بغض النظر عن الوقت الذي تنوي أن تمضيه في وظيفة ما، يمكن لهذه المفاتيح الاثني عشر أن تحدث فارقاً في خبرتك العملية، وأثرك الاجتماعي فيها، في الجزء السابق من المقال عرضنا ست لفتات، ونستكمل الستة الآتية في هذا الجزء:
1. اذكر أن الله على كل شيء شهيد:
مهما كان عملك يتيح قدراً من الحرية أو التساهل في الرقابة الإدارية، فليكن عليك من نفسك رقيب، ومن الله شاهد، بغض النظر عمن يستحق ماذا، وعما إذا كان هذا العمل هو مجالك المفضل، أنت في موضع أمانة، فلتؤدها على الوجه الذي يسرّك أن تحاسب عليه؛ لأنك بالفعل محاسب عليه، إن لم يكن هنا فهناك! واذكر أن الله على كل شيء شهيد، ويحب إذا عمل أحدنا عملًا –أي عمل– أن يتقنه.
مهما كان عملك يتيح قدراً من الحرية أو التساهل في الرقابة الإدارية، فليكن عليك من نفسك رقيب، ومن الله شاهد
2. فلتعتنِ بأناقة الهندام:
بعض الشركات تحدّد للعاملين بها هنداماً معيناً، ومنها من يترك الأمر لهوى العاملين، في كلتا الحالتين احرص على المظهر الذي يعكس أفضل ما فيك باعتدال، ويعبّر عنك بجدية واحترام، بغير بهرجة ولا ابتذال .
3. حاذر من:
• مجالس النميمة، والجأر بالشكوى؛ لئلا تقع كلماتك على الأسماع الخاطئة فتكون ضدك، إما أن تناقش الأمر مع مديرك أو المسؤول المختص، أو إن شئت مجرد التنفيس عن دواخل نفسك فليكن ذلك مع صديق، أو شخص مقرّب خارج دائرة العمل.
• إجهاد نفسك والضغط عليها: خذ وقتك في التعلّم والتقدّم، واستمتع بذلك، وإن كثرت الأخطاء فالمهم عدم تكرارها؛ لأن الخطأ جزء من عملية التعلم، وتكراره يعني أنك لم تستوعب الدرس بعد، أما الخطأ الجديد فهو درس جديد، والإخفاق مرة ليس سوى تذكرة بمـــا كنت نسيته، أو إعلامًا بشيء جديد، فتذكر أو اعلم ثم امضِ، ولا تُطِل الوقوف على الأطلال!
• وليس ثمة معيار تستطيع التوقف عنده لتقول إنك فرغت من التعلم؛ لأنك كلما تقدمت، تقدمت معك قدراتك، واتسعت طاقاتك، فأفضل ما لديك الآن بالتأكيد لم يكن كذلك عندما كنت في العاشرة مثلاً، ولن يكون كذلك بعد سنة من الآن، بل ربما بعد يوم من الآن ، طالما أنك جاد في التعلم، وواعٍ لدروس الحياة، وانتبه لطرفي النقيض: السعي المحموم، والتكاسل المذموم، وبينهما التوسط في كل الأمور.
4. نافـِس نَفسك:
لتكن نفسك هي محور اهتمامك، لا تقارنها بجودة الآخرين أو عملهم، وإنما بما توقن أنت من نفسك أنك عليه قادر، وبما تعرف من طاقاتك وقدراتك الخاصة التي لا تشابه غيرك في اللمسة، وإن أشبهتها في النوع، فإنتاجك لا يكون مقبولاً حينما لا تقدم أنت أفضل ما لديك؛ لا لأن الآخرين قدّموا أفضل منك، فالحق أنها مسألة اختلاف مستويات، لا مفاضلة قدرات، وذلك عندما تكون –كما سبق– من النوع المتعلم المثابر، الذي كل يوم جديد عنده يعني عطاء أفضل، نافس نفسك؛ لأنها أصعب من يتحداك في طريق النجاح!
إنتاجك لا يكون مقبولاً حينما لا تقدم أنت أفضل ما لديك، لا لأن الآخرين قدموا أفضل منك. فهي مسألة اختلاف مستويات، لا مفاضلة قدرات
5. هل أعمل بجد أم أعمل بذكاء؟
الجواب هو أن تعمل بكليهما؛ لأنهما عند التجربة العملية لا ينفصلان، ربما الاختلاف هو أن تُقدِّم الذكاء على الجد. فعندما تندفع مثلاً في مجالك الجديد بغير خطة واضحة المعالم، أو ترتيب لأولويات التعلم، ستجد أنك تعمل بجهد لا بجِد، ثم لا تحصل على التقدير الذي كنت تتوقعه.
عندما تندفع مثلاً في مجالك الجديد بغير خطة واضحة المعالم، أو ترتيب لأولويات التعلم، ستجد أنك تعمل بجهد لا بجِد، ثم لا تحصل على التقدير الذي كنت تتوقعه
فقد تُقدِّم تقريرًا به أخطاء، كان بالإمكان تجنبها لو كنت اطلعت على القوالب الجاهزة على قاعدة بيانات شركتك، أو بحثت على الإنترنت عن قوالب جاهزة لتحاكيها، وما في ذلك من بأس على الإطلاق وأنت في مرحلة التعلم وعلى غير دراية بتلك المفاهيم الجديدة، حينها تكون عملت بجد بإعدادك وكتابتك وفق منهج مجرَّب، لا كيفما اتفق والسلام، فأنتجت عملًا يبهر رئيسك، ويرفعك في تقديره، لا لأنك أتيت فيه بأمر خارق، بل لأنه لا يُتوقع ممن لا خبرة مُسبَقَة لديه في هذا المجال، وهذا الذكاء!
6. احمل معك المفاتح الثلاثة للتفوق والريادة:
- الاعتزاز:
"عملك هو شخصك الحقيقي" كما يقول مصطفى صادق الرافعي. قد تجد مع مرور الوقت أن الغالبية لا تلتزم بالمعايير، أو أن الكثيرين يفلتون منها بحيل وألاعيب "توفر الجهد"، بإمكانك أن تفعل ذلك، لكن خبرتك ومعرفتك حينها تكون مجردة من الاعتزاز والفخر بصاحبها، فلا يكون عملك إلا واحداً بين آلاف. أما حين تحرص على الجودة لأن العمل عملك أنت، وعليه توقيعك ويحمل اسمك، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، حينها يكون عملك الأول على الآلاف.
- الاهتمام:
أي عمل يستحق أن تعمله فهو يستحق أن تعمله بإتقان، وذلك كما علمنا المصطفى عليه الصلاة والسلام: (إن الله يجب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) (رواه أبو يعلى وغيره). فالعمل هنا مطلق لكل ما تشتغل به، ويقتطع من وقتك وعمرك وجهدك على أي الأحوال، فلم لا تظهر الاهتمام والحماس الكافيين له؟ إلا أنّ الحماس غير المُوجَّه هو طاقة مُهدَرة، وتوجيه الحماسة الداخلية تلك يكون بتحديد تعريف النجاح المهني لك: أهو الترقي بأسرع وقت، الربح المادي، الشعور بالأمان، الوجاهة الاجتماعية، بناء العلاقات...؟ ثم تحديد أهمية ما تفعل حالياً في خطة ارتقائك تلك، للوصول لوجهتك من النجاح.
- اليقين:
بأن "الله لا يُضِيع أجْرَ مَن أَحسَنَ عَمَلا". قد تكون في رأسك علامات استفهام بغير إجابات، أو في قلبك هواجس بغير قرار، لكن يبقى اليقين في وعد الله هو الحبل المتين الذي تتمسك به في كل حين، وتحت كل الظروف. أَحسِن اليوم ابتغاء وجه الله، واسأل الله السداد والعون موقنًا أنه يسددك ويعينك، فإذا استقر اليقين في قلبك، فاحرص على أن تترجمه أفعالاً؛ لتحصد ثماراً، وإلا.. أفتكون ممن يقولون ما لا يفعلون؟