دائماً ومنذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب يطل علينا بتصريحاته المنحازة إلى كيان الإحتلال أنه مع الكيان الاسرائيلي وأن الولايات المتحدة لم ولن تتخلى عن طفلها المدلل في الشرق الأوسط ألا وهو الكيان الاسرائيلي، وتارةً أخرى يطل علينا بتصريح آخر يزعم فيه بأنه مع حل الدولتين وفي العلن هو مستمر وبخطوات ثابتة ومدروسة بتنفيذ ما يسمى صفقة القرن إضافةً إلى نقل السفارة إلى القدس وقطع المساعدات عن وكالة الأنروا والحديث مؤخراًعن التوطين والانقضاض على حق العودة ودفن عملية السلام التي أجهز عليها.
إن المتابع لسلسلة الأحداث المتسارعة واستغلال الوضع العربي المتشرذم والإنقسام الفلسطيني من إقرار قانون القومية الفاشي والصمت الدولي تجاهه ومحاولة هدم الخان الأحمر والبدء بتهويد مايمسى بالمنطقة E1 يلاحظ أن الكيان الاسرائيلي هو المستفيد الأول والأخير من الوضع العربي وهو من ينشر الإرهاب في الدول العربية وآخرها الاعتداءات المستمرة على سوريا والهدف منها نشر الفوضى في المنطقة، لينقض على ما تبقى من فلسطين وليعلن سيطرته بشكل كامل على مدينة القدس ويطرد أهلها منها وليشتت أبناء شعبنا الفلسطيني داخل وخارج فلسطين وليقضي على حق أبناء شعبنا الفلسطيني بالعودة إلى أراضيهم التي هجرو منها.
وكل ذلك يصب في نظام الأبارتهايد العنصري الذي يسعى الاحتلال من خلاله إلى تهويد الضفة الغربية بالكامل وجعلها تحت السيادة الإسرائيلية لتكرار سيناريو التهجير الفلسطيني عندما اغتصبت فلسطين ولتكريس الإنقسام وفصل غزة عن الضفة.
وأود التذكير هنا بأبرز النقاط التي يحملها قانون القومية الفاشي والذي أقره الكنيسيت الإسرائيلي:
هذا القانون الفاشي يقر بشكل علني بأن أرض فلسطين هي الوطن القومي لليهود وأن عاصمتهم الأبدية هي القدس المحتلة وأن حق تقرير المصير فيها "يخص الشعب اليهودي فقط"، الأمر الذي يستثني فلسطينيي 48 ويهمش دورهم السياسي والاجتماعي في البلاد، ويشرع القانون الاستيطان بل ويشجعه ويدعمه، إذ ينص على أن "تنمية الاستيطان اليهودي من القيم الوطنية، وستعمل (إسرائيل) على تشجيعه ودعم تأسيسه"، وفي ما يتعلق بلغة الكيان الإسرائيلي، فقد تم استبعاد اللغة العربية، التي كانت إلى جانب العبرية لغة شبه رسمية للدولة، إذ ستصبح العبرية اللغة الرسمية في إسرائيل، على أن يكون للعربية "مكانة خاصة" وفق ما ينص القانون.
تسير السياسية الإسرائيلية في فلك مصالح الدولة العليا، وفق آليات برغماتية تحقق تلك المصالح، ويعتبر "قانون القومية" خطوة في طريق تحقيق الرغبة والإرادة الحقيقية عند حملة المشروع الصهيوني على اختلاف من يقوده سياسياً بالتخلص من الفلسطينيين، ويدور النقاش حول السبل للوصول إلى ذلك، ولاسيما بعد فشل وسائل التهجير الطوعية والقسرية، حيث تمت بلورة رؤية طويلة الأمد يقوم على تنفيذها كلٌ من الأذرع الأمنية والسياسية في آن واحد في إطار شكلي وقانوني.
وكل ذلك يؤشر بأن "حل الدولتين" الذي يتغنى به ترامب عاد أدراج الرياح ويصب في نهايته في خدمة الاحتلال ومخططات نتنياهو بمنع قيام دولة فلسطينية وتهويد الضفة الغربية بشكل كامل والسيطرة على كامل تراب القدس مما يصعد من المواجهة بين شعبنا الفلسطيني الرافض لهذا القانون الفاشي والكيان الاسرائيلي الذي ينتهج هذه السياسية.
وأخيراً نسنتنج من كل ما تقدم بأنه لا يوجد هناك ما يسمى سلام مع هذا الكيان والذي تدعمه الحكومة الأمريكية المحكومة بالإنحياز الأعمى والكامل لهذا الكيان المغتصب لأرضنا والذي ينشر فاشيته أينما حطت قدمه، أما على الصعيد الفلسطيني، وإزاء المعطيات الراهنة، فإن شعبنا الفلسطيني معني برد يتناسب مع الأخطار الكامنة في هذا القانون، الذي كشف صراحة عن طابع إسرائيل كدولة استعمارية واستيطانية وعنصرية وفاشية، والذي يستهدف شعبنا الفلسطيني كله، في أماكن وجوده كافة، وإعادة الاعتبار لوحدة الشعب الفلسطيني وإنهاء الإنقسام ووحدة قضيته ومصيره، وللتطابق بين أرض فلسطين وقضية فلسطين وشعب فلسطين، وبناء الكيانات التي تعزز ذلك، على الأصعدة كافة لمواجهة هذا الشيطان الإسرائيلي داخل وخارج فلسطين ولتقديم الرواية الحقيقية لما يجري للعالم الذي أمعن نتنياهو وداعموه في تضليله ونُفشل هذه القطبة المخفية بين ترامب ونتنياهو وقانون القومية.
____________________________________________
*مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث - لبنان