لماذا أشارك في مسيرة العودة؟

الرئيسية » بأقلامكم » لماذا أشارك في مسيرة العودة؟
3746_large

تعتبر مسيرة العودة فكرة قديمة بدأت منذ عدة سنوات لكنها لم تجد الصدى الذي وجدته الآن، لكن ولأنها وجدت الصدى الكبير فكان لزاماً على الجميع المشاركة فيها باعتبارها أحد أوجه وأشكال النضال التي تجد قبولاً دولياً، لأنها تخلو من مظاهر العسكرة والسلاح.

وبما أنني لاجئ وتعود أصولي إلى قرية صرفند العمار، وأعيش في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من عشرة أعوام ومحروم من أبسط حقوق الإنسان التي تنص عليها القوانين الدولية، وبما أن المسيرة تحمل عنوان (مسيرة العودة وكسر الحصار) فقد حرصتُ منذ انطلاق مسيرة العودة على المشاركة فيها باستمرار، وقد وفقني الله للمشاركة فيها، فلم أتغيب إلا عن أيام معدودات، كان أحدها بسبب أني أجريتُ عملية جراحية في أسفل قدمي، ورغم ما في مسيرة العودة من تعب وإرهاق وشعور بأن هذه الجمعة قد تكون الأخيرة لأي مشارك، إلا أن الدافعية لم تهبط ولن تهبط إن شاء الله، ففي كل مرة يتجدد عزمي على المشاركة فيها لما أجده فيها من قدرة رهيبة على شحن النفس بطاقة ثورية رهيبة تجعل الإنسان يتفاعل مع تفاصيلها بلا وعيٍ كامل منه، فهو حينما يرى الجميع يتقدم ويقترب من خطوط التماس مع جنود الاحتلال فلا يشعر كيف تمشي قدماه لتلك النقطة؟ وكأن الإنسان وهو على الحدود الشرقية لغزة ينظر إلى مشارف القدس ويشرب من ماء جداول فلسطين، ويستنشق عبير وهواء يافا وحيفا، ويؤكد لغسان كنفاني إننا عائدون إلى حيفا.

وبالعودة إلى لماذا أشاركُ في مسيرة العودة؟

تتعدد دوافع كل إنسانٍ لمشاركته في مسيرة العودة، وهنا أذكر أسبابي للمشاركة :-

أشارك كي أكون من الذين (لا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [سورة التوبة 122].

أنطلقُ في مشاركتي من حديث النبي عليه الصلاة والسلام (من كثر سواد قوم فهو منهم).

أشاركُ لأعبر عن حبي لوطني ورغبتي بأن أكونَ ممن وضعوا سهما في تحريره.

أشاركُ لأني أعتبر مشاركتي هي موقف أخلاقي يميز الإنسان فيه بين حبه لوطنه بالشعارات وحبه بالأفعال.

أشاركُ لأعبر عن حبي واحترامي لأبي وأمي اللذين هُجّرا وهم صغار السن من أرضٍ سرقها منهم الاحتلال وطردهما منها.

أشاركُ كي أكون قدوة لأولادي ومصدر فخر لهم.

أشاركُ كي لا أكون أقل من كل الحيوانات التي تدافع عن بيتها وعشها وتستنفذ طاقتها في عملية الدفاع.

أشارك لأني أرفض أن أكون من الذين (رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ).

أشاركُ كي أرى أرضنا التي يسيطر عيها الصهاينة بمساحتها الواسعة وأشجارها العالية، وأتذكر ما قاله أحمد شوقي (حرامٌ على بلابلهِ الدوح ... حلالٌ للطيرِ من كلِ جنسِ؟).

أشاركُ لأقول بأنني أريد العودة إلى أرض أجدادي.

أشاركُ لأكون شاهداً على بطولات شباب وشابات غزة الذين يواجهون النيران الصهيونية بكل جرأة.

أشاركُ لأكتب ما أرى في عيون المشاركين من تصميم على المضي قدما حتى النصر.

يبقى القول بأن مسيرة العودة ونحن نشارك فيها بمظاهر سلمية خالية من أي مظاهر عسكرة، لا تعني أن التخلي عن الإعداد والمقاومة، بل إن المقاومة هي الخيار الأكثر تأثيراً في العدو الصهيوني، لأن ألف قذيفة من كلام لا تساوى قذيفة من حديد.

ومما لابد من ذكره بأن مسيرة العودة قد ساهمت كثيراً في إعادة بوصلة القضية الفلسطينية في الاتجاه الصحيح، وأحرجت من يدعي حقوق الإنسان بأنك لا تنظر للضحية حين يكون القاتل دولة الاحتلال، ورسالة لمن يظن أن الكيان الصهيوني لا يقهر، فها هم أبناء غزة يقهرونه، ويحسب لمسيرة العودة أنها نجحت جداً في إيصال رسالة لمن أراد تصفية القضية الفلسطينية، بأنكم لن تمروا، لأننا هنا باقون ما بقى الزعتر والزيتون.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …