في العالم العربي والإسلامي، يولد معظمنا مسلمًا، ولا نكاد نشعر بقيمة ذلك الدين العظيم ونجدد الإيمان به إلا فيما ندر، بيد أن الأمر يختلف تمامًا بالنسبة للمسلمين الجدد، حتى أنه من المفارقات العجيبة أن قصصهم -أحيانًا- هي التي تعيد إلينا شعور الفخر والعظمة بهذا الدين، فما هي الدروس أو المميزات التي نتعلمها من المسلمين الجدد، والأمور التي يمكننا نحن الاستفادة منها وتطبيقها:
1- النظر لآيات وسور القرآن على أنها رسائل فردية:
الكثير من المسلمين الجدد يكون سبب اعتناقهم للإسلام هو سورة، أو حتى آية بعينها ، فمثلًا، كانت تلك الآيات من سورة الأنبياء: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ(105) إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ(106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ(107)}، سببًا في أن يستمر شاب أمريكي في مسيرة إسلامه وتعلمه للدين الإسلامي، فبعد اعتناقه للإسلام ومواجهته للكثير من التحديات على المستوى الشخصي والأسري -خاصة أنه كان في مرحلة المراهقة-، كان ينوي أن يأخذ "وقتًا مستقطعًا"؛ لإعادة التفكير في الأمر، فكانت هذه الآيات تذكيرًا له بأن دين الإسلام هو الغالب، وأنه إنما أتى رحمة للعالمين، لا تعسيرًا على أحد، فاعتنق الإسلام وتمسك به.كذلك فإن سيدة إسبانية أسلمتْ حديثًا، قالت بأنها بعد التحاقها بقسم اللغة العربية في الجامعة، ولمجرد كتابتها لسورة الفاتحة دون فهم معناها، كان يعطيها هذا الأمر شعورًا كبيرًا بالسعادة، وكان دافعًا أكبر لها للتعرف على الإسلام، ومن ثم أسلمتْ في النهاية، ومن الآيات التي أثارت أحد الأجانب، وجعلته يتفكر في هذا الدين، هي الآيات التي فيها تحاور بين الله سبحانه وتعالى والملائكة في سورة البقرة، حين يسأل الملائكة الله تعالى: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟} وقوله تعالى: {إني أعلم ما لا تعلمون}، فقد استغرب ذاك الشاب الأجنبي من طرح القرآن لمثل تلك الأمور، ومن حقيقة وجود حوار ومناقشة حية ومعبرة بين الله جل وعلا وملائكته.
2- الحرص على التعريف بالإسلام وبأسلوب راقٍ:
الكثير من الذين يعتنقون الإسلام حديثًا تكون شكواهم الأساسية من المسلمين، وربما عجبهم أنهم لا يحرصون على التعريف بدينهم والدعوة إليه، سيما من يعيشون منهم في الغرب، فتقول سيدة أمريكية أسلمتْ حديثًا أنه كان لها بعض الصديقات من المسلمات، ولكن لم يحدثنها أبدًا عن الإسلام، وحينما كانت هي تسأل من باب الفضول، لم يكنَّ حتى ينتهزن الفرصة، وإنما يكتفين بإجابة مقتضبة، كذلك اشتكى بعضهم من سوء معاملة بعض المسؤولين في المراكز الإسلامية في الغرب أثناء الرد على الهاتف، أو حين يفِد إلى مراكزهم أحد هؤلاء الناس؛ ليعرف أكثر عن الإسلام، فيتباطأ البعض في الاستجابة، مما قد يؤدي لتراجع الراغب في الإسلام عن تلك الخطوة!
الكثير من الذين يعتنقون الإسلام حديثًا تكون شكواهم الأساسية من المسلمين، وربما عجبهم أنهم لا يحرصون على التعريف بدينهم والدعوة إليه، سيما من يعيشون منهم في الغرب
3- الكثير منهم يرى تعلم العربية وعلوم القرآن والدعوة إلى الله واجبًا عليه:
فترى الكثير من هؤلاء حين يسلمون يسارعون لتعلم العربية وعلوم القرآن؛ حتى يفهموا القرآن بشكل أفضل، ثم يساهموا في الدعوة إلا الله، والكثير من العرب والمسلمين الذين يعيشون في الغرب، ويعرفون العربية وقراءة القرآن، قد لا يفكرون في المساهمة بنفس القدر، ولا يشعرون بثقل نفس المسؤولية مع الأسف .
4- الإسلام بالنسبة لهم بداية رحلة الطمأنينة والسعادة:
وُجِد أنه (90%) من الأسباب التي تدفع غير المسلمين للبحث في العقائد -ومنها الإسلام- ومن ثم اعتناقه، هو الشعور المستمر بالاكتئاب والإحباط والضياع والتعاسة، وكلهم يجزمون أن ذلك الشعور يزول بالكامل حين يدخلون في الإسلام، يقول شاب فرنسي أنه حين سجد لأول مرة شعر أن كل مشاكله صارت وراءه، وأنه ما عاد يحمل همَّ شيء، فهم يجدون الراحة في القرآن والصلاة والدعاء والسجود، ويتركون الدنيا من أجل ذلك الشعور بالطمأنينة الذي يراودهم حين يقيمون بتلك الأمور، بينما معظم المسلمين الآن يقرأ القرآن ويسجد ويدعو والقلب مليء بالهموم، ولا يزداد بعد آداء تلك الأمور إلا همّاً وكدرًا لشديد الأسف.
وُجِد أنه (90%) من الأسباب التي تدفع غير المسلمين للبحث في العقائد -ومنها الإسلام- ومن ثم اعتناقه، هو الشعور المستمر بالاكتئاب والإحباط والضياع والتعاسة
من جهة أخرى، فإنه ما يلفت الانتباه في معظم تلك القصص، أن غير المسلمين يُهْرَعون عادة إلى البحث في الأديان عند الشعور بالضيق والضياع حتى يصلوا إلى الإسلام، فهم في معظمهم يبحثون عن مخرج من الضيق والابتلاء في العقيدة، وفي الجهة المقابلة، يلجأ عدد كبير من المسلمين الذي وجدوا العقيدة بالفعل إلى أساليب أخرى، كالانتحار والقتل وأذى النفس؛ للتخلص من المشاكل والهموم!
5- مواجهة تحدّ اجتماعي وأسري كبير بسبب اعتناق الإسلام:
من أكثر الدروس الجوهرية التي قد نقابلها أثناء قراءتنا أو سماعنا لقصص غير المسلمين، هو كيفية تعاملهم مع أسرهم بعد إسلامهم، ومواجهتهم بكل جسارة تحديات الأهل والمجتمع دون أذى أو إساءة لأحد، مع العلم أن كثيرًا منهم يعارض أهلوهم فكرة إسلامهم بالكامل، ومع ذلك لا يَجبُنون ولا يتراجعون عمّا رأَوْه صحيحًا، وللأسف نجد كثيرًا من التخاذل من جانب الشباب في عالمنا العربي، سواء من ناحية الالتزام بالشعائر والفرائض كارتداء الحجاب، أو صنع القرارات الشخصية، سواء ما تعلق بالدين، أو بالأهداف الحياتية، وهذا رغم أن بعض التحديات التي يواجهها بعض الشباب المسلم في أسرته ومجتمعه قد لا تعد شيئًا بالقياس بما يتعرض له إنسان يغير دينه بالكلية!
كثيرة هي الدروس والعبر التي يمكن استقاؤها من تجارب غير المسلمين، ولكن الأهم هو الاستفادة منها وتطبيقها، حتى ننفع بالإسلام وننتفع به على أكمل وجه.