حدث معي من عدة أعوام، كان يومًا من هذه الأيام التي تستيقظ فيها متأخرًا وأنت على عجلة من أمرك، وفي نفس الوقت تكون لديك تلال من الأعمال فلا تدري بأيها تبدأ. حينها شعرت بالكثير من الضغط والإحباط، وأحسستُ بأن علي أن أشعر ببعض الهدوء وأن أترك بعض الأمور تمر لأعيش في سلام. وفي جلسة التفكر تلك توصلت لـ تسعة معتقدات عن الحياة نعتنقها في عقلنا الباطن وتقف عائقًا في سبيل سلامنا الداخلي:
1- يجب علي أن أقوم بشيء ذي قيمة الآن:
فهذا فكر راسخ يؤمن به الكثير منا، وهو ينبع من هوسنا بالإنتاج والإنجاز، ويظهر هذا في صورة شعور مزمن بالاستياء والتلهف من كثرة الأعباء الملقاة علينا. وعلى الرغم من كون "الأنا" بداخلنا تجعلنا نظن أننا نحتاج هذا الشعور بالضغط والقلق لننجز أعمالنا، فإننا حين نتخلى عنه، يزول شعور القلق ويتم استبداله بشعور من الاسترخاء والطمأنينة. مما يجعلنا نستمتع بما يتوجب علينا القيام به من دون أن نشعر بضغط داخلي يخبرنا أن ما نقوم به الآن هو عمل غير مهم.
2- عندما أحصل على ما أريد، سأصبح سعيدًا:
وهذا فكر آخر خاطئ يؤمن الكثيرون به. ورغم عِلْم معظمنا بأنه ليس من المهم أن نحصل على أي شيء لنحقق السعادة، فإنه من السهل علينا أن نجد أنفسنا منقادين نحو مطاردة من هذا النوع. وللتغلب على هذا الشعور، علينا ننتبه لأنفسنا حين نقوم به، ثم نتمرن على طرد ذلك الأمر الذي وضعناه عائقًا لسعادتنا، ونستبدله بأمر موجود بالفعل يسبب لنا السعادة. وكلما نجحنا في القيام بذلك، كلما سعدنا أكثر بحاضرنا وكَفَفْنا عن الاشتغال بإنجازاتنا المستقبلية.
رغم عِلْم معظمنا بأنه ليس من المهم أن نحصل على أي شيء لنحقق السعادة، فإنه من السهل علينا أن نجد أنفسنا منقادين نحو مطاردة من هذا النوع
3- العثور على السلام الداخلي عسير:
هذه خرافة أخرى تعيق طريقنا. فكثيرون منا يشعرون أنهم بعيدون عن الحصول على السلام الداخلي، ويُغبطون من يحصل عليه. ومن هنا، نشعر أن أمامنا طريقًا طويلًا للوصول إلى ذلك السلام. ربما قرأنا في الكتب أن التغيير الجذري في مشاعرنا أو تصرفاتنا يأخذ سنوات من التدريب. ومع هذا، فإنه يتوجب علينا التخلي عن فكرة أن ما نريده هو بعيد المنال، وأن نفهم أننا حين نتوقف عن الاستماتة عليها فإننا سنكون أهدأ بالًا . وانطلاقًا من هذا، ستصبح عملية التحول الفكري تلك هي الهدف في حد ذاته، وليس تحقق النتيجة التي نطمح إليها.
4- إذا عبَّرتُ عن رأيي بصراحة، سيعتقد الناس أنني ضعيف:
فعادة ما نتعلم صغارًا كيفية إخفاء مشاعرنا السلبية بالذات من غضب وخوف وحزن. وكذا مشاعرنا الإيجابية من سعادة وإثارة. وهذا ما يجعلنا نظن حين نكبر أن التعبير الصادق عن مشاعرنا يتم مجابهته بالرفض من الآخرين. والحقيقة أنه بينما يجاهد كثير من الناس ليكونوا على طبيعتهم بسبب ذلك الاعتقاد، فإن الذين ينجحون بالفعل في القيام بذلك غالبًا ما يتم تلقيهم بالاحترام، لحرصهم على التعبير عن مشاعرهم بالشكل الصحيح وعدم كبتها.
بينما يجاهد كثير من الناس ليكونوا على طبيعتهم فإن الذين ينجحون بالفعل في القيام بذلك غالبًا ما يتم تلقيهم بالاحترام، لحرصهم على التعبير عن مشاعرهم بالشكل الصحيح وعدم كبتها
5- لو عرفني الناس على حقيقتي، فإنهم لن يحبوني:
وهذه ذات المشكلة التي نواجهها مع مشاعرنا. فنحن نخفي نواحٍ معينة من شخصيتنا، فتكون النتيجة أن يَعرِفنا الناس بما نُظهره من صفات أمامهم فحسب. والحقيقة أنك كإنسان أعمق من هذا بكثير، والناس سينجذبون لشخصك الحقيقي أكثر من أي شيء لأنهم يقدرون الصدق .
6- يجب علي أن أكون سعيدًا الآن:
في ثقافتنا، نركز كثيرًا على المقارنات المجتمعية بين الأفراد. وحين لا نكون سعداء، ننظر إلى ما نملك ونشعر بالذنب لأننا لسنا سعداء كفاية. أو ننظر إلا ما لا نملك ونتعجب من عدم كوننا سعداء كبقية الأشخاص من حولنا. فالسعادة ليست أمرًا تحتاج إليه طوال الوقت، إنها ببساطة تذهب وتجيء كأي تجربة في الحياة ولكن الفرق أنها ليست لازمة لتكون إنسانًا.
السعادة ليست أمرًا تحتاج إليه طوال الوقت، إنها ببساطة تذهب وتجيء كأي تجربة في الحياة ولكن الفرق أنها ليست لازمة لتكون إنسانًا
7- أن أكون أفضل ما يمكن، هذا وحده لا يكفي:
فقد بدأت موجة ضخمة في العشرين عامًا الأخيرة تدعو إلى التطور الشخصي. ورغم أن كثيرًا من تلك الأفكار فعالة إلا أنه يمكن استخدامها كدوافع مسمومة. فمعظم الناس لا يشعرون أنهم يرغبون في تطوير أنفسهم لرغبتهم النابعة من أعماقهم في تغيير المجتمع من حولهم، ولكن لشعورهم بأنهم ليسوا جيدين كفاية من الأصل. وحين تخرج من تلك الزوبعة ستدرك أن السباق نحو أن تكون الأفضل لا نهائي و يسبب القلق. وستشعر أنه يمكنك أن تقدر نفسك الآن كما أنت دون الاحتياج لأن تكون شخص آخر حتى تتقبَّل نفسك كإنسان.
8- أنا مدين للعالم!
وهذه ربما تكون من أقصى الأفكار لرغبتنا دومًا في أن تكون الأفضل. ورغم أن الشعور بالامتنان مهم، إلا أنه لا يتوجب علينا السير في طريقنا ونحن نشعر أننا مدينون للعالم أو المكان الذي نعيش فيه، وذلك من خلال محاولة إثبات قيمتنا للآخرين. بينما إذا ما تخلينا عن ذلك الشعور بالدَّيْن والقيد، فإننا سنتمكن فعلًا من العطاء بسخاء.
9- مرَّ عليَّ وقت في الماضي كنت فيه سيئًا للغاية:
فكثيرًا ما نشغل أنفسنا بأمور سيئة حصلت في الماضي تُعيقنا عن الاستمتاع بالحاضر. ونشعر أحيانًا أن ذلك الماضي هو حقيقتنا. وأننا بحاجة لإخبار الآخرين به ممن نعرفهم قبل أن نعطيهم فرصة للتعرف على معادننا الحقيقة أو التي صرنا عليها مؤخرًا. ولكن إذا ما وضعنا في اعتبارنا أن الكثير من مواقف الماضي أقل من أن نلقي لها بالًا، سنتوقف عن الإحساس بأننا مزيفون وسنسعى لتناسي تلك الذكريات.
وختامًا، فإن الكثير من تلك الأفكار غالبًا ما تخطر في بالي، وذلك حين أقابل أناسًا جدداً وأشعر بالحاجة بأن أخبرهم بعض أجزاء من حياتي حتى يعرفونني بشكل جيد. ولكنني سريعًا ما أدرك أن آراءنا في أنفسنا وآراء الناس بنا تتغير مع الوقت. والكثير منا، ما يزال يحتاج وقتًا لينزع كل تلك المعتقدات والأفكار السلبية بداخله ويستبدلها بالمفاهيم الصحيحة. كما علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا في أن هذا الأمر سيتطلب وقتًا ولكنه مع هذا هدف يستحق العناء.
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- https://psychcentral.com/blog/these-9-beliefs-block-your-path-to-inner-peace/