-توطئة:
الوسطية: هو لفظ يطلق على تلك الأمة التي اصطفاها الله عز وجل من بين سائر الأمم والأجناس؛ لتكون حاملة لتلك الرسالة العالمية الربانية الخالدة ما بقي الزمان، والوسطية هي صفة للأمة، وليست صفة للدين، فإن الله عز وجل جعل الدين كله واحداً وهو الإسلام، له دانت الأنبياء والمرسلين وأتباعهم ممن فاء الله عليهم بنعمة الإيمان، أما أمة الوسط التي وصفها الله عز وجل في كتابه في موطن تكريم وتكليف، حين قال: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة،الآية: 143]، فهي الأمة المحمدية التي كلفت بحمل الأمانة مع وعد بالنصر والهيمنة على الدين كله.
وإن موضوع الوسطية بشكل عام، والوسطية في القرآن بشكل خاص، يعتبر من العلوم التي لاقت اهتماماً كبيراً من علماء الدين والحضارة، وفي ذلك الاغتراب الذي يحيط بالأمة قد وجب عليها التعرف بعمق، ودراسة على كنه هذا الدين المبني على الوسطية، والتي تعني الأخذ الكامل الشامل بأحكامه كافة دون تفريط في صغيرة أو كبيرة أو إفراط، ومن هنا كانت دراسة ذلك الكتاب خطوة على طريق بناء وعي حضاري لازم لكل مسلم.
-عن الكتاب:
هذا الكتاب عبارة عن رسالة علمية نال بها صاحبها درجة الماجستير من جامعة "أم درمان بالسودان"، شغلت قضية الوسطية والخيرية وشروطها الكثير من العلماء والمفكرين، وثار جدل واسع حول مفهومها ومقوماتها، فكان هذا الكتاب ليوضح الفكرة الأساسية لمفهوم الوسطية في كتاب الله، دون غلو أو تفريط، والكتاب مقسم لثلاثة أجزاء، كل جزء يتناول مفهوماً خاصاً بالوسطية، يتكون من عدة فصول، ثم إلى عدة مباحث، عدد صفحات الكتاب (588 صفحة) من الحجم الكبير.
-مع الكتاب:
الجزء الأول (ملامح الوسطية في القرآن الكريم):
يتكون الجزء الأول من بابين وعدة فصول، تغطي عدة مفاهيم حول الوسطية كالتالي:
المعنى اللغوي لكلمة (وسط) تدل على معاني الخير والعدل والجودة والرفعة والمكانة العليّة، فكل وسطية هي وسط، ولا يلزم كل وسط أن يكون دليلاً على الوسطية، فقد يكون الوسط المكاني أو الزماني ونحوه.
ويبين الكاتب أن الوسطية تطلق على الأمر الذي فيه خيرية وبينية، وأن أي أمر اتصف بالخيرية والبينية فهو الذي يصح أن يطلق عليه وصف "الوسطية".
ويردف أننا لا نستطيع فهم الوسطية حتى نفهم أسسها، وهي (الغلو أو الإفراط)، و(الجفاء أو التفريط)، والصراط المستقيم، فكل أمر فيه غلو أو إفراط فهو خروج عن الوسطية، وكل أمر اتصف بالتفريط أو الجفاء فإنه يخالف الوسطية، ويمثل الصراط المستقيم قمة الوسطية وذروة سنامها وأعلى درجاتها، ليكون المقياس المعتبر في فهم الوسطية هو الشرع، وليس ما تعارف عليه الناس من مداهنة وتنازل وتساهل، وعن العوامل التي يجب مراعاتها عند ضبط مفهوم الوسطية وفهم سماتها يقول:
–للوسطية سمات وملامح تميزها عن غيرها، ومن أهم هذه الملامح سمة الخيرية، وسمة العدل، وسمة اليسر ورفع الحرج، وسمة الحكمة، وسمة البينية، وسمة الاستقامة.
–إن خيرية هذه الأمة تتحقق بأمور أهمها: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان بالله.
–إذا قارنت بين اليهودية والنصرانية والإسلام في دنيا الناس اتضحت وسطية الإسلام.
–إن سمة اليسر والتوسعة ورفع الحرج قضية منهج متكامل، وليست تتعلق بجزئية أو جزئيات كما يتصور بعض الناس، وأن هذا ملمح من ملامح الوسطية، ولا نستطيع فهم الوسطية إلا إذا فهمنا هذه السمة البارزة في ديننا.
–إن الحكمة هي وضع الشيء في محله، وهي سمة من سمات الوسطية، بل هي أهم سماتها.
–إن الاستقامة على منهج الله هي عين الوسطية وجوهرها الأصيل.
الجزء الثاني: ويتناول هذا الجزء (وسطية القرآن الكريم في العقائد).
يعرض فيها الكاتب السمات العقيدية التي يتميز بها القرآن عن سائر الشرائع، فيبدأ في سرد تلك الحقائق العامة:
1) إن القرآن الكريم كلام الله، منه بدأ بلا كيفية قولاً، وأنزله على رسوله وحياً، وصدقه المؤمنون على ذلك حقاً، وأيقنوا أنه كلام الله بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية.
2) إن سورة الفاتحة تقرر منهج الوسطية، ورسمت منهج الوسطية وحددت معالمه، ثم جاءت الآيات بعد ذلك مقررة لذلك، وداعية له.
3) مصطلح العقيدة يشمل التوحيد، والإيمان، والإسلام، والغيبيات، والنبوات، والقدر والأخبار، وأصول الأحكام القطعية، وسائر أصول الدين والاعتقاد، ويتبعه الرد على أهل الأهواء، والبدع وسائر الملل، والنحل والمذاهب الضالة، ومن مسميات علم العقائد: التوحيد، والسنة، وأصول الدين.
4) إن العقيدة الصحيحة لا توجد إلا في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
5) إن معرفة حقيقة أسماء الله وصفاته وأفعاله من أهم العلوم التي يجب أن يحرص على معرفتها العبد.
6) إن الإيمان بالملائكة أصل من أصول الاعتقاد.
7) إن من أركان الإيمان، الاعتقاد بالكتب.
8) من وسطية القرآن الكريم وحكمته وإرشاده إلى الصراط المستقيم بيانه مراتب القدر، والتي تسمى عند العلماء بأركانه.
9) إن منهج أهل السنة في باب القدر وسط بين الإفراط والتفريط.
الجزء الثالث: ويتناول (وسطية القرآن في العبادة والأخلاق والتشريع).
يبدأ الكاتب بذكر معنى العبادة في اللغة وهي الطاعة، ومعنى التعبد في اللغة وهو التنسك والتذلل، ثم يتطرق لمعنى العبادة في الشرع، فدعائم العبادة التي تنظم الحياة القلبية ويحصرها في ثلاث: (المحبة والخوف والرجاء).
ويردف الكاتب: إن منهج الإفراط والغلو في العبادة ابتدعته النصارى، فحرموا الزواج، وكبتوا الغرائز، ومنعوا الزينة والطيبات من الرزق، ويضع السمات العامة لمنهج القرآن في العبادة فيقول:
1. إن أحاديث كثيرة، وتوجيهات نبوية كريمة رسمت منهج الوسطية للمسلمين في العبادة، وأحياناً بيان كيفية عبادته وحده سبحانه وتعالى.
2. إن من قواعد الدين العظيمة، أنه لا عبادة إلا بدليل من الكتاب والسنة.
3. إن المباحات تتحول إلى طاعات بالنية الصادقة، ويؤجر عليها العبد.
4. إن شرطي قبول العبادة هما الإخلاص لله تعالى، واتباع سنة نبيه.
5. إن الأخلاق في القرآن لم تدع جانباً من الجوانب الإنسانية: روحية، جسمية، دينية، دنيوية، عقلية، عاطفية، فردية اجتماعية إلا رسمت له المنهج وحددت له السلوك الرفيع.
6. تتضح وسطية القرآن في مجال التشريع في إباحة تعدد الزوجات بشروط، وكذلك في أحكام الطلاق والمواريث والأخذ بسنة التدرج في التشريع.
-مع المؤلف:
د. علي محمد الصلابي: مواليد (1963م، بنغازي بليبيا)، فقيه، وكاتب، ومؤرخ، ومحلل سياسي ليبي، له العديد من المؤلفات، حصل على درجة الإجازة العالمية (الليسانس) من كلية الدعوة وأصول الدين من جامعة المدينة المنورة، بتقدير (ممتاز)، وكان الأول على دفعته عام (1413/ 1414 هـ) الموافق (1992/1993م)، ونال درجة الماجستير من جامعة "أم درمان الإسلامية- كلية أصول الدين، قسم التفسير وعلوم القرآن" عام (1417 هـ / 1996 م)، ثم نال درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية بمؤلفه (فقه التمكين في القرآن الكريم). جامعة "أم درمان الإسلامية" بالسودان عام (1999م).
بيانات الكتاب:
اسم الكتاب: الوسطية في القرآن الكريم
اسم المؤلف: د. علي محمد الصلابي
دار النشر: دار الصحابة ودار التابعين
البلد: الإمارات وسوريا
عدد الصفحات: 588