كيف تنشئ طفلًا عبقريًا باستخدام سلم تعلم المهارات

الرئيسية » بصائر تربوية » كيف تنشئ طفلًا عبقريًا باستخدام سلم تعلم المهارات
child26

الإبداع لن يولد معك، ولن يتنزل عليك، هذه هي الحقيقة الوحيدة التي حاول جميع المبدعين والعباقرة إيصالها إلى جانب حقيقة أن الفشل هو أصل النجاح، وفي المحصّلة إن العبقرية و#الإبداع لا دخل لهما بالجينات ولا التكوين العضوي وإنما نتيجة جهد مكثّف، ومحاولات كثيرة جداً، وإصرار بعد عثرات وفشل متلاحق!

يقول أندرو روبنسون، في كتابه (العبقرية: مقدمة قصيرة جداً): “إن العبقرية ليست أسطورة، وهي جديرة بأن نطمح إليها، ولكنها لا تأتي إلا لقاء ثمن يعجز أو يحجم معظمنا عن دفعه . ما من طرق مختصرة لبلوغ العبقرية، والإنجازات التي تحققت على أيدي العباقرة لم تتضمن سحرًا أو معجزات، فقد كانت وليدة العزم البشري، لا نتاج هبة جبارة"

من هذه الحقيقة عن العبقرية، نستطيع حتمًا، أن نستمد القوة والحافز اللازمين لحياتنا وعملنا، هذا إذا كان لدينا الرغبة الصادقة في أن نصبح عباقرة، وهذا يعني أن الوالدين اللذين يهتمان بتنمية طفل مبدع وعبقري وشديد التنبه لكل ما يحيط به، وقادر على التفاعل مع المجتمع والمعلومات والثقافة عمومًا هو ليس بالأمر المعقد ولا المستحيل، ولكنه يحتاج بالدرجة الأولى ثقة وإيمانًا كاملين بعد الرغبة والعزم على بذل مجهود منظّم بخطوات مدروسة، لتحقيق أهداف عالية.

ما من طرق مختصرة لبلوغ العبقرية، والإنجازات التي تحققت على أيدي العباقرة لم تتضمن سحرًا أو معجزات، فقد كانت وليدة العزم البشري، لا نتاج هبة جبارة

يقول معاذ عثمان -اليوتيوبر المتميز- : "أكره كلمة موهوب؛ لأنها ترمي كل ساعات العمل والجهد ولحظات الفشل في القمامة، والإنسان يختزل الأمر في العبقرية والموهبة ليبرر كسله، فمن الصعب عليه الاعتراف بأن العمل والجهد المستمر هو الطريق الوحيد لتحقيق النتائج ".

الإصرار والمثابرة أهم صفات العباقرة والمبدعين:

إذا استثنينا الصفات الخاصة بما يتطلبه تخصص الشخص العبقري، سنجد صفات مشتركة بين العلماء والعباقرة في الحقيقة، وقد لا تتعدى الإصرار والمثابرة وتكرار المحاولة مرة بعد مرة ومهما بلغت العقبات وازداد التعثر، لذلك فإن الاستمرار بالمحاولة وعدم الاستسلام للفشل الأول ولا العاشر، هو سبيل بلوغ المراد، بدون إهمال التقييم والتقويم للطرق والاستراتيجيات التي تؤدي الأمور بها، توازيًا مع الرؤية السليمة والتركيز على المجال .

إذا استثنينا الصفات الخاصة لتخصص الشخص العبقري، سنجد صفات مشتركة بين العلماء والعباقرة، هي الإصرار والمثابرة وتكرار المحاولة مهما بلغت العقبات وازداد التعثر

وكل ذلك ينصهر في بوتقة واحدة وهي المهارة، تماما مثل خطة تحقيق هدف ما، فالإبداع مهارة، والعبقرية مهارة، والفوز مهارة، وكثير من المهارات يظنها الناس أعطيات أو مواهب ربانية وموروثات جينية لا يمكن الحصول عليها بغير تلك الطريقة، مع أن النظر إلى الموضوع بمنطق وتأن يفكفك اللغز من أول دقيقة.

أندرو روبنسون استحدث قانوناً، ووسمه بعنوان: قانون العشر سنوات، يبين فيه قدرة تغيير قيم الإنسان وإكسابه مهارات خارقة في مدة محدودة، والمهارة هي القدرة على الأداء بشكل فعّال في ظروف معينة، تتحقق لدى المتعلم بجهده الذهني وتصبح جزءاً من مخزونه يستخدمها في مواقف مختلفة، ثم يكررها ويتقنها في معالجة المواقف.

والمهارات السلوكية حسب أبحاث علماء النفس، تمر بأربعة مراحل تسمى سلّم تعلم المهارات، الذي يتكون من خلاله السلوك في ذهن الإنسان حتى يصبح جزءاً من شخصيته، ومن خلال سلّم تعلّم المهارات يمكن اكتساب أية مهارة في أي عمر من حياة الإنسان .

الدرجة الأولى: لا مهارة في اللاوعي:

وتمثل هذه الدرجة الجهل بالشيء تمامًا وعدم معرفة أن له وجود أساسا في الحياة، فمثلًا في بداية حياة أي طفل لم يكن يعلم أن بإمكانه فتح التصفيق مثلاً أو التحدث، لكنه مع الزمن يكتشف ذلك شيئًا فشيئًا وإن أراد تعلمه.
ذلك الأمر يمكن الإشارة إليه حتى مع القدرات الفردية والإمكانات الخاصة بكل شخص تميزه عن الآخرين، يولد وليس لديه علم بوجود تلك المهارة في الكون إلا أنه يكتشفها في نفسه.

الدرجة الثانية/ لا مهارة في الوعي:

في لحظة ما قد يتعرض الإنسان إلى موقف يجعله يكتشف القدرات الكامنة بداخله، فمثلًا، لن تتمكن من اكتشاف قدرتك على القفز من علو 10 أمتار أو الغوص إلى عمق 6 أمتار إلا إذا تعرضت أو تعرض أحد من تحبهم للخطر.
ستتصرف بشكل تلقائي، ستكتشف أن هنالك مهارة فتنتقل تلك المهارة من اللاوعي إلى الوعي لكن بغير إتقان.
وهذا هو المقصود تماماً من مساعدة الوالدين على تنشئة طفل مبدع وعبقري، بمراقبته والتعرف إلى قدراته الفردية ومن ثم تعريضه بوعي وخطة مدروسة إلى الظروف والمواقف التي ستكشف عن مهاراته.
وسيأتي هنا دور التحفيز والدعم والإرشاد بشكل مستمر تزامنًا مع اكتشاف المهارة، ونقلها من اللاوعي إلى الوعي لدى الطفل، أو غيره.

الدرجة الثالثة/ مهارة في الوعي:

وهنا بعد أن يكتشف الوالدان قدرات الطفل ويضعان الخطة تأتي مرحلة صقل المهارة التي انتقلت إلى الوعي لدى الطفل، بالعلم، والدروس والوسائل التعليمية المختلفة، بالإضافة إلى التمارين واستشارات ذوي الاختصاص ومراقبة المشكلات وفكفكة العقبات.
ولعل هذه الدرجة ستأخذ منكما الوقت الأطول؛ لأنّها تتضمن تعلم المهارة بتفاصيلها كلها، والتدرب عليها حتى إتقانها، ولكن بوعي شديد وهو مختلف عن الدرجة القادمة مع أنه يمهد لها.

الدرجة الرابعة/ مهارة في اللاوعي:

حين تنتقل المهارات إلى اللاوعي فإن الإنسان سينفذها بشكل تلقائي وبدون الحاجة إلى تذكير أو تفكير ولو لثوان معدودةـ، فمثلاً حين تنتقل مهارة حساب القيم الحسابية الكبرى إلى اللاوعي لدى الطفل فإنه سيحسب أية قيمتين تقابلانه بدون تفكير أو حاجة للتحفيز والتذكير.

حينما تعوّد طفلك على ترتيب فراشه حينما يصحو سيفعل ذلك تلقائيًا كلما قام من نومه، وإذا علمته ممارسة الرياضة وتفريش أسنانه وغسل يديه... مثل كل ذلك يمكن أن تعلمه التفكير خارج الصندوق بشكل دائم ليتصرف على هذا الأساس دوماً بدون الحاجة للتحفيز والتذكير.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية من قطاع غزة، تحمل شهادة البكالوريوس في علوم المكتبات والمعلومات، وعدة شهادات معتمدة في اللغات والإعلام والتكنولوجيا. عملت مع عدة قنوات فضائية: الأقصى، القدس، الأونروا، الكتاب. وتعمل حالياً في مقابلة وتحرير المخطوطات، كتابة القصص والسيناريو، و التدريب على فنون الكتابة الإبداعية. كاتبة بشكل دائم لمجلة الشباب - قُطاع غزة، وموقع بصائر الإلكتروني. وعضو هيئة تحرير المجلة الرسمية لوزارة الثقافة بغزة - مجلة مدارات، وعضو المجلس الشوري الشبابي في الوزارة. صدر لها كتابان أدبيان: (وطن تدفأ بالقصيد - شعر) و (في ثنية ضفيرة - حكائيات ورسائل).

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …