قضية القرن وصفقة القرن ونبوءة القرن

الرئيسية » بصائر الفكر » قضية القرن وصفقة القرن ونبوءة القرن
AP555790526105

أول من تحدث عن قضية القرن وصفقة القرن كان عبد الفتاح السيسي رأس النظام المصري الحاكم، وذلك عندما كان في زيارة للولايات المتحدة الأمريكية، وقال في حوار صحفي ما معناه (نحن ندعم بكل قوة جهود الرئيس الأمريكي ترمب لحل قضية القرن وإتمام صفقة القرن).

كان ذلك هو أول ذكر رسمي لهذين المصطلحين، وأظن أنه الذكر الرسمي الوحيد، فلم يذكر أي رئيس آخر سواء لأمريكا أو لـ”إسرائيل" أو لدولة عربية هذين المصطلحين بهذا الوضوح وهذه المباشرة.

وكل الكلام بعد ذلك في هذا الأمر هو كلام إعلامي وتسريبات غير رسمية للمسئولين من هنا وهناك.

لكن الأمر واضح تماماً، ويبدو أن العمل يسير فيه على قدم وساق من جميع الأطراف (أمريكا والكيان الصهيوني وبعض الدول العربية)، وذلك لإنهاء التفاصيل وإزالة العقبات.

فأما عن قضية القرن، فقد أحسنوا تسميتها، فهي قضية القرن حقا، بل هي قضية القرن الفائت والقرن الحالي والقرون التي من بعد حتى تُحلّ وتنتهي.

هي قضية القرن، لأنها قضية متعلقة بفلسطين والقدس؛ القدس التي تمثل أعظم مدينة مقدسة للأديان الثلاثة، فهي المدينة المقدسة الأولى لليهود بادعائهم أنها مدينة الهيكل المزعوم الذي بناه لهم سليمان عليه السلام.

وهي المدينة المقدسة الأولى للمسيحيين حيث مهد المسيح عيسى، وكنيسة القيامة كأعظم كنيسة مقدسة لديهم.

وهي المدينة المقدسة الثالثة للمسلمين، حيث المسجد الأقصى؛ أول القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين.
وبالتالي فهي المدينة المقدسة الأعظم بالنسبة للديانات الثلاث في العموم.

وأما عن صفقة القرن، فهي صفقة لتسوية القضية وإنهائها، وهي تحمل كما تقول التسريبات تنازلات كبيرة من الفلسطينيين والعرب، وتمثل أكبر انتصار لدولة "إسرائيل" المزعومة، ففيها تهجير للفلسطينيين وتوطين لهم في الأراضي المصرية أو الأردنية، مع إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال، كما أسرعت أمريكا وأعلنت ذلك ونقلت سفارتها في فلسطين المحتلة من تل أبيب إليها، مع إقامة دولة فلسطينية تحت مراقبة وحصار الدولة الصهيونية، دولة فلسطينية بلا سلاح ولا حدود سيادية حقيقية، دولة تشبه السلطة الفلسطينية الموجودة الآن، ولا تختلف عنها كثيراً.

ولن تنجح صفقة القرن هذه إلا إذا طأطأ الفلسطينيون لها رؤوسهم وخنعوا لها مستسلمين، فمهما اجتمع لهذه الصفقة الجميع، ومهما تآمرت من أجلها الأنظمة العالمية والإقليمية، إلا أن القضية في النهاية قضية الفلسطينيين، فإن اجتمعت كلمتهم، ولم يتركوا بندقيتهم، فستنهار هذه الصفقة كما انهار غيرها، ولا ننسى أبدا محاولة التسوية النهائية التي حدثت في آخر عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، عندما اجتمع بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي حينها في أمريكا لأيام من أجل إتمام صفقة نهائية للتسوية، غير أن عرفات_ كما قيل _ رفض بنود هذه التسوية، مما أفشل الصفقة، ومما كان سببا بعد ذلك في قتله بالسم على يد الإسرائيليين وعملائهم في السلطة الفلسطينية.

لن تنجح صفقة القرن هذه إلا إذا طأطأ الفلسطينيون لها رؤوسهم وخنعوا لها مستسلمين، فمهما اجتمع لهذه الصفقة الجميع، ومهما تآمرت من أجلها الأنظمة العالمية والإقليمية، إلا أن القضية في النهاية قضية الفلسطينيين، فإن اجتمعت كلمتهم، ولم يتركوا بندقيتهم، فستنهار هذه الصفقة كما انهار غيرها

وأما عن نبوءة القرن المتعلقة بقضية القرن وصفقتها، فهي النبوءة التي تنبأ بها الشيخ المجاهد أحمد ياسين، شيخ المجاهدين في فلسطين، والمؤسس لحركة المقاومة الإسلامية حماس.

فقد تنبأ رحمه الله ورضي عنه بنهاية دولة إسرائيل في النصف الأول من هذا القرن. وقد تابعه الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في هذه النبوءة، وتنبأ بما تنبأ به.

الشيخ أحمد ياسين هو إمام في الجهاد والمقاومة سيظل يكتب عنه التاريخ، وهو رجل له قدره عند الله كما نحسبه، ولذلك فإن نبوءة أمثاله يجب أن نقف عندها.

وإن لله عز وجل أولياء، يُجري الله على عقولهم وقلوبهم وألسنتهم كثيرا من الحق الذي يريده، ويريد أن يبشر به.

فإن انقطعت النبوة عن الأمة بإخبارها المباشر بالوحي عن الله، فلن تنقطع الولاية بإخبارها بالإلهام والرؤى عن الله.

وقد قال الإمام حسن البنا في أصوله العشرين (ومحبة الصالحين واحترامهم والثناء عليهم بما عرف من طيب أعمالهم قربة إلى الله تبارك وتعالى، والأولياء هم المذكورون بقوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)، والكرامة ثابتة بشرائطها الشرعية، مع اعتقاد أنهم رضوان الله عليهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا في حياتهم أو بعد مماتهم فضلا عن أن يهبوا شيئا من ذلك لغيرهم(.
فالصالحون والأولياء لهم كراماتهم ورؤاهم ونبوءاتهم، التي يجريها الله لهم، ميزة لهم عن بقية العباد، تقديرا لصلاحهم وتضحياتهم وحالهم الخاص مع ربهم.

فإذا ما أخبر وليٌّ من أولياء الله عن شيء فيجب التنبه له، مع عدم الجزم والقطع به، فربما يكون ما تنبأ به مما يُتوهم فيه، وربما يصيب الولي في نبوءة ويخطئ في أخرى، حتى لا يتكل هو على رؤاه ونبوءاته ولا يتكل كذلك من وراءه من الأتباع والتلاميذ.
لكن هذه النبوءة بالخصوص، لها ما يؤيدها ويؤكدها.

فمن ناحية هناك بعض النبوءات الأخرى لعلماء وقادة يتحدثون فيها عن إقامة دولة الخلافة الإسلامية الموعودة في النصف الأول من هذا القرن، ومنهم الأستاذ مصطفى مشهور المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين، ومعلومٌ ذلك التلازم بين إقامة دولة الخلافة الموعودة وتحرير القدس وفلسطين.

وهم يعتمدون في نبوءتهم على حديث النبي صلى الله عليه وسلم بعودة الخلافة الإسلامية بعد الملك الجبري، والذي يقول جل العلماء والمفكرين الإسلاميين أننا على أعتابها، فقد بتنا في نهايات هذا الملك الجبري ودولته العسكرية.

وكذلك تحدثنا الدراسات الاستراتيجية التي تهتم بمستقبل العالم والدول سياسيا وعسكريا واقتصاديا عن نهاية الهيمنة الأمريكية في النصف الأول من هذا القرن، وبزوغ مهيمنين عالميين جدد، ومعلومٌ كذلك ذلك التلازم بين هيمنة أمريكا على العالم وبين قوة "إسرائيل" وبقائها.

بل إن بعض الدراسات الاستراتيجية تتحدث عن قرب انهيار الولايات المتحدة كدولة فيدرالية متحدة، وعدم استبعاد تفككها وقيام الصراعات بين ولاياتها المختلفة.

سنن الله التي لا تتغير ولا تتبدل في تسيير تاريخ هذه الحياة التي نحياها على هذا الكوكب.

فالحضارات والدول كلها تسير من القوة إلى الضعف، ومن التمام إلى النقص، وقد بلغت أمريكا ذروة قوتها وتمكنها وسيطرتها على العالم أجمع، ولا يُنتظر بعد ذلك إلى أن تجري عليها سنن الله، وتبدأ دورة ضعفها ونهايتها، أو على الأقل نهاية سطوتها وطغيانها.

وكذلك دولة الاحتلال التي بلغت ذروة قوتها وهيمنتها على المنطقة العربية، وعلى العالم أجمع من خلال أمريكا ومن خلال التحكم الخفيّ في إدارة دوله من خلال أجهزتها السرية ومنظماتها العالمية في كل مكان.

سنن الله التي لا تتغير ولا تتبدل في تسيير تاريخ هذه الحياة التي نحياها على هذا الكوكب. فالحضارات والدول كلها تسير من القوة إلى الضعف، ومن التمام إلى النقص، وقد بلغت أمريكا ذروة قوتها وتمكنها وسيطرتها على العالم أجمع، ولا يُنتظر بعد ذلك إلى أن تجري عليها سنن الله، وتبدأ دورة ضعفها ونهايتها، أو على الأقل نهاية سطوتها وطغيانها

بل إن هناك سنة ربانية خاصة في التعامل مع اليهود، ذكرها الله تعالى في قوله في سورة الإسراء {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً، ثمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا، إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا،عسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا}.

وقد ذكر الله في هذه الآيات قصة بني إسرائيل، حيث أنهم علو وأفسدوا، فبعث الله لهم عبادا له ونصرهم عليهم، وقد كتب الله عليهم (فإن عدتم عدنا).

وهو قضاء من الله عليهم خاصة، حيث أنهم بعد كل علو وفساد منهم سيأتيهم عباد لله ينتصرون عليهم، ونحن نعيش اليوم في ظل علو كبير وفساد عظيم لهم، وننتظر عباد الله الذين سينصرهم الله عليهم ليجتثوهم ويسوؤوا وجوههم.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وشاعر وروائي مصري، مهتم بالفكر الإسلامي والحركة الإسلامية

شاهد أيضاً

إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …