التشخيص صحيح ولكن ماذا عن العلاج؟

الرئيسية » حصاد الفكر » التشخيص صحيح ولكن ماذا عن العلاج؟
980764_Turkey-Military-Coup.JPE45

عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء مؤتمرا صحفيا في مطار أسنبوغا بالعاصمة أنقرة قبيل مغادرته إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في قمة "بريكس"، وعلَّق فيه على التعيينات الأخيرة، ولفت إلى أن المسؤولين المعيَّنين قد يتم فصلهم من أعمالهم في أي لحظة، مشيرا إلى أن النجاح هو المعيار في الاحتفاظ بالمنصب.

أردوغان حصل في الانتخابات الرئاسية الأخيرة على 52.59 بالمائة من أصوات الناخبين، فيما حصل حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية على 42.56 بالمائة من الأصوات. وهذا الفرق الكبير بين النسبتين قد يرى بعض المحللين أنه يعود إلى تصويت أنصار حزب الحركة القومية لأردوغان في الانتخابات الرئاسية، إلا أن الفرق بين نسبة 42.56 بالمائة ونسبة 49.50 بالمائة التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في انتخابات 1 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 يؤكد بما لا يدع للشك مجالا أن هناك تراجعا ملحوظا في شعبية الحزب.

ومما لا شك فيه أن نتائج الانتخابات البرلمانية تحمل في طياتها رسائل تحذير إلى قيادة حزب العدالة والتنمية. وتؤكد تصريحات أردوغان أنه تلقى تلك الرسائل، حيث قال في أول اجتماعه مع رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية بعد الانتخابات، إن بعض الانتقادات التي احتوتها التقارير المرسلة إليه هامة للغاية.

أردوغان في ذاك الاجتماع لفت إلى ضرورة تحلي أعضاء حزب العدالة والتنمية بصفة التواضع، مشددا على أن فقدان هذه الصفة هو الذي يؤدي إلى تراجع شعبية الحزب. وأشار إلى أن تقديم خدمات لا يكفي وحده، ودعا إلى كسب قلوب المواطنين، قائلا إن المواطنين قد يصوتون للحزب مرة أو مرتين، ثم يتخلون عنه.

التشخيص الذي ورد في تصريحات أردوغان في محله، إلا أنه نصف الحل، لأن المشكلة بحاجة إلى العلاج المناسب بعد التشخيص الصحيح. وهنا يبدأ التحدي. لأن العلاج يتطلب خطوات حازمة وعمليات جراحية وربما الكيَّ كآخر الدواء، إلا أن ذلك قد لا يعجب بعض قادة حزب العدالة والتنمية وأعضائه.

هناك نسبة من الناخبين صوتوا في الانتخابات الرئاسية لأردوغان، على الرغم من وجود تحفظات لديهم على أداء الحكومة وبعض رؤساء البلديات المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية. لأنهم رأوا أن التصويت لأردوغان سيكون لصالح أمن البلاد واستقرارها، في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة. كما أن بعض هؤلاء لم يكونوا يرغبون في التصويت لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية، إلا أنهم غيروا آراءهم في اللحظة الأخيرة وصوتوا له على مضض لأسباب مشابهة.

الأحزاب السياسية الحاكمة تتآكل شعبيتها على مر السنين. هذا أمر طبيعي في الأنظمة الديمقراطية، إلا أن حزب العدالة والتنمية نجح في الحفاظ على شعبيته منذ تأسيسه في 2001. وساعدته في ذلك عوامل عديدة، مثل النجاحات الاقتصادية والمشاريع التنموية العملاقة التي تم إنجازها خلال هذه السنوات، بالإضافة إلى عدم وجود بديل يمكن أن يثق فيه الناخبون.

وعلى الرغم من احتفاظ حزب العدالة والتنمية بالمركز الأول في الانتخابات البرلمانية، هناك اعتقاد بدأ ينتشر في الآونة الأخيرة بين مؤيدي حزب العدالة والتنمية بأن بعض المسؤولين والسياسيين المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية انقطعت صلتهم بهموم الشارع، وأصبحوا "مدلَّعين" يتعالون على المواطنين، بسبب بقاء الحزب في الحكم لسنوات طويلة. وأصحاب هذا الاعتقاد يرون أنه من الضروري تلقين حزب العدالة والتنمية درسا عبر صناديق الاقتراع حتى يعود إلى رشده.

تركيا خرجت قبل حوالي شهر من أجواء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ولكنها مقبلة على الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 31 مارس / آذار 2019. وعلى حزب العدالة والتنمية أن يعالج الأسباب التي أدَّت إلى تراجع شعبيته خلال ثمانية أشهر كي لا يتفاجأ بهزيمة غير متوقعة في الانتخابات المحلية.

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • عربي 21
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

قراءة سياسية في عبادة الصيام

عندما نضع الصيام في سياق العبادة في الإسلام نجد أن العبادة وسيلة تحقق غايات عليا …