غزة والمشروع الوطني الفلسطيني

الرئيسية » حصاد الفكر » غزة والمشروع الوطني الفلسطيني
A Palestinian youth flies a kite during a tent city protest along Israel border with Gaza, demanding to return to their home land, east of Gaza City

يوم تأسست منظمة التحرير الفلسطينية، لم تكن الضفة والقطاع تحت الاحتلال الصهيوني، وكذلك فتح وكل الفصائل الفلسطينية، ما عدا حماس والجهاد، وحين تم صياغة الميثاق القومي ثم الوطني للمنظمة، كان الحديث كله عن فلسطين 48 كأولوية في مشروع التحرير، وكانت المقاومة المسلحة هي الاستراتيجية الاهم في ذلك المشروع.

ثم جاءت اوسلو وتم تغيير الميثاق والاعتراف بالكيان الصهيوني والتخلي عن البندقية، وأصبح الشعار «مفاوضات حتى الممات»، غابت عن المشهد فلسطين 48 وحق العودة والكفاح المسلح، وحل محلها المفاوضات والتنسيق الامني والفلسطيني الجديد، وتم الاستغناء عن جيل الثورة والمقاومة والانتفاضة في كوادر السلطة التي أخذت دور المنظمة، وتم تجاهل فلسطينيي الخارج وجلهم لاجئون أو نازحون، رغم أنهم يشكلون نصف الشعب الفلسطيني، واختلط الحابل بالنابل، وتشوه المشهد وحدث الانقسام وتعمق، غاب المشروع الوطني الفلسطيني الجامع للشعب، كما غابت منظمة التحرير ومجلسها الوطني عن الوجود والشهود. كما غابت كل المؤسسات التابعة لها، وفي خضم ذلك استعرت حركة التهويد والاستيطان في الضفة الغربية حتى باتت تهدد كل مستقبل لدعاة السلام والتعايش ومشروعهم الامني الفاشل.

لم يتوقف الامر عند الشعب الفلسطيني ومنظمته التي أصبحت أثرا بعد عين، ولكن تعدى الامر الى الانظمة العربية التي ارتبط بعضها باتفاقيات سلام مع العدو الصهيوني، وهي اتفاقيات لم تجلب السلام ولا الامن ولا الاستقرار لشعوبها، ثم تبعها علاقات وتطبيع مع أكثر من دولة في المحيط العربي، وزيارات لرئيس دولة الكيان المحتل لعواصم عربية لا مبرر لدخولها على خط التطبيع سوى خدمة اغراض المشروع الصهيوني.

وحدها غزة رفعت رأسها أمام هذا التغول الصهيوني والانبطاح العربي أمام هذا الكيان المحتل، وحدها غزة خاضت ثلاث حروب معه وانتصرت عليه رغم تشكيك المنهزمين بصمودها، وحدها غزة ناطحت مخرز الصهاينة بكفها الجريح وانتصرت عليه وأذاقته طعم الهزيمة التي كانت مرارتها في حلوق المنهزمين أشد منها في حلوق الصهاينة، وحدها غزة حافظت على مشروعية التمثيل الفلسطيني، وعلى روح الميثاق الوطني الفلسطيني، وعلى أهداف المشروع الوطني الفلسطيني، وطوحت بأحلام الصهاينة والمتصهينين من فلسطينيين وعرب، والذين كانوا ينتظرون استسلام المقاومة وانتهاء مشروعها وخروجه من الوجود والشهود.

وفي المحصلة، ستفرض غزة شروطها في المصالحة، واعادة الاعتبار الى منظمة التحرير وإعادة بنائها على اسس وطنية وديمقراطية لتمثل الكل الفلسطيني في الداخل والخارج، وتعيد للمشروع اسسه التي بني عليها اول مرة من وحدة الشعب والارض والكفاح المسلح وعودة اللاجئين وتقرير المصير واقامة الدولة وعاصمتها القدس، وستلقي غزة بصمودها وكبريائها بأوسلو وكل مخرجاتها الى مزابل التاريخ، وستنهي كل أحلام المفرطين والمشككين بقدرة هذا الشعب على انجاز مشروعه الوطني وتحرير أرضه وإقامة دولته.

وحين أقول غزة، فإنني أعني الشعب الفلسطيني الحر، وفصائله المقاومة وعلى رأسها حماس والجهاد وكل الفصائل التي لم تحنث بقسم الولاء لميثاقها ووطنها الواحد الممتد من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى أم الرشراش. حين أقول غزة، أعني روح الشعب الفلسطيني، وحقيقة مشاعر الشعب الفلسطيني، وشرفاء الشعب الفلسطيني، ومقاومي الشعب الفلسطيني، وأسرى الشعب الفلسطيني، وجرحى ومصابي الشعب الفلسطيني، وشهداء الشعب الفلسطيني، وغزة تعني بالضرورة شرفاء الامة العربية والاسلامية، فغزة اليوم هي عنوان هؤلاء جميعا، وهي رمزهم وفخرهم ومشروعهم المستقبلي، واستثني من معانيها ومفرداتها كل المطبلين للمفاوضات والمستعدين للتنازلات، استثني فلول التنسيق الامني ومروجي عقار المفاوضات العبثية، كما استثني المطبعين من كل الملل والنحل داخل وخارج فلسطين. فغزة بجهادها وصمودها تمثل روح الامة وأحرار العالم الذين يقفون الى جانب الحق والعدل، وهم مستعدون دوما لتغيير مسار الهزيمة وتحويلها الى نصر مؤكد، رغم اختلال موازين القوى الآني، والذي لن يدوم طويلا كما علمنا التاريخ وسيرورة الصراع الازلي بين الحق والباطل.

معلومات الموضوع

الوسوم

  • المقاومة
  • غزة
  • مراجع ومصادر

    • صحيفة السبيل الأردنية
    اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    قراءة سياسية في عبادة الصيام

    عندما نضع الصيام في سياق العبادة في الإسلام نجد أن العبادة وسيلة تحقق غايات عليا …