علمتني سورة يوسف أن نزولها –والذي كان في السنة العاشرة للبعثة– كان سلوى لسيد البشر –صلى الله عليه وسلم– في أحلك الظروف، وقصتها المميزة بلسم لكل الجروح، فما اختار الله هذه القصة بعينها –التي سماها أحسن القصص– إلا لتواسيه في عام الحزن، وكذلك هي للمسلمين اليوم وهم يمرون في زمن الفتن.
• علمتني سورة يوسف أن التربية بالقصة هي عنوان أصيل من عناوين التربية، فالقصة تنقل لنا تجارب السابقين للننال منها العبر والعظات ، وقصة يوسف –عليه السلام– وإخوته هي (آيات للسائلين)، فهي تنقل لنا معاناة داعية بأكلمها، من وجوده في كنف والده الحنون ونزعه عنه حتى أصبح عزيز مصر.
• علمتني سورة يوسف أن صاحب الحلم والطموح حتماً سينجزه، فمن حلم بالإنجاز وجب عليه اليقظة لتحقيقه، ومن أدمن النوم أضاع عمره في الأحلام.
• علمتني سورة يوسف أن من نذر نفسه لله أحاطت به معيته في كل لحظة، فمن أحوج القافلة للماء فتكون سببا في إنقاذ يوسف؟ ومن أحوج عزيز مصر للأولاد فيتبناه؟ ومن أحوج ملك مصر وأرضه لرأي يوسف في المجاعة؟ ومن أحوج إخوة يوسف إلى التبضع من مصر وهم في البدو بعد عشرات السنين!؟.
• علمتني سورة يوسف أن هوى النفس إذا اتبع: غلب كل أنواع الرحمة في القلب، وأطاش العقل وكرَّس الخلاف بين الإخوة و الأصحاب، ويقلبهم عن منهجهم العظيم، ولا ينقذهم من هذه الغفلة إلا صحوة جادة من الهوى، تجدد عهدهم بالله.
• علمتني سورة يوسف أن من أدمن الإخلاص صرف الله عنه السوء والفحشاء ، (كذلك ليصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين).
• علمتني سورة يوسف أن دليل العفة حاضر، يشهد به الأعداء قبل الأصدقاء، وما على الداعية إلا أن يصمد على مبدئه، فالنصر صبر ساعة.
• علمتني سورة يوسف أن أهل الظلم يتنافسون ويتصارعون فيما بينهم، ولكنهم سرعان ما يتحدوا ضد الإسلام ويصوبوا سهامهم نحو الحق، فكن ثابتاً صاحب رؤية، كما حصل مع نسوة المدينة.
• علمتني سورة يوسف أن الاستعصام بالله وحده هو ما يقي الداعية من مراودة الدنيا له، فمن استعاذ بالله منها أعاذه الله (فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن).
• علمتني سورة يوسف أن السجن خلوة للداعية الصابر، ودليل حريته من ربقة شهوته، فالسجان مقيد والسجين يرفل بأبها صور الحرية.
• علمتني سورة يوسف أن الدعوة لا تحدها حدود، ولا تمنعها حواجز، ولا يسيطر عليها ظالم أو صاحب هوى ، فيوسف – عليه السلام – كان داعية في السجن.
• علمتني سورة يوسف أن ظلم الناس للداعية لا يمنعه من إرادة الخير لهم، والتخطيط لمصلحتهم ودرء المفاسد عنهم، فلم يقم يوسف – عليه السلام – بتأويل رؤيا الملك فقط بل تعامل معها بخطة تفصيلية.
• تعلمت من سورة يوسف أن أخلاق الداعية فوّاحة، يتقدمها الصدق فهو صنو الإيمان (يوسف أيها الصديق).
• تعلمت من سورة يوسف أن كرامة الداعية هي حريته، ولا يتنازل عنها لمنصب أو جاه أو سلطة أو مال دونها، فيوسف لم يقبل الخروج من السجن إلا بنيل البراءة.
• تعلمت من سورة يوسف أن الداعية الحق ممتلئ علما و فهما، يظهر ذلك في كلامه، والمنصف من يطلب العون منه مباشرة (فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين).
• تعلمت من سورة يوسف أن الدنيا بزخرفها زائلة، حتى لو كان هذا الزخرف هو التمكين، فالأجر هو الآكد والجنة هي المطلب (ولأجر الآخرة خير)
• تعلمت من سورة يوسف أنه مع شدة قهري وغيظي من أحد فليس يمنعني من العدل معه.
• تعلمت من سورة يوسف أن اتخاذ الأسباب عنصر من عناصر التوكل (وقال يا بني لا تدخلوا).
• تعلمت من سورة يوسف أن من الحكمة: كظم الغيظ و عدم الانسياق وراء ردات الأفعال، واحتساب الأسى عند الله (فأسرها يوسف في نفسه).
• تعلمت من سورة يوسف أنه من استعاذ بالله من فتنة الشهوة حماه الله من الظلم لنفسه و لغيره.
• تعلمت من سورة يوسف أن عاطفة الأب جياشة، تزداد بازدياد بر الولد لوالده و حسد إخوته له، و تبقى في القلب مدة طويلة تكسر القلب و تديم الحزن (يا أسفِ على يوسف).
• تعلمت من سورة يوسف أن لا تكون الشكوى و بث الحزن إلا لله.
• تعلمت من سورة يوسف أن اليأس كفر، وأنه ماحق للإيمان.
• تعلمت من سورة يوسف أن بالتقوى والصبر يأتي المن بالنصر.
• تعلمت من سورة يوسف أن العفو عند المقدرة، وأن الذي سلمك رقاب الناس أراد منك أن تعفو عنهم (قال لا تثريب عليكم اليوم).
• تعلمت من سورة يوسف أن للفرج رائحة لا يشمها إلا الصابرون، واسمع لما قاله الأب الصابر (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون).
• تعلمت من سورة يوسف أن الاعتراف بالذنب فضيلة، و على الداعية أن يأخذ بيد التائب فيدله على الله .
• تعلمت من سورة يوسف أن الله لطيف لما يشاء، يقدر العسر ليربي عباده ويلطف بحالهم فلا يتركهم للشيطان ونزغه، ويقدر اليسر ليفرجها على عباده.
• تعلمت من سورة يوسف لذة المناجاة، بدأت مع يوسف في البئر، ووالده يعقوب طيلة السنوات، وسنوات السجن وبعدها الحكم، والله وحده المعين.
• تعلمت من سورة يوسف أن النصر لا يرتبط بعنوان الكثرة و القلة، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، فالنصر يتزامن مع الإيمان.
• تعلمت من سورة يوسف أن طريق الدعوة واضحة والسير بها على بصيرة، (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني).
• تعلمت من سورة يوسف أنه عند تجمع أسباب اليأس أمام العيون، وانسداد الأفق أمام المصلحين، عندها يأذن الله بالنصر.
• تعلمت من سورة يوسف أن قصص القرآن هي عبرة لكل من أراد الاعتبار، وواجب على الدعاة أن يعتنوا بها في تربيتهم للناس ، فهي تجارب واضحة و جلية، تبعث الإيمان والهدى واليقين.