً:

احرص على السؤال عما لا تعرف، بل السؤال عما يبدو "مبكرًا" من أساليب الترقي والتفوق؛ لتكون محدّد الوجهة والهدف من البداية، تخيّر من الزملاء القدامى من تراهم ذوي كفاءة وأهلاً تفوق، وليس أصحاب "عمل والسلام"، فكيفما يكن من تسترشد بهم تكن أنت، وينعكس ذلك على أدائك وهمتك، وليكن أسلوبك في طلب النصح ودودًا مهذبًا، بغير تملّق ولا ترفع، فابدأ بالثناء الصادق على ما رأيت منهم من اجتهاد، وما لمست فيهم من سعة خبرة ترجو الإفادة منها، ولا تتهيب أن تستوضح إذا لم تفهم، وإن كنت وسط جماعة، وإن بدا أن الآخرين سيضحكون من سذاجتك أو [...]، فالحقيقة هي أنه في (90%) من المواقف سيظهر أن الكل كان يرغب في الاستيضاح، لكن الجميع خشي من ردة فعل الجميع!

احرص على السؤال عما لا تعرف، بل السؤال عما يبدو "مبكرًا" من أساليب الترقي والتفوق؛ لتكون محدّد الوجهة والهدف من البداية

3. تواصل اجتماعياً:

ليس بالضرورة أن تصبح نجمًا اجتماعيًا في مجال العمل، لكن من الضروري أن تكون مقبولًا اجتماعيًا، لا تغير نفسك لتكون على ما يريد الآخرون؛ لأنك لن تسعد أيّاً من الطرفين. وفي الوقت نفسه، فالتغيير من طباعك لتكون أكثر اجتماعية لا يعني أنك غير صادق مع نفسك، أو أنك تنافق الآخرين. فالحق أننا دومًــا في تغير مستمر، شئنا أم أبينا ، وطباعك الآن كثير منها لم يكن موجـودًا، وغيرها اختفى، وثالثة تغيرت، الفارق أنك ستفعل ذلك الآن بوعي وعن قصد، وتغيير نفسك لا يعني أن تظهر ما لست عليه إرضاءً للآخرين، بل أن تكون ما لم تكن من قبل تطويرًا لذاتك وارتقاء بأخلاقك.

ومن ثم غيّر من نفسك ما ترى أنه يعوق التواصل السليم مع بقية الأفراد، كالحساسية الزائدة، والانفعال الجارف، والاستفزاز السريع، وكأساسيات للتواصل المقبول: التهذيب والأدب في التعامل وتخير الألفاظ مع الجميع؛ لأن هذا عنوان شخصيتك أنت، واعتدال الطبع بالتحكم في الانفعالات، والابتسامة بديلًا عن العبوس، والابتعاد عن الشخصنة في الأفكار، والنقد والذاتية في العلاقات، فتأخذ كل مزحة على محمل جاد، وكل تعليق على أنه إهانة شخصية، وكل نقد على محمل جارح، بل استمع بهدوء، ثم قيم التعليق أو المزحة، فإن كان لا يضير تجاوُزُها، تجاوَزْها، ولا تحوِّل كل نقاش إلى معركة، وإن شئت انفرد بصاحب التعليق أو المزحة، فبيّن له استياءك بهدوء، واطلب إليه عدم تكراره.

ويعينك على اكتساب مهارات التعامل الاجتماعي أن تتفكر في نهاية اليوم في كل موقف ساءك، أو أغضبك، أو شعرت أنك لم تحسن الاستجابة له، وبغض النظر عمن المخطئ، تفكر دائماً في فعلك، أو ردة فعلك أنت، واسأل نفسك: هل كان بالإمكان أن أتصرف أفضل مما فعلت؟ تأكّد أنه كلما كانت الإجابة بالإيجاب فهذا يعني أنك على درجة كافية من النضج، لتتعلم وتطور شخصيتك، أما الدفاع المستميت والمستمر عن الذات، فلن يفيدك؛ لأنك لست في مَحكمة، لكنك ستخسر فرصة للنضج العاطفي والانفعالي، وِثق أنه في كل موقف تكون طرفًا فيه، هذا يعني أنه لا بدّ أن تكون طرفاً فعّالًا إيجابيًا، لا سلبيًا ولا انفعاليًا.

ومما يعينك عمليًا كذلك، أن تعلّق على الحائط المواجه لمكتبك آية قرآنية، أو حديثًا نبويًا، أو عبارة حكيمة عن الصفة التي تودُّ تغييرها أو اكتسابها، واجعلها عادة واعية أن تقرأها يوميًا قبل الخروج، وعند الجلوس إلى مكتبك، وقبل النوم، ففي كثير من الأحيان، عند تكرار الرغبة في التغيير والتفكير فيها، تبدأ في الانتباه إلى التصرف الذي تريد التخلص منه وقت حدوثه، فتبدأ بخلق الوعي في نفسك بوجوده، فيتحول من مستوى أو العادة أو الطبيعة اللاواعين إلى مستوى الوعي، وهكذا تدريجيًا، تتمكن من كبح زمام انفعالاتك، والتحكم في عواطفك، وتوجيه ردود أفعالك بحكمة، وكلما طبّقت آية، أو حديثاً، أو مقولة، انتقل لما يليها، وليكن ذلك على مدار أسبوعي، أو شهري، كيفما يتراءى لك، لكن لا تغفل عامل التحديد الزمني كما اتفقنا.

4. احرص على اكتساب الانضباط الذاتي:

وهو أن تفعل ما ينبغي فعله، سواء كنت راغبًا في ذلك أم لا، فتأخير ما عليك من واجبات لن يجعلها تختفي، بل على العكس، سيحولها إلى هَمّ مُقيم، فالعبارة السحرية التي تتردد على أسماعنا منذ ولدنا، هي في محلها تمامًا: "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد"؛ لأنها تعني على المدى البعيد: "لا تخلق لنفسك صداعًا أنت في غنى عنه"، وفي كثير من المهام المؤجلة، يكون الحل الأمثل أن تبدأ على الفور بأي كيفية، فلو كان عليك كتابة تقرير من عدة صفحات، ابدأ فوراً، ولو بقراءة تقارير سابقة، ومجرد كتابة كلمات مفتاحية، وأفكار رئيسية لما ستكتبه في تقريرك أنت.

تأخير ما عليك من واجبات لن يجعلها تختفي، بل على العكس، سيحولها إلى هَمّ مُقيم

وتظهر أهمية الانضباط الذاتي في المهمات التي توجدها أنت لنفسك، كالمذكورة سابقاً في خطتك للتطوير الذاتي، والتي بها تبني درجات تفوقك، وتزرع ما تستمع بثماره وقت الحصاد. صحيح أن هنالك قدراً أكبر من المرونة طالما أنك رئيس نفسك هنا، لكن ثمة شعرة دقيقة تفصل بين المرونة من جهة، والتسويف والتكاسل من جهة أخرى، والمحك هنا هو مدى رغبتك الشخصية في التفوق وتطوير مهاراتك، وجديتك في استثمار فرصة العمل والعمر المنقضي فيها، والانضباط لا يعني حرمان نفسك من أسباب المتعة والترفيه، بل يعني كما قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : "أعط كل ذي حق حقه". تمتع وقت المتعة، لكن إذا جَدَّ الجِد فقد جَد!

5. كن مبادرًا:

وظّف طاقاتك بنفسك حيثما وجدت لها محلًا ، فكر في أدوات مساعدة ومنتجات مبتكرة، وبادر أنت بالطرح والعرض، ولا تنتظر الطلب، اعرض مواهبك وأعلن عنها، واجعل من نفسك عضوًا نافعًا لا غنى عنه، وهذه درجة لا يصلها من همّه أن ينجز العمل -بالكاد- على قدر المطلوب، ولا ينفي كونك جديدًا أن تكون لك أفكار إبداعية، وطاقات خلّاقة، بل إن العضو الجديد يأتي دائمًا محمّلًا بالحماسة والشغف اللذين افتقدهما أغلب القدامى، مما يعني فرصة ذهبية لو أحسنتَ استثمارها، لا تتهيب عرض أفكارك ومشاركة اقتراحاتك، حتى إن جانبت الصواب، ستكون قد تعلمت شيئاً جديدًا، وقاربت الصواب في المرات التالية .

6. كن متعاونًا لا معتمِدًا، ومستقلًا لا مستفردًا:

كن منفتحًا للعمل في فريق، لكن كن كذلك مستقلًا بذاتك، فالعمل في فريق معناه الاستماع للآراء، والأخذ بالشورى، وتقسيم الأعباء، لكن في نهاية المطاف يظلّ لك جزؤك الخاص أنت عنه مسؤول، وعليه بصمتك الشخصية.

لا تنتظر من أحد ما أن يهُبَّ لرفع الأداء العام، بل بادر أنت بالإنجاز حيثما أتيح لك ذلك، ولا تتوقع أن يسارع الآخرون لنجدتك من تلقاء أنفسهم، بل اطلب العون وقتما تبين لك جليّاً أن الحمل أثقل من أن تحمله وحدك

ولا يمنع وجود الفريق من تعيين الأفراد المقصّرين، فلا تعتمد على الإنجاز الجماعي ليرفع من الجودة الكلية إن لم تراعِ أنت جودة الجزء الموكَل إليك، كذلك لا تنتظر من أحد ما أن يهُبَّ لرفع الأداء العام، بل بادر أنت بالإنجاز حيثما أتيح لك ذلك، ولا تتوقع أن يسارع الآخرون لنجدتك من تلقاء أنفسهم، بل اطلب العون وقتما تبين لك جليّاً أن الحمل أثقل من أن تحمله وحدك، لا تتردد ولا تكابر، فالحمل الذي تتوزعه الأكتاف يهون على الرقاب، وعمل الفريق يعني النجاح الجماعي قبل المجد الفردي؛ لأنك إن أخفقت وقتها فكل ما ستقوله عن ثقل الحمل سيعد حججًا وأعذارًا انتهت صلاحيتها، وبقدر ما تسعد بالثناء ونسبة النجاح إليه، استعد للإقرار بالتقصير، أو الاعتراف بالخطأ، فمجرد الرمي باللوم على آخر إن كنت تستحق جزءًا منه لا ينفي استحقاقك له، وفي كل مرة تشير بإصبع الاتهام تجاه شخص، تذكّر أن ثلاثة تشير إليك في المقابل !

الجمع بين خَصلتي التعاون والاستقلال الذاتي يحتاج مِرانًا لتميّز متى تحتاج أيهما، الكلمة المفتاح هي أن تكون مبادرًا : في العطاء والنجدة، وفي طلب العون والتنبيه على الخلل.

للاطلاع على الجزء الثاني.. اضغط هنا

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومحاضِرة في الأدب والفكر وعُمران الذات. محرّرة لغوية ومترجِمة. مصممة مناهج تعليمية، ومقدّمة دورات تربوية، وورش تدريب للمهارات اللغوية. حاصلة على ليسانس ألسن بامتياز، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …