تعاني مجتمعاتنا الكثير من المشكلات، والتي يستغلها البعض ليصيد في المياه العكرة، فيثير الشبهات، ويزرع الشكوك -لا سيما في عقول الأجيال الدارجة نحو المستقبل- حول قضايا جوهرية في ديننا، ومنظومة قيمنا وأخلاقنا، والهدف من ذلك واحد -وإن تعددت الوجهات أو اختلفت المسميات- وهو المساس بإسلامنا شريعة ومنهاجاً، يبذلون جلّ جهدهم لتصيّد العثرات في مجال التطبيق، حتى ما كان منها على المستوى الفردي؛ ليقولوا بأن الإسلام دين التخلف والرجعية، ولا يصلح لتقدم المجتمعات في وقتنا الراهن.
ومن أهم القضايا التي يركّز عليها المشككون لنفث عقدهم النفسية، وسمومهم الفكرية هي (قضية المرأة)، والتي تتصدر بشكل ملحوظ قضايا وأولويات مؤسسات حقوق الإنسان، أو تحت أي مسمى آخر، وإذ أتناول هذا الكتاب في هذا الوقت تحديداً، ليس لأثبت الجانب المشرق من قضية المرأة متجاهلة أن هناك حقيقة خلل وثغرة استطاع أن يتسلل منها المتسللون ويعيثون في بلادنا فساداً، مستندين على تصرفات فردية ما أنزل الله بها من سلطان حول قضية المرأة وهضم حقوقها، وإنما تناولته ليتطلع القارئ الكريم على بعض الحقائق والشبهات التي استغلها البعض؛ ليجعلوا من الإسلام الشمّاعة التي يعلّقون عليها تلك التصرفات والسلوكيات، فحمّلوه ما هو منه براء.
جاء كتاب "حقائق وشبهات حول مكانة المرأة في الإسلام" في وقت تمزقت به المرأة المسلمة بين حجري رحى -الإفراط والتفريط- وقد وضع المؤلف أولى الخطوات على الطريق الصحيح، وأشعل مشعلاً للنور؛ للخروج من عتمة النفق الذي دخله الناس من باب التقليد على غير بصيرة أو هدى، فتناول في فصوله ما يردّ به على حجج كل من أصحاب الغلو والتنطع، ودعاة التحرر والتميع، فجاءت صفحاته لتكشف الحجاب عن الحقائق، فيروي الظامئ، ويزيل الغشاوة، ويبدد حيرة الحيارى لمن كان له قلب يفقه، وعقل يتدبر.
جاء الكتاب في أربعة أقسام:
-القسم الأول: تناول فيه المؤلف النموذج الإسلامي لتحرير المرأة، وفي هذا القسم تحدث عن تحرير الإسلام للمرأة مستنداً للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة، وذلك من خلال تسليط الضوء على مساواة المرأة بالرجل مساواة "الشقين المتكاملين"، لا مساواة "الندين المتماثلين"، فنموذج التحرير الذي عرضه في هذا القسم كان تحريراً بالإسلام، لا تحريراً منه.
-القسم الثاني: تناول المؤلف في هذا القسم الإسلام والمرأة في رأي الإمام "محمد عبده" دراسات وتحقيقات، وتناول هذا القسم قضايا عديدة بالغة الأهمية حول المساواة بين الرجل والمرأة، والطلاق بين الإطلاق والتقييد، واحترام رأي المرأة في اختيار الزوج، والنهي عن الإضرار بالنساء، وقضية تعدّد الزوجات، والتضييق فيه رغم إباحته، وتفسير آية التعدّد وحكم الشريعة فيه.
-القسم الثالث: عرض المؤلف في هذا القسم الشبهات التي كثيراً ما تثار في قضية المرأة، والتي استند عليها المتربصون للإسلام، وقد استغلوا الفهم المغلوط لبعض المسلمين لهذه القضايا، فأخذوا ينفثون سمومهم من خلالها، ويزرعون في فهم الناس ظلم الإسلام للمرأة، ومحاباته للرجل على حسابها، فتناول شبهات عشر، ورد عليها الردّ الذي يجلّي وجه الحقيقة فتسطع سطوع الشمس في كبد السماء، ومن هذه الشبهات ميراث الأنثى، شهادة المرأة، حديث النساء ناقصات عقل ودين، ما أفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة، ولاية المرأة للقضاء، قضية القوامة، ضرب الزوجة الناشز، قضية الحجاب، وقضية الإماء وأخيراً قضية التّسرّي.
-القسم الرابع: جاء تحت عنوان: "ماذا على الضفة الأخرى؟" النموذج الغربي لتحرير المرأة.
وتحدث فيه عن الفرق بين التحرير من الظلم، والتحرير من الفطرة، وتناول التراث الغربي المليء باحتقار المرأة، وشذوذهم الفكري، ومحاولتهم لفرض هذا الشذوذ على العالم، وما نتج من ثمار مُرّة لهذا الشذوذ، وتقليده تقليداً أعمى.
-مع المؤلف:
الدكتور "محمد عمارة"، مفكر إسلامي، ومؤلف ومحقق، وعضو "مجمع البحوث الإسلامية" بالأزهر الشريف، جاوزت أعماله الفكرية تأليفاً وتحقيقاً مائتي كتاب، وقد تناولت كتبه السمات المميزة للحضارة الإسلامية، والمشروع الحضاري الإسلامي، والمواجهة مع الحضارات الغازية والمعادية، وتيارات العلمنة والتغريب، وصفحات العدل الاجتماعي الإسلامي والعقلانية الإسلامية.
-بطاقة الكتاب:
اسم الكتاب: حقائق وشبهات حول مكانة المرأة في الإسلام.
المؤلف: محمد عمارة.
مكان النشر: جمهورية مصر العربية.
دار النشر: دار السلام للطباعة والنشر.
سنة النشر: 2010م
عدد صفحات الكتاب: 230 صفحة.